كيف ساهمت السينما في قهر المرأة العربية؟
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
إذا أراد الرجل العربي تحقير لفظ أنثه، ملاحظة كافية لنرصد النظرة الدونية للمرأة في عالم ذكوري خالص صنعته المجتمعات العربية بنسائها قبل رجالها عبر مئات السنين، لكن السينما هذا الفن الثائر بالأساس والذي جمع بداخله كل الفنون الأخرى أيضاً ساهمت في تلك النظرة للمرأة عبر تاريخها القصير، وبما أني الهانم فلقد رصدت شكل المرأة الذي صنعه الذكور.
السينما وحدها من جعلت صورة المرأة هامشية حين أعطت ٩٠٪ من بطولاتها الحقيقية للممثلين الذكور، حيث عانت السينما المصرية من ندرة الأفلام المصنوعة للمرأة وبقية بطلة الفيلم شخصية هامشية من أجل إكمال القصة، وصنعت كليشيهات لشخصيات نسائية ترسبت في وجدان المصريين عبر عشرات السنين مثل الأمثلة التالية:
١- المرأة المطلقة:
امرأة لعوب تحركها رغبة جنسية لا متناهية، تلعب على غرائز الرجال وخاصة المتزوجين منهم وتحاول خطفهم من زوجاتهم، ترتدي دائما ملابس مثيرة وتصنع حولها دائرة من الراغبين فيها.
صورة نمطية لا تمت للواقع بصلة عانت بسببها مئات المطلقات من نظرة الأهل والجيران والمجتمع، وأصبحت كل مطلقة “هياتم” عائلتها التي تطاردها عيونهم كلما فكرت في العمل أو الإستقلال أو مجرد الخروج من المنزل.
ساهمت السينما في تحويل المرأة المطلقة لعار يمشي على قدمين.
٢- ربة المنزل
كانت “أمينة” الشعار الأمثل لربة المنزل، وصار انكسارها الذليل أمام “سي السيد” حلم أغلب الرجال في ظل مجتمع ذكوري خالص، حيث صار الأسهل للرجل أن يبحث عن أمينة حتى لا يكلف خاطره ببذل مجهود لنيل ثقة وحب الطرف الأخر.
الضعيف الكسول وحده يحلم بزوجة مثل “أمينة” يأمرها فتأتمر، يخونها فتغمض عينيها، ينهرها فتنحني رأسها دون وضع أي اعتبار لكون الزوجة شريكة وفاعلة حتى لو كانت مجرد ربة منزل، لأنها تحمل العبء الأكبر في الأسرة .
كل رجل يتمنى أن يكون “سي السيد” عليه أن يراجع نفسه لأنه يعاني وسيعاني.
٣- شرف البنت
“شرف البنت زي عود الكبريت” عبار مقيتة رددتها السينما واختزلت مع المجتمع الشرف في غشاء بين فخذي المرأة، لم يعد الشرف هو تحمل الأمانة والنزاهة وعدم الكذب وغيرها من الفضائل، وصارت المرأة متهمة بغشائها وحده يهبها شهادة الشرف والطهارة.
وشغلت قضية عذرية البنات بال العديد من كتاب السيناريو إلا أن أجرأها كان فيلم “أين عقلي” الذي عانى فيه بطل الفيلم نفسياً بسبب الزواج من امرأة فقدت عذريتها.
جعلت السينما المرأة التي تفقد عذريتها إما عاهرة أو مغتصبة أو مغرر بها لأنها رأت بضميرها أن المرأة لا يجوز لها الاختيار وعليها أن تنتظر العريس الذي “يفك السيلوفان”.
٤- المرأة العاملة
صراع وهمي خلقته السينما المصرية بين المرأة العاملة وزوجها، صراع شمل انشغالها عن البيت والأطفال وإهمال زوجها، رسخت السينما في الرجال كراهية الزواج من المرأة العاملة، تلك التي إما أن يشغلها نجاحها المهني عن بيتها أو يدفعها لإهمال البيت بحثاً عن نفسها.
المدهش أنه بعد ما يزيد عن مائة عام من عمر السينما صارت النساء العاملات أغلب المجتمع، يحملن بيوتهن فوق ظهورهن للعمل دون أن تقصر أغلبهن، لكن الرجال مازالوا يهرعون لعبارة “أصل شغلها واخدها من البيت” دفاعاً عن تقصيرهم وعدم تقديم العون الكافي.
٥- المرأة المعيلة
حسب احصائيات مراكز المجتمع المدني المهتمة بقضايا المرأة تعيل نصف أسر مصر النساء، وتشارك في اعالة أسرهن مع الزوج حوالي ٢٥٪ من الأسر وعلى الرغم من هذا تجاهلت السينما المصرية وربما عن عمد تلك القضية الهامة، وجعلت المرأة المعيلة مجرد نائحة مضطرة حزينة تعاني فقط لأنها أجبرت على تحمل تلك المسؤلية.
في الحقيقة عزيزتي السينما هذا العصر وما سوف يتلوه للنساء فقط هن أقدر وأكثر حنكة على التفوق والنجاح.
أخيراً ربما استقت السينما ذاتها من مجتمعها الذي يعج بالكثير من القهر والظلم للمرأة خاصة أنها عجزت في الدفاع عن نجومها ورسخت نظرة منحلة للفن والفنانين وجعلت نظرة أغلب أفراد المجتمع للممثل والممثلة التي يهرع للتصوير معه أو معها ويرفع الصورة على مواقع التواصل قادر وفي ثانية واحدة أن يقول وبضمير مرتاح “ الوسط الفني كله قذر”.
رحم الله المرأة من مجتمعها وسينما عجزت على أن تثور في وجهه.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال