لا يوافق المنقول و المعقول.. عن حقيقة دعاء ليلة النصف من شعبان و الاحتفال بها
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يتصدر دعاء ليلة النصف من شعبان، محركات البحث، بل إنّ البعض يتداول بعض الأدعية ويوزعونها في الشوارع قبل هذه الليلة ، ودليلهم على ذلك أنه ورد فيه أحاديث كثيرة، لكن الذي لا يعرفه الكثيرون أنه لا أصل لذلك، بل لا أصل أيضًا لبعض الأحاديث الوارده عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل ليلة النصف من شعبان.
وعن الأحاديث الوارده عن فضل الليلة، لم يصل أي حديث إلى درجة الصحة، حيث ردّها المحدثون وقالوا بأنه لم يصح في ليلة النصف من شعبان أي حديث، وإن كان بعض المحدثين قد حسنوا بعض الأحاديث الوارده، فكل ما جاء أن يستغفر المؤمنون ربهم في هذه الليلة، أما صيغة الدعاء فهذا لم يرد فيه نص مطلقًا، إذًا الدعاء المطبوع أو المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي لا أصل له، ونقله ونشره لا يوافق المنقول ولا المعقول.
ومن خلال ما ورد للجنة الفتوى في الأزهر الشريف: هل ليلة النصف من شعبان لها فضل ؟ ، وكانت الإجابة تتمحور حول ثلاث نقاط : الأولى أنه قد ورد في فضلها أحاديث صحح بعض العلماء بعضًا منها وضعفها آخرون وإن أجازوا الأخذ بها في فضائل الأعمال. ومنها حديث رواه أحمد والطبراني “إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ليلة النصف من شعبان فيغفر لأكثرمن شَعْرِ غَنَمِ بني كلب، وهي قبيلة فيها غنم كثير”.
هذا الحديث في فضل ليلة شعبان بحسب ما ذكرته لجنة الفتوى أن البخاري في صحيحه ضعّفه ، ومنها حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الليل فصلى فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قُبِضَ، فَلَمَّا رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال: “يا عائشة ـ أو يا حُميراء ـ ظننت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد خَاسَ بك”؟ أي لم يعطك حقك. قلت: لا والله يا رسول الله ولكن ظننت أنك قد قبضتَ لطول سجودك، فقال: “أَتَدْرِينَ أَيُّ ليلة هذه”؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال “هذه ليلة النصف من شعبان، إن الله عز وجل يطلع على عباده ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين ، ويرحم المسترحِمِينَ، ويُؤخر أهل الحقد كما هم”، وقال الترميذي عن هذا النص الذي ورد أن البيهقي قد رواه من طريق العلاء بن الحارث عنها ، وقال: هذا مرسل جيد؛ يعني أن العلاء لم يسمع من عائشة.
وروى ابن ماجة في سننه بإسناد ضعيف عن علي ـ رضي الله عنه ـ مرفوعًا ـ أ ي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا لَيْلَهَا وصُوموا نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيه الغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألامُبْلًى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر”.
لا نص يمنع التعبد في شهر شعبان
بعد العرض الوارد عن لجنة الفتوى في الأزهر الشريف لهذه الأحاديث الضعيفة والمشكوك في صحتها يمكن أن يُقال: إن لليلة النصف من شعبان فضلًا، وليس هناك نص يمنع ذلك، فشهر شعبان له فضله، و روى النسائي عن أسامة بن زيد ـرضي الله عنهما ـ أنه سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: لم أَرَكَ تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان قال “ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع علمي وأنا صائم”.
هل النبي كان يحتفل بليلة النصف من شعبان
المحور الثاني: هل كان النبي يحتفل بليلة النصف من شعبان؟، وبحسب ما قاله الشيخ ” عطية صقر” أمين لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقًا أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ احتفل بشهر شعبان، وكان احتفاله بالصوم، أما قيام الليل فالرسول ـ كان كثير القيام بالليل في كل الشهر، وقيامه ليلة النصف كقيامه في أية ليلة.
ويؤيد ذلك ما جاء في الأحاديث الشريفة كما ذكرنا، وإن كانت ضعيفة فيؤخذ بها في فضائل الأعمال، فقد أمر بقيامها، وقام هو بالفعل على النحو الذي ذكرته عائشة، وكان هذا الاحتفال شخصيًا، يعني لم يكن في جماعة، والصورة التي يحتفل بها الناس اليوم لم تكن في أيامه ولا في أيام الصحابة ، ولكن حدثت في عهد التابعين.
هل هناك طقوس معينة لإحياء ليلة النصف من شعبان
النقطة الثالثة:هل هناك أسلوب مُعَيَّنٌ لإحياء ليلة النصف من شعبان؟ وأيضًا هل الصلاة بِنِيَّةِ طول العمر أو سَعَةِ الرزق مشروعة، وهل الدعاء له صيغة خاصة؟ وتقول لجنة الفتوى بالأزهر حول ذلك” إن الصلاة بنية التقرب إلى الله لا مانع منهافهي خير موضوع، ويُسَنُّ التنفُّلُ بين المغرب والعشاء عند بعض الفقهاء، كما يسنبعد العشاء ومنه قيام الليل، أما أن يكون التنفل بنية طول العمر أو غير ذلك فليس عليه دليل مقبول يدعو إليه أو يستحسنه، فليكنْ نَفْلا مطلقًا.
الصلاة مائة ركعة بدعة منكرة !
قال النووي في كتابه المجموع: الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي ثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب ، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بِدْعَتَانِ مُنكرتان، ولا تَغْتَرّْ بذكرهما في كتاب قوت القلوب ـ لأبي طالب المكي ـ وإحياء علوم الدين ـللإمام الغزالي ـ ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض مَنِ اشْتَبَهَ عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط في ذلك: وقد صَنَّفَ الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابًا نفسيًا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد.
ومنمنطلق أن الأحاديث الوارده عن النبي ليست صحيحة فأيضًا الأحاديث الواردة عن الأدعية الخاصة بهذه الليلة باطلة حيث روى رواه البيهقي من طريق العلاء : اللهم يا ذا المنِّ ولا يمن عليه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام ، لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين وأمان الخائفين، اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيًا أو محرومًا أو مطرودًا أو مُقَتَّرًا على فيالرزق فامْحُ اللهمَّ بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي” ، هذا الدعاء ليس ثابت ومبتدع .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال