لام شمسية.. ذكاء الاسم ومأساوية القضية

حينما قرأت النبذة التشويقية المكتوبة عن مسلسل لام شمسية لمخرجه كريم الشناوي ولمؤلفيه مريم نعوم وراجية حسن، أعجبني ذكاء الاسم الشديد المستمد من مأساوية القضية والفكرة التي يتناولها المسلسل، الموجود والمسكوت عنه، اللام الشمسية الموجودة في الكلمة ولكنها لا تنطق كذلك التحرش بالأطفال في هذا المجتمع.

تمهيد هادئ لمأساة

تحمل الفكرة جرأة وتزامن مذهل، وربما يرجع هذا لتركيز شركة الإنتاج “ميديا هاب” خلال هذا الموسم على موضوعات دراما اجتماعية حقيقية، تدور بالفعل في المجتمع وربما أيضًا مسكوت عنها، جاء لام شمسية في وقت ليس ببعيد عن قضايا وحوادث التحرش بالأطفال والعنف الجنسي ضدهم والذي يصل إلى ذروة بشاعته في بعض الحوادث.

اختيار الفكرة والتوقيت يحسب في الأساس إلى كتابتي المسلسل راجية حسن ومريم نعوم، كذلك يحسب لهما أيضا التمهيد الهادئ والمتصاعد خلال الحلقة الأولى والدخول مباشرة في صلب الموضوع، وهو ما يتناسب بشكل مباشر مع نظام المسلسلات القصيرة والذي أثبت نجاحه بشده هذا الموسم حتى الآن.

التمهيد الهادئ خلال مشاهد الحلقة الأولى سبقه افتتاحية هامة، فبعيدًا عن معنى المشهد الافتتاحي بشكل كامل والذي سيتضح بالتأكيد مع الحلقات، ولكن فكرة الكابوس نفسها، الكابوس شبه الصامت في بدايته، القاسي والعنيف في نهايته، كابوس يشبه القضية المطروحة في المسلسل.

الكثير من الأسرار بين جدران هذا المنزل

في الحلقة الأولى أيضًا نجح كريم الشناوي هو الأخر في خلق عالم خانق به الكثير من الخبايا، معتمدًا على تقسيم موقع التصوير، توقف أمام أي مشهد داخل منزل نيللي، ستجد أن كريم الشناوي يتعمد أن يكون الكادر ضيق ودائمًا على جانبه أو في خلفيته ممر غير واضح، أو ملتوي يخفي بداخله شيء ما، بينما تعمد أن تكون المشاهد التي بها تجمعات للشخصيات في مساحات ضيقة مضائه جيدًا، بينما بنى الحواجز البصرية بين الشخصيات بعضها البعض بجدران المنزل وتقسيمته والزجاج.

بهذه الحيلة البسيطة لخص كريم الشناوي العديد من الحكايات عن الشخصيات ليقدم صورة درامية مميزة، خاصة إذا أضافنا له مرونته الشديدة في التنقل بين الإضاءة الساخنة والباردة حسب حالة المشهد ومكانه، وهذا التجسيد المرئي كان سبب في انضباط إيقاع الحلقة وخلق التوتر المناسب، من ترسيخ مبدأ هناك دائمًا سر أو غموض وراء كل شيء.

إقرأ أيضا

“أدمج ولم يندمج” .. نظرة في مسألة خالد الجوادي مترجم كولر

المشكلة الوحيدة في كل هذا، أن الحلقة الأولى من لام شمسية هي بمثابة وعد للمشاهد، بعمل جيد متماسك وقوي، سواء في فكرته وتنفيذه، والأخيرة هي المشكلة لأن الفكرة والقضية نفسها مأساوية فكيف تظهر بشاعتها في إطار فني بعيدًا عن النمطيات، وكيف تفاجئ الجمهور في الوقت نفسه دون فجاجة، الأمر يتطلب الكثير من التوازن.

وتحية مستحقة لجرأة محمد شاهين في قبوله دور وسام في لام شمسية.