كيف وقع كمال الطويل في فخ “الخال” بسبب “فلسطين” ؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كانت للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي صولات وجولات في الكتابة عن القضية الفلسطينية، بل إن القضية مثَّلت محور كبير في أشعار الأبنودي سواء في الدواوين أو الأغاني، ومن أشهر دواوين الأبنودي في القضية الفلسطينية “الموت على الأسفلت” والذي أهداه للفنان الفلسطيني الكبير ناجي العلي، وكان الديوان تعقيبًا على الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وكانت لأغنية “فلسطين” قصة خاصة من حيث الإنتاج والتوزيع والبث، وكتبت جريدة الأحرار عام 1997 عن قصة تلك الأغنية وكانت القصة على لسان “الأبنودي” نفسه.
أغنية “فلسطين” كتبها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ولحنها كمال الطويل الذي صنع أغلب أغنيات العندليب الوطنية .. ولقد جاءت الأغنية كالقنبلة الموقوتة تجاه سياسة الاستيطان الاسرائيلي ومحاولتها لتهويد القدس الشريف واعادتنا مرة لذكريات أغنية “المسيح” التي سطرها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي وأنشدها عبد الحليم حافظ على مسرح “ألبرت هول بلندن” .. والتي قال فيها في القضية الفلسطينية ما يريد كل عربي أني يقوله في سطور بسيطة وقوية ومعبرة عن انتفاضة الحجرة والمنعطف الخطير الذي تمر به هذه القضية.
وعن قصة أغنية “فلسطين” التي ألهبت حماس الحاضرين بإحدى القاعات في مركز القاهرة للمؤتمرات، ويحكي “الخال” ويقول الشاعر عبد الرحمن الأبنودي : إن هذه الأغنية كُتبَت عن فلسطين في وقت مضى واستطعت أنا وهاني شاكر أن نبتز كمال الطويل كي يلحنها خاصة وأن موقفه من التلحين مُعلن وهو لا يعل إلا في تترات نادرة، ولكن مع بقايا الجيل من أمثالي يختشي قليلًا، ثم إن قضية فلسطين من الصعب التهرب منها ولذا فقد أتم اللحن في أربع ساعات واللحن يعتمد على جملتين موسيقيتين أساسيتين، واختطفا الأغنية ووزعوها وتم تسجيلها في الاستوديو ولكم لم نجد الفرصة لغنائها في مصر، ولم يكن هذا ممكنًا إلا بمساعدة العدو الصهيوني .. فجمعته من أحداث قانا في الجنوب اللبناني وأحداث المسجد الابراهيمي ومرورًا بحفر النفق تحت الأقصى والحوادث اليومية وأخيرًا بناء المستوطنة الاسرائيلية في جبل أبو غنيم المشرف على القدس الشرقية فلم تعد الحكومات العربية بقادرة على منع أغنية مثل هذه.
ويحكي الأبنودي ويقول هكذا فكرنا من جديد في تقديمها بعد أن غيرت بعض مقاطعها للتواءم مع أحزان الفترة وإصرارنا على ألا تحتل إسرائيل القدس الشرقية أو تهويدها كما نفعل الآن وطلبنا من سهير الإتربي رئيسة التليفزيون بقيام هاني شاكر بغنائها لتكون أغنية ضد التطبيع والممارسات التعسفية الاستفزازية الاسرائيلية. وترتسم على وجه الأبنودي ابتسامة بسيطة يغلفها حزن على ما يحدث في الأراضي المحتلة.
ويقول بصوت محشرج بدا عليه البكاء: إنني لم أكن أظن أن الجمهور سيتجاوب مع هذه الأغنية كل هذا التجاوب .. فمنذ غنّى هاني شاكر الأغنية لم يكف تليفوني عن الرنين وأظنها المرة الأولى في تاريخ الأغنية المصرية التي يبكي فيها الموسيقيين أثناء عزف الأغنية، ولو كان متاحًا أن نقدم أغنية مثل هذه في كل حفلة لما أحسسنا بالأزمة الطاحنة التي تعانيها الأغنية المصرية.. فبلا شد أن أغنية وطنية صادقة تغفر الكثير من مآسي الأغنيات العاطفية المُبتذلة، ولا شك أن ما صنع مجد عبد الحليم حافظ وأعطاه هذا الاستمرار هو العطاء الوطني لأغنياته التي أرخت للفترة السابقة في تاريخنا منذ عام 1952، ويختتم الأبنودي حديثه بنداء يوجهه إلى الموسيقار الطويل بإن هذه الأغنية التي أحدثت رجفة في صدور الناس تكون عون له- للطويل – لاستكمال دوره الوطني في الأغنية والذي لا يمكن أن ينوب عنه فيه أحد آخر.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال