لام شمسية الحل العملي لأزمة الدراما

على الرغم أن مسلسل لام شمسية قد يبدو للوهلة الأولى أنه غير مناسب للعرض ضمن الموسم الرمضاني، حيث كثافة الأعمال وحدة المنافسة ولكن رهان الشركة المنتجة، ميديا هاب “سعدي – جوهر” كان على الجودة والأهمية، وفي الوقت الذي يدعوا فيه الجميع لمؤتمرات لمناقشة أزمة الدراما، قدمت لهم ميديا هاب الحل عمليًا سواء في النصف الأول من رمضان بولاد الشمس وإخواتي أو النصف الثاني من رمضان في لام شمسية.

رهان خطير

هناك قاعدة في الدراما لم تكتب ولكنها راسخة فيها، تقول إن أكبر القضايا قد تهزمها معالجة درامية سيئة، وأبسط القضايا قد تنصرها الدراما، فأهمية القضية لا تعني بالضرورة أن العمل الفني الذي يناقشها هامًا هو الأخر، فقد يأتي العمل ضعيفًا، ولكن حينما تكون القضية هامة وشائكة وتتم معالجتها في عمل درامي بشكل متميز فسيكون الناتج لام شمسية والذي في رأيي أحد أبرز أعمال موسم رمضان 2025 وإن لم يكن الأبرز.

راهن صناع لام شمسية على قدرته في توريط المتفرج ليكون جزءًا من الحدث، حيث يمتلك صناع العمل أقوى سلاح في حرفة الدراما، وهو المعلومات والكشف، فمتى نحجب ومتى نكشف وكيف؟ إجابة هذا السؤال هي جوهر فكرة التشويق الدرامي، من الحلقة الأولى لم نرى أبدا ما حدث، فقط صورة مشوشة، لنتورط في الحكاية من الحلقة الأولى، هل نصدق نيللي أو لا؟

فن توريط المشاهد

وإمعانًا في توريط المشاهد داخل القصة بني كتابتي المسلسل راجية حسن ومريم نعوم ومخرجه كريم الشناوي، أحداث الحلقات على فكرة التلاعب النفسي بين الشخصيات، فسترى بوضوح أن وسام شخص قادر على التلاعب النفسي لا بيوسف فقط ولكن بكل من حوله، شخص بارع في قلب الترابيزة، ويملك رصيد من الملائكية ما يدعنا قد نشك في أمره.

هذا التكنيك، تكنيك عدم وضوح الشرير وعدم يقين البطل، سلاح درامي خطير، فأي اختلال فيه قد يؤدي إلى نتائج عكسية تمامًا ولكن لوعي الكاتبتين راجية حسن ومريم نعوم بما يقدمانه اعتمدا هذا التكنيك لانهما يعرفان جيدًا نفسية وعقلية المشاهد التي تميل لتصديق الضحية بشكل لا شعوري، وهذا هو المفتاح الرئيسي لنجاح هذا التكنيك المعقد والخطير.

ومع الجودة الفنية العالية سواء على مستوى الصورة أو الكتابة أو التمثيل، ربح هذا التكنيك رهانه، واستطاع تقديم قيمة فنية عالية وتشويق يجذب الجمهور بالإضافة للقضية التي يقدمها العمل وهي في الأساس واحدة من القضايا التي بالفعل مثار حديث واستنكار في أي مجتمع في العالم، وفي الفترة الأخيرة كان هناك العديد من الحوادث المأساوية التي شهدها الشارع المصري وتفاعل معها بالرفض، فجاء لام شمسية ليطرق الحديد وهو ساخن.

إقرأ أيضا

ملف بليغ حمدي (4): الفلكلور ما بين التطوير والإفلاس الفني