لعنة اللون الأبيض.. طريقة التعذيب المستوحاة من الملائكة
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
هل تخيلت يومًا أن يكون كل شيء حولك حرفيًا يتلون باللون الأبيض؟، تختفي جميع الألوان ويبقى هذا فقط، قد يظن البعض أنه شيء جميل فالأبيض يرمز للملائكة والطُهر والنقاء، ولكن ما لا يعلمه معظمنا، أن الحياة ستتحول لجحيم إذا حدث ذلك، لدرجة أنه هناك بعض السجون حول العالم التي تستخدم ذلك اللون في تعذيب سجنائها، فماذا يحدث لنا عند رؤية كل شيء بالأبيض؟.
سيكولوجية التعذيب باللون الأبيض
ذلك اللون النقي يمكن أن يُستخدم في تعذيب الأشخاص، ويترك بداخلهم أثرًا نفسيًا وعقليًا لا ينمحي أبدًا من ذاكرتهم، وكل من تم تعذيبه بتلك الطريقة أكد على أنه لم يستطع التعافي بعدها أبدًا، ذلك اللون الذي له دلالة ملائكية في سيكولوجية الألوان حيث يعبر اللون الأبيض عن النقاء والصفاء، ورغم ذلك ينتهي العيش بداخله باضطراب وزلزلة نفسية كبيرة، وهنتك العديد من الدول حول العالم التي تطبق ذلك النظام منذ عقود طويلة مثل الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، وفنزويلا، وأيرلندا، إيران.
ويقوم متبعي ذلك الأسلوب في التعذيب بوضع المساجين في صناديق أو زنازين بجدران بيضاء، ولا يدخل له سوى الأطعمة البيضاء، وأدوات بيضاء، وأطقم أسرة ومفارش بيضاء، حتى أنظمة الضوء لونها أبيض ومصممة بطريقة بحيث لا يمكن للسجين حتى أن يكون له خيال على الأرض، والحراس الذين يعملون في ذلك القسم يرتدون ملابس بيضاء وأحذية بيضاء، وهكذا لا يرى المساجين أي ألوان أخرى غير الأبيض.
ولا يقتصر الأمر على الألوان فقط، بل أنهم يحرمون آذانهم من سماع أي أصوات حولهم، وهو ما يُعرف بالتعذيب الحسي، وهو نظام مُطبق في عدة سجون يعتمد على العزلة التامة والحرمان الحسي للمساجين، فالسجين غير مسموح له بالتحدث مع أي شخص نهائيًا، حتى حارس الزنزانة، وإذا أراد شيئًا ما، عليه أن يكتبه على ورقة ويمررها من أسفل الباب، وحتى صوت تحرك الأشخاص على الأرض غير مسموع، وذلك لأنهم يرتدون أحذية مبطنة لا تصدر أصواتًا، ولا تصدر الأبواب والأقفال أي صوت عند غلقها أو فتحها، ولك أن تتخيل أن يعيش شخص ما في حالة من الأبيض اللامتناهي في نظره، وفي سمعه كذلك.
آثار التعذيب باللون الأبيض
ذلك النوع من التعذيب لا يترك أي آثار أو علامات جسدية، حيث أنه لا يحتوي على أي عنف جسدي أو لفظي، ورغم ذلك لا يزول أثره مدى الحياة، فهو تعذيب نفسي عميق، وقد يعتقد البعض أن السجناء يهولون الأمر، ولا تتعدى الآثار سوى الخوف الذي ينغرز بداخل السجين، ولكن الحقيقة أن تلك التجربة تزلزل هوية الشخص، وتجعله عاجزًا عن تذكر ملامح أقرب الأقرباء له مثل والديه وزوجته وأبنائه، وتتعرض ذاكرته للتشويش الشديد، ويفقد قدرته على تمييز الأشخاص الذين يعرفهم جيدًا، ويُصاب مدى حياته بفوبيا ورهاب من اللون الأبيض، وقد يصل به الأمر إلى نوبات الهلع التي قد تؤدي للوفاة، ويحتاج السجين الذي مر بتلك التجربة لجلسات دعم نفسي مدى حياته، والتي سوف تقلل فقط من آثار التعذيب ولن تشفيه بشكل كامل، فمن يدخل الغرفة البيضاء لا تعود حياته كما كانت أبدًا.
إقرأ أيضاً
جولاج الاتحاد السوفيتي.. أسوء معتقل على مر التاريخ
الكاتب
-
مريم مرتضى
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال