كيف تَقَبَّل إبراهيم أصلان اختلاف فيلم الكيت كات عن أحداث رواية مالك الحزين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
حقق فيلم الكيت كات المأخوذ عن رواية مالك الحزين للكاتب إبراهيم أصلان نجاحًا كبير وقت عرضه ونال عدة جوائز من ضمنها مثلاً في مهرجان جمعية الفيلم الثامن عشر، حيث حقق 7 جوائز «أحسن فيلم، وأحسن ممثل، وأحسن سيناريو، وأحسن مونتاج، وأحسن موسيقى، وأحسن إخراج».[1]
اختلافات فيلم الكيت كات عن رواية مالك الحزين
لم يتأثر فيلم الكيت كات نقديًا في جزئية اختلافه التام والجذري عن رواية مالك الحزين، وربما كان ذلك شيئًا يستثير شهية بعض الصحفيين لإثارة المشاكل بين المخرج داود عبدالسيد ومؤلف الرواية إبراهيم أصلان.
حتى يتسنى لجمهور الفيلم الذين قد يكون بعضهم أو جزء كبير منهم ليس من جمهور الرواية، فإننا نقدم مجملاً لأبرز الاختلافات، ففي دراسة حديثة كتبها الباحث المغربي محمد فاتي لمجلة العربي فإننا نجد أن أكبر اختلاف بين الرواية والفيلم هو شخصية يوسف النجار، فهو في الرواية مثقف مهموم كان له دور طلابي في مظاهرات الطلبة خلال شهر يناير 1972م للاعتراض على تأخر الحرب ضد إسرائيل، ثم يواجه العجز في أحداث 18 و19 يناير 1977م فلا يشارك بالأحداث.
اقرأ أيضًا
“مِنَ السرادقات للبلاتوهات” من هم مقرئين أشهر مشاهد العزاء في السينما؟
أما في الفيلم فقد جعله المخرج داود عبدالسيد ابنًا للشيخ حسني وجعل من أم يوسف أمًّا للشيخ حسني وجدةً ليوسف، أما يوسف فهو شاب يحلم بالسفر للخارج بعدما فشل في الحصول على عمل بالداخل، ولم يتم التطرق خلال الفيلم لا إلى ثقافته ولا إلى حراكه السياسي.
يضاف إلى الاختلافات الجزئية أيضًا «أن تحويرًا مهمًا قد لحق صورة الشيخ حسني، إذ قدّمتها الرواية بهذا الشكل: (لحية طويلة بقّعها البياض، قامة نحيلة، رأس حليق)، أما الفيلم فيقدم لنا صورة شيخ وسيم ودود، كما جعل الشيخ حسني يتقبل وسامًا من الرئيس جمال عبدالناصر لا من الملك فاروق (كما في الرواية)، فضلاً عن أن عديد الأحداث الروائية تعرّض لعمليات تقديم وتأخير في الفيلم، فأخّر حدث موت العم مجاهد وليلة التأبين في الفيلم بعكس الرواية مثلاً».[2]
كيف تقبل إبراهيم أصلان الاختلافات
لم تفوت الصحافة تلك الاختلافات وقت عرض الفيلم سنة 1991م، وبادر الصحفيين لأخذ تصريحات من إبراهيم أصلان فقال من ضمن ما قال «تغيير علاقة يوسف بالشيخ حسني أزعجني جدًا في البداية حين قرأت السيناريو، لكن بعد ذلك لم أشعر أن الفيلم غريب عن عالمي، فرغم تغيير العلاقات وتسلسل الأحداث فإن المكان موجود والحوار هو نفسه حوار الرواية فلم أشعر بأي غربة لما تميزت به المعالجة من ذكاء، ويجب أن ندرك أن الحفاظ على العمل الأدبي بالكامل عند تقديمه على الشاشة أمر مستحيل ولا ينبغي أن نطالب السينمائيين به، والأهمية الحقيقية للفيلم تكمن في أنه يقدم الصيغة التي يبحث عنها جيل كامل من من المبدعين في السينما فهو لا يقدم أي تنازل فني إلا أنه يستطيع الوصول إلى الناس ببساطة واقتدار، وبالنسبة لي شخصيًا فإنه أقنعني تمامًا بأن العلاقة الصحيحة بين العمل الأدبي والعمل السينمائي لا تقاس بمدى التماثل بينهما وإنما بمدى عمق التعبير السينمائي عن مضمون وأجواء العمل الأدبي».
داود عبدالسيد قال أن تغيير العلاقات بين الشخصيات راجع لمحاولة تقديمها في شكل سينمائي والذي يتطلب التركيز على شخصيات معينة وخلف علاقات جديدة بينها ولا أعتقد أن أحداث 1977م محورية أو تمثل جزءًا عضويًا من نسيج الرواية وهي في الفيلم لا مبرر لها على الإطلاق.
وعلق إبراهيم أصلان على ذلك بقوله «صحيح تمامًا أن الأحداث لا مبرر لها في السياق الذي اختاره داوود ومن خلال رؤيته الذاتية ليوسف النجار، وهي رؤية لا علاقة لها بتصوري ليوسف كمثقف يمثل في واقع الأمر قطاعًا كبيرًا من المثقفين الذين لا يقدرون على الفعل إلا في ظل ظروف يكونون قد أسهموا في وضعها بشكل ما، وأعتقد لو أن كانت هناك إشارة ما إلى الأحداث السياسية لاكتسب الفيلم عمقًا أكبير لكني لا أفرض رؤيتي على المخرج ويكفي أنه عبر بصدر عن روح الرواية».[3]
[1] محرر، 7 جوائز لفيلم الكيت كات، جريدة السياسي، عدد 16 فبراير 1992م.
[2] محمد فاتي، الكيت كات… مالك الحزين .. بين الرواية والفيلم، مجلة العربي، ع731، أكتوبر 2029م
[3] مصطفى خلف، مالك الحزين يواجه حالة من العجز .. شروط سينمائية لتحويل الرواية إلى فن تحافظ على الروح وتحول المكان إلى بطل حقوقي، جريدة القبس الكويتية، ع6628، يوم 12 سبتمبر 1991م، ص11.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال