لعقود لا تنتهي.. “المستوطنون” ذراع إسرائيل للبطش في وجه الفلسطينيين العُزل
بعد حرب السابع من أكتوبر 2023، استخدمت إسرائيل جيشًا خاص ليس المعتاد رؤيته، فجنود جيشها في تلك المرة هم المستوطنين، الذين أتاحت لهم باستخدام السلاح بحجة الدفاع عن نفسه ضد أي تعرض من قبل الفلسطينيين في الضفة الغربية، لكن في الحقيقة فالحوادث التي وقعت أثبت عكس ذلك.
في 18 مارس 2024، أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف موافقة مكتبه على 100 ألف طلب ترخيص سلاح منذ اندلاع الحرب على غزة، من أصل 299.354 طلباً، وفقًا ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية.
وأدت الموافقة على تلك الطلبات إلى تسجيل مجازر جديدة تُضاف في سجل المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، فقد أعلنت الجهات في فلسطين عن مقتل عمر حامد، البالغ من العمر 17 عامًا وجهاد أبو عليا البالغ من العمر 25 عامًا، فضلاً عن إصابة 45 شخصًا آخرين، في قرى “بيتين” و”دوما” و”المغير” الفلسطينية بعدما تعرضت لهجوم المئات من المسلحين الإسرائيليين.
تلك الواقعة هي واحدة من ضمن عشرات حوادث القتل التي تسبب بها المستوطنين الإسرائيلين بحق الفلسطينيين بعدما وثقتها كاميرات المراقبة وأيضًا تصريحات شهود العيان على الوقائع في مختلف المدن في الضفة الغربية.
وفي الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية يعيش نحو 700000 إسرائيلي في 160 مستوطنة إلى جانب 2.7 مليون فلسطيني بحسب منظمة “السلام الآن” لمراقبة المستوطنات.
والمستوطنون هم مهاجرون قدموا من خارج فلسطين لتنفيذ خطة الاستيطان الإسرائيلي بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية لتكون ورقة ضغط للمساومة عليها مع الفلسطينيين.
خوف لا ينتهي
“نعيش كل ليلة خوف وترقب من الاقتحامات التي يشنها المستوطنون ننتظر الموت في كل لحظة”، يترقب أهالي الضفة الغربية في مختلف المدن والمخيمات هجوم المستوطنين والذي يتم بشكل مفاجئ ويسفر عن استشهاد العشرات منهم.
وقالت غيداء شحرور، صحفية من الضفة الغربية وأحد قاطني مدينة طولكرم، وأحد الشهود على اقتحامات المستوطنين، إن عمليات الهجوم التي تشنها جماعات المستوطنين تتم بشكل يومي خلال الفترة الماضية لا سيما في مخيم نور شمس والذي أسفر عن مقتل 12 فلسطيني.
وأكدت “شحرور” لـ “الميزان” أن تلك الهجمات زادت بشكل مضاعف خلال الفترة الماضية، ولا يستطيع أحد منعهم من القيام بتلك الهجوم وفي حالة قام أحد الفلسطينين مواجهته تكون نهايته الموت المحال.
وأشارت “شحرور” إلى أن المستوطنين أثناء عملية الهجوم يكونون محميين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على الرغم من أعدادهم والتي تصل للمئات أثناء عمليات الهجوم التي يشنوها. موضحة أن المستوطنين أثناء عملية الهجوم يقومون باستخدام كل الطرق الممكنة لحمايتهم من أي هجوم مفاجئ من الفلسطينيين على الرغم من استخدام الأخير في عملية الدفاع بعض الحجار على عكس السلاح الذي يحمله المستوطن إلا أنهم قد يستخدموا أحد الأسرى الفلسطينيين كدروع بشرية لحماية أنفسهم من أي هجوم مفاجئ.
وأكدت أن حالة الفلسطينين أثناء عمليات الهجوم لا سيما من يقطن في المخيمات صعبة للغاية خاصة من لديهم أطفال محاولين تخفيف وطأ الهجوم عليهم وتخفيف من الأوضاع التي يشاهدونها وعمليات القتل التي من الممكن أن تحصل أمامهم، وذلك بالاستدلال بما يحدث مع عائلتها في المخيمات والذين لا يتمكنون من الخروج في أي منطقة نتيجة الهجوم المستمر ويشهدون يوميًا حالات قتل أمام أعينهم ولا يتمكنون من الخروج.
وأكدت “شحرور” أن الأوضاع الآن أصبحت خارجة عن السيطرة لا سيما بعد إعلان الجيش الإسرائيلي أن منطقة طولكرم منطقة عسكرية مغلقة ويمنع مئات المواطنين من العودة إلى منازلهم، الأمر الذي زاد الوضع سوء وجعلهم محتجزين لا يستطيعون الخروج حتى لشراء متطلباتهم الأساسية، وسط هجوم مرتقب للمستوطنين.
ليست حديثة المهد
وبالرجوع للواء نجد أن تسلح المستوطنين ليس حديث المهد، فمع قدوم المستوطنين إلى الضفة بدأ الحديث عن تسليحهم لأداء وظائف محددة، اختلفت تلك الوظائف باختلاف الظرف السياسي في كل مرحلة، لكن مهامها تنوعت ما بين تأمين المستوطنات وطرد الفلسطينيين من أراضيهم وتوطين اليهود المهاجرين بدلاً منهم.
وتعود جذورها إلى بدايات القرن العشرين، حيث تم وضع الأسس الأولية لتسليح المستوطنين مع تكوين أول مجموعة عسكرية وذلك خلال فترة هجرة اليهود الثانية إلى فلسطين بعدما حدث صراع ومذابح في روسيا بعد قتل عدد من اليهود لتأتي لهم فكرة إقامة كتائب دفاع مماثلة، وفق ما ذكره صبري جريس في الجزء الأول من كتابه “تاريخ الصهيونية 1862-1917”
لكن استباحة قتل المستوطنين الفلسطينيين تمت في ثمانينيات القرن الماضي، فبعد مرور شهر من نشوب الانتفاضة الفلسطينية في ديسمبر عام 1987، قتل شاب فلسطيني برصاص بنحاس، وقتها لم يتم محاسبة الجاني بزعم رئيس مجلس مستعمرات منطقة رام الله، فالرشتاين، آنذاك، بأن المجني عليه إرهابي وهى الحجة التي أصبحت إسرائيل تلجأ لها كلما قتل مستوطن فلسطيني، وذلك وفقًا لما ذكره خالد عايد، في دراسته “دور المستوطنين في مواجهة الانتفاضة/ الثورة”
أرض الميعاد
وهو ما أوضحه الأستاذ الدكتور مصطفى عطية، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية والباحث في الأمور السياسية والفكرية، بقوله إن حركة تسليح المستوطنين بدأت مع حركة الاستيطان الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، مع رؤيتهم أن أرض فلسطيني هي ملكًا لهم وهى أرض الميعاد ولا حق للفلسطينيين فيها بل أن طردهم منها واجبًا عليهم.
وأضاف”عطية” في تصريحات خاصة لـ “الميزان” أن حركة الاستيطان في فلسطين هي حركة في الأساس تسند إلى أسس دينية بجانب أنها فيها الكثير من المميزات بالنسبة لهم، حيث لا يحصولون على أرض فقط بل هى منبع اقتصادي جيدًا لهم بالإضافة إلى ملف المياه.
وأوضح :”عصابات اليهود التي جاءت إلى فلسطين سعت لإنشاء مستوطنات زراعية وبعضها صناعية على أرض فلسطين وقرى فلسطين المحتلة وقاموا باستخدام الإرهاب والتدمير والقتل الممنهج من أجل طرد العرب الفلسطينين من أرضهم سواء في العمق الإسرائيلي أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، لذلك إننا أمام حركة صهيونية تجد أنه لا بد من وجود مذابح ومجازر مستمرة للعرب والمسلمين على أرض فلسطين حتى تقام مستوطنات على أرضهم وهو ما أثبتته المجازر التي شهدتها فلسطينين من قبل المستوطنين خلال السنوات الماضية.
وشدد على ضرورة الوعي السياسي والاستراتيجي أن حركة الاستيطان هي حركة تمثل الوجه الأخر للقضية الفلسطينية ولا يمكن فصلها في أي حال من أحوال عن تاريخ الدول الصهيونية فتسليح المستوطنين هو أمر تتبعه إسرائيلي منذ بداية الاحتلال ولا يوجد أي حساب أو رقاب عليهم، ما يتيح أمامهم الفرصة في ارتكاب المزيد من المجازر.
إقرأ أيضًا.. أستاذ في العلوم السياسية: هذا ما سينتظر غزة بعد هجوم إيران على إسرائيل