رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
344   مشاهدة  

لذة الجهل والأحكام بين شعر شيرين ونطفة أميرة

شيرين عبدالوهاب


منذ فترة طويلة وفي نقاش على الفيسبوك اتهمنى أحدهم بأنني موضوعي وأنظر للأمور بنظرة موضوعية بل وتجاوز مرحلة الاتهام لمرحلة السباب في تلك اللحظة قررت أن اتوقف تمامًا عن مناقشة أي شيء على السوشيال ميديا، فطالما أن الموضوعية أصبحت تهمة وسبة فلماذا نتناقش.                                                       في الفترة الأخيرة ظهرت شيرين عبدالوهاب بعدما قصت شعرها، في الوقت الذي كانت فيه العديد من الأصوات العروبية تهاجم فيلم أميرة وتتهمه بمعاداة القضية الفلسطينية، وهنا في تلك اللحظة جلس قضاة المجتمع الجدد على منصات القضاء ليصدروا أحكامهم القاطعة في حياة شيرين عبدالوهاب الخاصة ونوايا وضمائر صناع الفيلم الذي لم يشاهده أكثر من 99% منهم لأنه ببساطة لم يعرض عرض عام حتى الآن وعرض في المهرجانات.

ولنلقى نظرة سريعة على هؤلاء القضاة الجدد الذين أصبحوا شئت عزيزي أم أبيت يتحكمون في العديد من الأمور كأنهم بالفعل مجلس إدارة الكوكب، هؤلاء القضاة هم أنواع وأنماط مختلفة من الناس لا يجمعهم شيء سوا اشتراك الأنترنت وحساب على وسائل التواصل الاجتماعي فيجلسون يصدرون الأحكام حول هذا وذاك.

هؤلاء القضاة حكموا أن حسام حبيب زوج شيرين شخص بشع بل طرحوا نظريات وجدليات شديدة التفاصيل والخصوصية كأنهم كانوا يعيشون بينهم، والحقيقة أنهم قد لا يعرفون حقائق الخلافات بين والدهم ووالدتهم لأنه ببساطة لا أحد يعرف ما بين الرجل وزوجته سوا الرجل وزوجته، حتى الأبناء لا يعرفون، ولكن كيف يفلتون تلك الفرصة من بين أيديهم ليظهروا بمظهر العالمين ببواطن الأمور وظواهرها.

في الوقت نفسه كان القضاة الذي تزعم بعضهم حملات للهجوم على نقيب الموسيقيين هاني شاكر بعد قراره منع المهرجانات ومنع عدد من الأسماء التي تؤدي هذا اللون من الموسيقى من العمل في مصر، هم نفسهم الذين قرروا خوض حملة شرسة للهجوم على فيلم أميرة بحجة أنه مضاد ويضر بالقضية الفلسطينية.

وكالعادة تألق بعضهم بجهل شديد يضعون سيناريوهات بديلة لسيناريو الفيلم الذي لم يشاهدوه في الأساس، وكالعادة لم يفلتوا الفرصة من بين أيديهم للحكم على كل وأي شيء يحدث من حولهم، ونسوا أو تناسوا كل الشعارات التي رفعوها في وجه هاني شاكر حول حرية الرأي والتعبير، وتحول الفيلم وأصحابه إلى صهاينة وخونة وعملاء فقط لأنهم قدموا فيلم سينمائي لم يرق مضمونه للبعض.

وبين كل الأحكام المصدرة وبين كل التريندات التي تخرج علينا يوميًا يطل سؤال وحيد، هل هناك لذة ما في عملية إصدار الأحكام على الأخرين؟ هل يشعر القضاة الجدد بنشوة ما وهو يرددون أحكامهم القاطعة التي لا تقبل طعن أو استئناف رغم جهالة بعضها الشديد؟ الإجابة هي بالتأكيد، داخل كل إنسان توجد شهوة اسمها السيطرة والتحكم، شهوة الظهور بمظهر الكمال.

نحن لا نخطئ طالما أن اخطائنا لم يعرفها أحد لذلك فنحن نحكم على الأخرين بمنتهى الأريحية والسذاجة، نحن لا نملك معيار واحد نقيس به كل الأمور بل لدينا حقيبة من المعايير نخرج ما يلائم الموقف منها، نعارض المنع مرة ثم نطالب به مرة أخرى، نهاجم شيرين مرة ونتهمها بأنها شخصية غير سوية وصاحبة كاس حينما هاجمت مطرب نحبه، ثم نجعلها ضحية زوجها لأنها قصت شعرها، وفي كل المرات يطلقون الأحكام بجهل يقف له الجهل نفسه احترامًا.

وفي خضم كل هذا العبث الدائر على السوشيال ميديا ستجد أن هناك جهات سواء حكومية لها سلطات المنع واتخاذ القرار أو إعلامية لها القدرة على تسليط الضوء، تنساق كالقطعان حول القضاة الجدد من الجهلة، ليصبح الجهل والجهل وحده سيد الموقف، الكثير من النقاد الذين هاجموا أميرة لم يشاهدوا الفيلم من الأساس فكيف هاجموه؟! كل من هاجم شيرين أو حسام حبيب لا يعرف من الأصل أين كان منزلهم؟ ولكنهم يحكمون ويحاكمون ويهاجمون، فقط لأنهم يتلذذون بذلك.

المشكلة أن هذا الجهل لن يتوقف أبدًا بل تحول ببساطة إلى ما يسمونه اليوم “الرأي العام” أو الذوق العام أو أخلاقيات الأسرة، أو مناهضة القضية الفلسطينية، مجرد مصطلحات ممطوطة فضفاضة لا رأس لها من ذيل تتحرك بناء على شهوة الجهل لدى العديد من القضاة الجدد لتتحكم في كل شيء حولنا، للأسف خطيئة الإنترنت الوحيدة أنها جعلتنا ننصاع لأصحاب الأصوات العالية والمعروف منذ فجر التاريخ أن الغوغاء والجهلة هم دائمًا الأعلى صوتًا.

 

إقرأ أيضا
زلزال كانتو

إقرأ أيضاً

القوى الناعمة الحائرة بين موسم الرياض ومهرجان الموسيقى العربية

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان