كيف نفسر تعاطف البعض مع الأشرار؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أمام الأعين ، أي ليس عن قصة حكاها أحدهم .. عِشنا جميعًا قضية مقتل فتاة المنصورة البريئة نيرة أشرف، على يد ذئب وقع في قبضة المحكمة العادلة وينتظرمصيره .. وكانت الواقعة قد تم تصويرها أي لا شك فيما حدث .. عدة طعنات أودت بحياة البريئة وتبعها نحرًا للرقبة، في مشهد هو الأبشع على الإطلاق، هز الرأي العام المصري والعربي معًا على السواء .. بل وصلت الأنباء إلى وكالات الأخبار العالمية وحظت القتيلة البريئة فتاة المنصورة على تعاطف الجميع، مما يدل على صحة العقل الجمعي .. ولكن، وبعد أول جلسات المحاكمة، وفيها أُتيحت الفرصة للمتهم محمد عادل للحديث للمرة الأولى عن وقائع الحادثة .. وتحدث باستفاضة .. والعجيبة في الموضوع .. أن بعد كلامه رصد إعلاميون نبرة جديدة دخيلة على موجة التعاطف مع القتيلة نيرة، وتلك النبرة هي نبرة تصديق بعد ما قاله المتهم أو كله، نبرة تخللها بعض التعليقات التي ألقت اللوم على زوي “نيرة” في أنهم كانوا أحد الأسباب التي دفعت المتهم لارتكاب تلك الجريمة الشنعاء .
وفي مجموعة مقالات نُشرت في عدة مواقع إلكترونية إنجليزية .. المقالات بعنوان”لماذا نتعاطف مع الأشرار على الشاشات”؟ ” لماذا نشعر بالتعاطف مع الأشخاص السيئين؟” .. “لماذا نتعاطف مع المجرمين؟” .. انتقينا لك عزيزي القارئ أبرز النقاط التي يقول كُتّابها أنها أسبابًا رئيسية لخاق حالة من التعاطف مع المجرمين .. وفي تلك المقالات يُرجع المقال الأول السبب لأن الأوغاد يخالفون القواعد ولا يشعرون بالذنب حيال ذلك كما أنهم يفتقرون لأي شعور بالندم، لذلك من الممتع عند البعض مشاهدة هؤلاء من خلاف الشاشات وتسرّب حالة من التعاطف عند البعض مع هؤلاء لأن الأشرار في مفهومهم هم أبطال لم يتمكنوا من التغلب على عيوبهم الأخلاقية وقرروا صناعة مصيرًا رهيبًا للغاية .. وأبرز الأمثلة على تلك الحالة هي تعاطف كثير من المشاهدين مع الشخصية السينمائية التي تلعب فيلم “الجوكر”، وفيه يرتكب الجرائم المتتالية لكن – ويا للعجب – يجد الجوكر الكثير من التعاطف والإعجاب معًا !
أما المقال الثاني فيُرجع كاتبُه تعاطف البعض مع الأشخاص المنحرفين سلوكيًا يأتي بشكل أساسي من سياسة المجلات المصورة ودور النشر للكتب البولوسية لإظهار القَتَلة على إنهم أبطال ذو طابع خاص في شخصياتهم كما أن تلك الشخصيات تُكتب بالأساس على إنها عنصر الجذب الذي سيُخرج القارئ نقوده من جيبه ويشتربي القصة أو الرواية بسبب التسويق له .. كما إن تلك المؤسسات الإبداعية تعتمد على إظهار الرجال الشرفاء على هيئة أُناس مملين وإيقاع حياتهم شديد الهبوط ويصيب شركائهم بالبرود في الحياة عمومًا .. هذا هو سحر متعة مشاركة الجريمة عبر خيال القصة والرواية والأعمال الفنية التي تُشكّل عقل المشاهد كيفما تريد .
وأخيرًا ما قاله كاتب المقال الثالث وقد تسائل في سطوره الأولى “لماذا نتعاطف مع النماذج الخسيسة من البشر؟ وأوضح نقطة شديدة الخطورة وهي شك الإنسان الدائم في أن هناك جانب وحشي منه لم يظهر بعد، فعند رؤية النماذج الخسيسة من القتلة والمجرمين فإنهم بذلك يزيدون لديه الشكوك .. ويكون بذلك التعاطف مع المتهم هو تعاطف شخصي لكل مُتعاطف مع نفسه تبريرًا لنفسه قبل المتهم في أن يكون يومًا من الأيام وحشًا كالوحش الموجود أمامه !
المصادر :
مقالات المواقع الإلكترونية : “teenink – ncbi – thetacomaledger”
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال