همتك نعدل الكفة
504   مشاهدة  

كيف كشفت أكبر وأحدث مدرسة في الزقازيق أكبر مشاكلنا؟.. “مين المسئول”

قصة
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



قصة ليست عجيبة

ربما دائما ما نسلط الضوء على مشكلة الوعي لدى البعض، وأتفهم الأسباب فلا يمكننا في هذه المرحلة أن نتحمل السلبيات سواء قام بها المسئول أو المواطن لكنني مع ذلك أدرك إن الدنيا فيها خير لذلك فإن الجملة الدارجة (ربنا ساترها) ماهي إلا نتيجة لمن اختار أن يكون إيجابيًا في قصص من حوله وهم على كثرتهم لا يذكرهم أحد حتى لو كانوا ضمن المسئولين، على كل حال هذه ليست دعوة لمشاركة النماذج الإيجابية على قدر ما هي مقدمة لقصة ليست عجيبة في مصر لكنها جديرة بالتأمل.

المدرسة الأكبر والأحدث والأكثر تطورًا في مدينة الزقازيق لا يوجد بها (حارس) أو فرد أمن، حيث يدخل أولياء الأمور إلى الفصول دون أن يستوقفهم أحد ويصطحب كل منهم أبنه أو ابنته دون أن يقاطعه مدرس أو مشرف أو أمن ويسأله بتعمل ايه؟، لذلك قرر أولياء الأمور وفق أولوية الأمن والحفاظ على أبنائهم وحمايتهم التكفل بتعيين مؤقت لفرد أمن على نفقتهم الخاصة وذلك بعد إلحاح على إدارة المدرسة التي لا يبدو أن لديها إجابات عن عدم جاهزيتهم للعام الدراسي الذي لم يكن مفاجأة، لكن مفهوم أن أمن الأطفال أهم من تعليمهم بدا أمرًا منطقيًا ليكون هذا أول أمر ينجزه أولياء الأمور.

قصة
قصة افتتاح الوزير لمدرسة الشهيد عمرو شبل

في أكتوبر العام الماضي ٢٠٢٠ تسلم قطاع شرق الزقازيق بهيئة الأبنية التعليمية مدرسة الشهيد عمرو شبل الرسمية اللغات التي تعد أكبر مدرسة للغات على مستوى المحافظة من حيث المساحة وأعداد الفصول، وتقرر دخولها الخدمة العام الدراسي الجديد، حتى تسهم في حل أزمة الكثافة بمدارس الزقازيق.

 

تناقلت المواقع خبر إنشاء المدرسة بسعادة واستبشار وأجرت اللقاءات مع المعنيين بينما تزين لوحة الافتتاح الرخامية خلفية المتحدثين، تضم المدرسة ٥٦ فصلًا على مساحة ٤٤١٠ متر مربع بينهم ١٠٥٥ متر مربع مساحة مباني وتحوي مراحل الدراسة كافة من مرحلة رياض أطفال إلى الثانوية العامة، المدرسة الجديدة الكبيرة التي استغرق بناءها ١٢ شهرًا بتكلفة ٢٤ مليون و٨٠٠ ألف جنيه مصري مزودة بأحدث معامل العلوم من كيمياء وفيزياء مع أحدث الأجهزة و معامل الحاسب الآلي والأنشطة، وصالات متعددة الأغراض وعلى ذلك أعلنت المدرسة عن قبولها التحويلات من مدارس اللغات بداية من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثالث الإعدادي.

قصة
مباني المدرسة

كان افتتاح مدرسة حكومية للغات بالمستوي الفائق خبرًا منقذًا للأسر التي لم يعد باستطاعتها تحمل تكلفة المدارس الخاصة والتي زادت من مصروفاتها بشكل لا يتناسب مع جائحة عصفت بالعالم وفي بلد مقيد بإجراءات الإصلاح الاقتصادي.

