لاظوغلي لم يفعل مذبحة القلعة فقط .. حكاية مجزرة شندي في السودان
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تشكل الجيش المصري النظامي بعد عامين من نهاية الحرب ضد الوهابية وكان لاظوغلي يتوقع أن يكون القائد له غير أن محمد علي باشا عهد إلى الكولونيل سيف بالمنصب وادخر لاظوغلي إلى مهمة أقسى وهي أن يكون رجل إسماعيل باشا كامل نجل محمد علي باشا في السودان.
ثورة حلفا وشندي
كان إسماعيل باشا نجل محمد علي باشا في مدينة سنار السودانية يحاول تدبير أمر الحكومة التي أسسها بعد دخول مصر للأراضي السودانية، وبعد أسابيع اندلعت ثورة في منطقة حلفا وشندي ضد السلطة المصرية.
يعقب عبدالرحمن الرافعي على ذلك في كتاب عصر محمد علي بقوله «كانت مساوئ الجنود وخاصةً الأرناءود من أسباب الهياج والثورة فاحتشد الأهالي حول حلفاية وشندي وهجموا على قوافل الأرقاء السودانيين وانتزعوهم من أيدي الجنود الموكلين بهم ورجعوا إلى شندي فرحين بهذا النصر المبين».
المواجهة مع الملك نمر
كان الملك نمر ملك شندي هو المتهم الرئيسي في تدبير تلك الثورة ووصل خبرها إسماعيل باشا الذي كان موجودًا في منطقة سنار فتوجه إلى بلدة شندي مع مجموعة من ضباط الجيش وأحضر الملك نمر وأوجعه بالكلام ولطمه على وجهه، ثم أمر إسماعيل باشا أن يدفع الملك نمر غرامة ماليةً خلال 5 أيام مع رد ألف من الرقيق السودانيين.
ليلة المحرقة
لم يقبل الملك النمر أن يتم صفعه لكنه أظهر خلاف ما يُبْطِن إذ أبدى رضوخًا لقرار إسماعيل باشا وليس هذا فحسب بل دعاه إلى حضور وليمة في قصره وأعطى الترحيب اللازم واللائق به، وبعدها بدأ العد التنازلي لحياة إسماعيل باشا.
سرد عبدالرحمن الرافعي تفاصيل ليلة المحرقة فقال «أمر الملك النمر أعوانه أن يجمعوا ما استطاعوا من الحطب والقش والتبن حول القصر بحجة العلف لخيل الباشا، ولم يدر بخلد الضيوف أن ثمة مؤامرة رهيبة تدبر لهم، فلما فرغوا من الطعام وأكثروا من شرب المريسة أخذوا يتأهبون للعودة إلى معسكرهم، فاذا النار قد طارت في أكوام الحطب والقش المحيطة بالقصر، وإذا هي قد عمتها واندلعت فيما حولها، فجعلت القصر شعلة من الجحيم، وحصرت النيران إسماعيل باشا وحاشيته فلم يستطيعوا الافلات من هذا الحصار الجهنمي لهول النار المشتغلة ولاحاطة جنود الملك بهم يرمونهم بالنبل والسهام من كل ناحية، فسدت المسالك في وجوههم حتى ماتوا عن آخرهم، ولم يستطع الجند نجدتهم اذ كانوا في معسكرهم بعدين عن مكان المأساة، ولما وقعت الكارثة انقش عليهم رجال الملك نمر ففتكوا بهم، ولم ينج منهم إلا من هرب به العمر».
الثأر على طريقة لاظوغلي ومحمد علي باشا
كانت محرقة قصر شندي خطيرةً للغاية إذ ستساهم في انهيار الروح المعنوية للجيش المصري وشرخ في هيبته خاصةً بعد مقتل قائدته بتلك الطريقة، وعلى الصعيد النفسي كان محمد علي باشا في حزنٍ شديد لأنه قبل سنوات قليلة كان قد فقد ابنه طوسون في الحرب ضد الوهابية، إلى أن جاء لاظوغلي بطريقته.
اقرأ أيضًا
قصة أول مظاهرة ضد محمد علي باشا “قامت بها النساء وواجهها لاظوغلي”
وقت حدوث محرقة قصر شندي كان محمد بك الدفتردار لاظوغلي موجودًا في بلدة كردفان، فلما وصله خبر محرقة قصر شندي أصيب بحزن شديد خاصةً وأن إسماعيل باشا كان صهره، فقرر أن ينتقم فزحف إلى بلدة شندي بجنوده فقتل كل من في محرقة القصر وأزهق آلاف الأرواح من الرجال والنساء وسبي من بقي على قيد الحياة وأرسلهم إلى مصر، وكان مجموع من تم قتلهم وصل إلى 30 ألف سوداني، ثم قرر تعقب الملك نمر لكن لم يتمكن منه لأنه هرب إلى الحبشة ومات فيها.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال