عن العشاق .. سندريلا الفرنسية

6عن العشاق سألوني .. وأنا في العشق لا أفهم
هكذا شدت الست أم كلثوم بكلمات أحمد رامي، ومن منا يفهم شيئا عن العشق، من أين يأتي، وإلى أين ذهب؟.

الحب تلك الكلمة التي حيرت البشر منذ أن عرفها الإنسان، على الرغم من تكرارها على مر الزمان، إلا أنها كالطبيعة؛ مدهشة .

الحب بين عالمنا و زمن إيفيت لابيدوس

تجلس الفتاة أمام جهاز المحمول تتأمل باقة الزهور تلك المعروضة بإعلان ممول وتتمنى أن يأتي بها حبيبها لها، ولا تعلم شيئا عن تلك الوردة الندية التي ظلت تضعها الفتاة الفرنسية الطموح إيفيت لابيدوس على قبر حبيبها لمدة ثلاثة وأربعون عاما، كي تخبر حبيبها في منزله الأخير أنها هنا تحبه، وتحمل له مع عطر الوردة الذي يعبيء الفضاء رسالة حب متجددة للروح القريبة والجسد البعيد.

لم يسلم عيد الحب والعشاق من التسليع الإلكتروني، هدايا العشاق مستباحة على شاشات الأجهزة، تجرحها العيون اللامبالية، الورد أصبح سلعة بتنسيق خاص أفقده براءته وخجله، أصبح الحب في زمننا ممنهجا، والهدايا للتباهي أمام الجموع الافتراضية.

لا خطابات بخطوط أصحابها تحمل اللوعة والدمعة وعطر الأحبة، تلك الورقة التي نحفظها بجوار القلب، ونخبئها في ثنايا الروح.

فجواب حبيبي لم يعد بخط إيده، بل أصبح كلمات مرصوصة على شاشة زرقاء تمحى بضغظة زر، فلا عطرا للخطاب، ولا عطر صاحبة الخطاب.

يحكى أن إيفيت لابيدوس تلك الفتاة الجميلة، الفقيرة المولودة قرب مدينة كان في الخامس عشر من فبراير سنة 1906 وكانت ابنة لخياطة وسائق تروماي.
أعطت الطبيعة للفتاة الفرنسية جمالا نادرا، الجمال والقفر يصنعان الطموح ، كانت الفتاة الفقيرة تبحث عن فرصة فتوجهت لخوض مسابقة ملكة جمال فرنسا سنة 1930 وتفوز بها، وينتح لها جانب من الشهرة والثراء .

على الجانب الآخر من الحياة كان السير محمد سلطان شاه المعروف بلقب أغا خان الثالث يمارس حياته كزعيم لطائفة الإسماعيلية، وهي أحد الطوائف الإسلامية ، وأعتبر وقتها واحدا من أغنى الرجال في العالم.

كل منهما كانت حياته تسير في اتجاه، من المستحيل أن يتقابلا، فكيف تجتمع الفتاة الجميلة الطموح، والتي يعتبر جمالها رأس مالها في الحياة، بالرجل الدبلواسي والأب الروحي لطائفة دينية بأكملها؟.

للحياة تصاريفها فهي تجمع الخطوات المتابعدة وتجعلها تقترب، وتصنع دائما أقدارا جديدة.
تأتي الدعوة للفتاة الجميلة بعد ثماني سنوات من اختيارها ملكة جمال لزيارة القاهرة في إحدى الحفلات، ويشاهدها الرجل العجوز فيغرم بها، وكان طل زوجته الثالثة.

هنا يلتقي الطموح في الثراء مع الإعجاب بالجمال ليكون الزواج، وكيف لا تقبل الفتاة بأغنى رجل في العالم.
من الواضح أن الزواج كان للمصلحة، فهدية الخطبة كانت مليون فرنك فرنسي، وهو رقم وقتها يجعل أغلب الفتيات يوافقن على الزواج مهما كان السن والفروق.

اقرأ أيضًا 
في عيد الحب أيهما أقوى الدبدوب أم القرنبيطة ؟

يتزوج الرجل الغني بالسندريلا الفرنسية، تمر السنوات، ويتحول الأمير العجوز إلى الحب الحقيقي للفتاة.
تنطلق الشرارة قيتوهج القلب بالمحبة، فتشهر الفتاة الفرنسية إسلامها، ةتأخذ لقب البيجوم وتسمى بأم حبيبة.

إقرأ أيضا

مات قتلاً والسبب نكتة .. عن أسطورة نادي لاتسيو والمنتخب الإيطالي

تصيب آلام العظام الأغا خان وبعد فشل كل العلاجات الطبية معه يكون الحل الأخير أن يذهب لمدينة أسوان حيث الرمال الساخنة لعلاج آلامه.
بالفعل يشفى من آلامه ويقع الرجل في غرام المدينة المشمسة حتى أنه يوصي أن يدفن فيها.

يتخلل الحب مسام الإثنان ويظلان معا ينعمان بالحب والسعادة حتى يموت الأغا خان ويدفن في أسوان.

تصبح البيجوم أم حبيبة امرأة ناضجة في الخمسين من العمر ثرية وجميلة، ويطلب ودها العديد من الشخصيات العامة والأثرياء و المشاهير، إلا أنها تحيا على ذكرى الحب، وتتحول قصتها مع أغا خان لأسطورة جديدة من أساطير الحب، فترفض الزواج بعده وتظل إثنان وأربعون عاما تضع وردة على قبر أغا خان كل صباح تجديدا لعهد الحب حتى لو كان الجسد يرقد في قبر، وحينما يقعدها السن، تأتي بمن يضع له الوردة على قبره كل صباح، حتى تذهب إليه وتدفن جواره وتتعانق الأرواح في لقاء أبدي.

إنه الحب الحقيقي والوردة الحقيقة، بدون علامات إعجاب، أو قلوب زائفة، أو تسليع.
الحب في الأرض بعض من تخيلنا
لو لم نجده على الأرض لاخترعناه..