 

وبعد أن أتم أولياء الأمور إجراءات التحويل الورقية التي تتم على خطوات بين مدرسة الطالب القديمة والإدارة التعليمية التابعة لها ثم المدرسة الجديدة والإدارة التعليمية التابعة لها والتي تسير على النحو التالي:

يُقدم طلب للمدرسة القديمة بالرغبة في التحويل ثم يتم طلب شهادة تفيد بأن الطالب ناجح في مدرسته ومنتقل للمرحلة التالية

يتوجه ولي الأمر بما سبق إلى الإدارة التعليمية التي تتبعها المدرسة القديمة لاعتماد بيان النجاح

ثم يتوجه ولي الأمر بعد ذلك وبحوزته بيان النجاح إلى المدرسة الجديدة لطلب تحويل ومن ثم يحصل على مستند بموافقة الطالب لمعايير المدرسة الجديدة ليأخذ ولي الأمر هذه الموافقة ويعود مرة أخرى للإدارة التعليمية المسئولة عن المدرسة القديمة لتوافق على التحويل بتوقيع إدارات التعليم الخاص وتعليم المرحلة ثم يعود ولي الأمر بكل هذه الموافقات والاعتمادات للمدرسة الأصلية القديمة لاستلام ملف الطالب بشكل نهائي ويذهب به إلى المدرسة الجديدة فتسلمه أوراقًا تفيد بتقديمه الملف يأخذها بدوره للإدارة التعليمية الجديدة التي تقع المدرسة الجديدة ضمن نطاقها، – لم ينتهي الأمر بعد وليس فيما سبق أي مشكلة – ثم يقدم ولي الأمر طلب تحويل إلكتروني بمصروفات رمزية – حوالي ١٥ جنيه –

قصة
قصة تجهيزات المدرسة

لكنه يتفاجأ عندما يصطحب ابنه أو ابنته أول العام الدراسي إلى مدرستهم الأكبر والأحدث بحماسة وسعادة بعد (الكعب الداير) ولسان حاله أخيرا سأرتاح، أن التحويل الإلكتروني لم يتم وعليه فالطلاب رسميًا لا تزال مقيدة في مدارسهم القديمة ويترتب على ذلك عدم قدرة أولياء الأمور على سداد المصروفات الأساسية التي يتم دفعها بواسطة البريد حوالي ٣٥٠ جنيه – وهي غير المصروفات الخاصة التي تضاف للتجريبية والتي يتم سدادها مباشرة داخل المدرسة – ويترتب على عدم اجراء التحويل الإلكتروني أيضًا عدم إعداد كشوفات الطلاب وهذا هو التبرير الذي أقرته المدرسة عندما حضر الطلاب ولم يعرفوا إلى أين يتجهون دون قوائم معلنة وأين أسماءهم!

وتحت ضغط أولياء الأمو بدأت المدرسة في إعداد كشوف بأسماء الطلاب بناء على موافقات التحويل الورقي ولم تنتهي منها حتى ساعة كتابة المقال

 

لكن العقبات لم تنتهي بعد فقد كان أولياء الأمور قد قرأوا قرار الوزارة بضرورة الدفع قبل استلام الكتب لتمكين المدارس من تعيين المعلمين ولو بعقود أو انتداب

ولكنهم لم يتمكنوا من دفع المصروفات الخاصة بالتجريبية لأنها لم تحدد بعد ولأن المدرسة لا يوجد بها إدارة مالية.

إذا لنلخص ما فات: لا يستطيع ولي الأمر سداد المصروفات الأساسية عبر البريد لأن التحويل الإلكتروني لم يتم

ولا يمكن لولي الأمر سداد المصروفات المقررة للتجريبي والتي ربما تزيد قليلًا عن ٢٠٠٠ جنيه لأنها غير محددة القيمة بشكل نهائي ولأن المحاسب لم يتم تعيينه أيضًا

قصة

إن كنت لا تزال معي – أرجو ذلك – ولم تغادر المقال يأسًا أو ضحكًا من ذاك النوع الذي يشبه البكاء، فأنت بالتأكيد جاهز لأن تعرف أن المعامل الحديثة لن تنفع الطلاب دون كفاية من المعلمين حيث يوجد في المدرسة الآن مدرس للعلوم وآخر للرياضيات وواحد أيضًا للغة العربية وربما لم يتجاوز معلمي اللغة الإنجليزية ثلاثة معلمين، وعلى الموجود أن يسد بقدرته لكل الصفوف ومع اختلاف المراحل الدراسية.

 

محاولة شجاعة لا يمكن أن تنجح

 

بعد أن نجح أولياء الأمور في أقناع مديرة المدرسة – التي لا أعرف لماذا لم تعين الوزارة محاسبًا بديلًا عنها- في موافقتها تحمل الأهالي مسئولية تعيين فرد أمن والتكفل بمستحقاته لحين إشعار آخر، كما نجحوا أيضًا في إقناعها بضرورة إعداد كشوف الطلاب المبدئية حتى إنهاء التحويل الإلكتروني والذي قد تتساءل الآن، ولماذا لم يتم هذا التحويل الإلكتروني اللعين؟

(سأجيبك: يوجد موظف واحد فقط يعمل مُدخلًا للبيانات في الإدارة التعليمية وهو مسئول عن إدخال بيانات جميع الطلاب الجدد والمحولين والمنتقلين من مرحلة دراسية إلى مرحلة أخرى وهذا العمل عليه أن ينجزه لجميع المدارس التابعة للإدارة التعليمية التي يعمل بها.)

 

نعود إلى محاولات أولياء الأمور إنقاذ فرحتهم بالمدرسة الأكبر والأحدث حيث اجتمعوا سويًا ووضعوا مقترحًا مبدئيًا لم يوافق عليه جميعهم بل انقسموا حوله بين فريق (عايز يساعد) وفريق (احنا هربنا من استغلال الخاص مش علشان ندفع هنا)

 

وكان مجمل ما اقترحوه مقسمًا وفق الأولويات

التي تبدأ من توفير أدوات النظافة والمنظفات وتعيين عمال نظافة ومشرفات لمراحل الروضة

تجهيز ملعب النجيلة لتمكين الطلاب من ممارسة الأنشطة الرياضية بدلًا من الساحة الرملية الحالية.

تجهيز المقصف (الكانتين) ووضع نظام رقابي لمحتوياته

ولقد اقترحوا مساهمة أولياء الأمور بمبلغ ٢٠٠ جنيه عن كل طالب وهو ما يفي بالحاجات السابق ذكرها حيث يمكنهم جمع نحو ٣٠٠ ألف جنيه شهريًا عن ١٥٠٠ طالب وطالبة، حيث استوعبت الفصول طاقتها القصوى في عامها الأول من الخدمة حيث تضم المراحل الأساسية نحو٤٠ طالب وطالبة في الفصل الواحد بينما يوجد ٥٠ طالب وطالبة في كل فصل دراسي بمرحلة رياض الأطفال.

أما عن توفير المعلمين بالعدد الكافي أو استلام الكتب فهو خارج قدرتهم على الطرح وبحسب ما علمت فقد تفاجأوا من إعداد المدرسة قائمة بالطلبات المقررة     ( السبلايز) والتي كان أولياء الأمور تخيلوا أنهم تحرروا منها للأبد بمغادرتهم المدارس الخاصة.

 

وعلى الجانب الآخر يمكن أن تتوقع رفض الوزارة تعيين معلمين بهذه المدرسة لعدم سداد المصروفات التي لا يستطيع أولياء الأمور سدادها لأسباب خارجة عن إرادتهم وهكذا طالما أن ما يهم الفرد هو أن يتم مهمته دون أن يطمئن للنتيجة التي يجب أن تتحقق بعد تمام إنجازه، سيبقى الحال منهكًا.

إقرأ أيضا
الكرتون

اسمع أيضا

يوميات واحدة ست – مع رشا الشامي

 

لذا ومما سبق أود أن نعيد النظر في المنهج الرياضي الذي نقيس به أداء المهمات باعتباره منهجًا لا يعبر ولا يقيس النتاذج، حيث أنه لا يعبر عن الفاعلية التي نريدها أن تتحقق بقيامنا بأمر ما، فعلى سبيل المثال ليس الهدف أن ننشأ عددا من المدارس بينما ننشأ المدارس لنعلم عددًا من المواطنين وهكذا، نريد أن نقيس نجاح كل مهمة بالمنهج الطبيعي الذي ينظر لجميع المؤثرات ويقيس التأثيرات الناتجة عن الأداء بالجوانب كافة دون نظرة أحادية، فماذا نفعت أكبر مدرسة في ظل انعدام الرشد الإداري!

بشكل مبدأي أعتقد أنه كان يمكننا تجنب نصف العقبات دون إنفاق جنيه واحد فقد إن تغيرت الطريقة التي نقيس بها أداء المهمات وتقدير الكفاءة وتجاهل الفاعلية لما نقوم به، فبحسب المنطق مدرسة على هذ المستوى من المعامل والتجهيزات لو لم يتم مراعاة جودة الخدمة المقدمة فإن الأموال التي أنفقت على هذه التجهيزات يمكننا أن نعتبر أن أكثر من نصفها قد ذهب هدرًا دون فائدة ترجى.

وعلينا أن نطرح الأسئلة الصحيحة التي يكنني الان ارتجاليًا أن أضع بعضها:

في ظل إقبال الأسر على التعليم الحكومي وتركهم التعليم الخاص بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكلفته كيف سنواجه عجز المعلمين الذي سيزيد حتمًا بشكل متضاعف؟

كيف يمكننا حصد ثمار المدارس التي تنشئها الحكومة أو عبر مبادرة حياة كريمة بينما تتضاعف أعداد الطلاب بسبب التحويلات من جهة والانفجار السكاني من جهة أخرى؟

هل لدينا خطط ما يمكنها مساعدة أولياء الأمور على عدم هجر التعليم الخاص؟

 

في النهاية لا يمكنني إعفاء الوزير بحجة قلة الحيلة لسببين، أولهما أن من ضمن مهماته أن يجد حلولًا خارج الصندوق أو داخل القمقم حتى لا تلقى استثمارات الحكومة في الأبنية التعليمية مصير مدرسة الشهيد عمرو شبل على الأقل

والثانية أن لديه أولياء أمور يمكنه الاعتماد عليهم واستمالتهم في مساعدته على تقبل وتحمل ودعم تطبيق سياسته التعليمية التي تهدف إلى تعظيم قيمة التعليم الفني والتي لا يلتفت إليها الإعلام بقدر تصريحاته التي أرجو أن يعيد مراجعتها حيث لا تخلف عليه سوى استعداء أولياء الأمور وهم ضلع مهم في نجاح مشروعه وليس صحيحًا أن جميعهم متطلبون وكثيري الشكوى.

 

وربما نحتاج للحظة صدق مع أنفسنا ونقيس فعليًا حجم التعليم الحقيقي الذي يخرج به الطالب بعد كل هذه الأرقام والمليارات المرعبة، ربما يكون الحل ناتجًا عن هذا القياس الصادق.

رحم الله الشهيد عمرو شبل الذي قدم روحه ضحية العمل الإرهابي الغادر والمعروف إعلاميًا بمذبحة رفح الثانية في ١٩ أغسطس ٢٠١٣ونرجو أن يرتبط اسمه وجميع الشهداء بقيم عليا تليق بأرواحهم الغالية التي بذلوها.

 

الكاتب

  • قصة رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
3
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان