لماذا كان عصر النهضة في أوروبا سببًا في بدء الاستعمار دوليًا ؟

يتفق كل المؤرخين على أن عصر النهضة في أوروبا كان مساهمًا أسياسيًا في تفشي فكرة الاستعمار على المستوى الدولي بشكل عام واستعمار العالم الإسلام على وجه الخصوص.

الرحلات الاستكشافية نواة الاستعمار خلال فترة عصر النهضة في أوروبا

تكمن أهمية عصر النهضة في أوروبا أن كافة بلاد القارة الأوروبية شهدت تطورًا كبيرًا بسبب حركات الإصلاح الدينية والسياسية خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وتُوِّج هذا التطور بفكرة الرحلات الاستكشافية البحرية التي كانت ظاهريًا مجرد رحلات علمية، لكن في حقيقتها رحلات استخباراتية في مجالات الدين والاقتصاد والسياسية.

أشهر الرحلات الاستكشافية على الإطلاق هي رحلة فاسكو دي جاما إلى طريق رأس الرجاء الصالح وهو الذي ساعد البرتغاليين لاحقًا في تغيير الخريطة الاقتصادية الجغرافية، وهو الشيء الذي تكلم عنه كتاب أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها قائلاً “شرع البرتغاليون يؤسسون مستعمرات ومراكز تجارية في أماكن مختلفة من السواحل التي وصلوا إليها، ولم يكد النصف الأول من القرن السادس عشر ينقضي حتى كان البرتغاليون قد أحكموا السيطرة على شواطئ شرق أفريقيا وغربها إضافة إلى شواطئ الخليج وفارس والهند”.

اقرأ أيضًا
“لودفيكو دي فارتيما” أول رحالة مسيحي يطوف حول الكعبة ويزور قبر الرسول

على الصعيد الإنجليزي فإن أول ظهور بريطانيا للاستعمار في سنوات ما بعد عصر النهضة في أوروبا جاء عبر شركة الهند الشرقية سنة 1600 ويبدو من الإسم أنها ذات هدف تجاري، لكن الحقيقة أنها جهاز يدير حركة الاستعمار في الهند والذي فجر التنافس بينها وبين فرنسا هذا التنافس الذي حسمته انجلترا.

لم تفوت فرنسا نصيبها من كعكة الاستعمار فبدأته عن طريق الحملة الفرنسية على مصر والشام على يد نابليون ورغم فشل الحملة لكن فرنسا قررت أن تختار فريسة أخرى فركزت أنظارها إلى شمال القارة الإفريقية فاحتلت الجزائر ووضعت تونس تحت حمايتها ثم ضمت السنغال ومدغشقر.

مؤتمر برلين .. الجلسة التي وسعت شهية الاستعمار

شهدت الفترة بين يونيو ويوليو عام 1887 م اجتماعًا هامًا في ألمانيا ضم ممثلي القوى العظمى الست وهم روسيا وبريطانيا العظمى وفرنسا والإمبراطورية النمساوية المجرية وإيطاليا وألمانيا، إلى جانب الدولة العثمانية واليونان وصربيا ورومانيا والجبل الأسود.

اقرأ أيضًا
تاريخ مؤتمر برلين .. لعنة مزمنة من 142 سنة على الدولة العثمانية وتركيا

ساهم مؤتمر برلين في وقوع كل بلاد النفوذ في العام الإسلامي تحت يد الاستعمار، فبوجب هذا الاتفاق وقعت المغرب وسوريا تحت سيطرة فرنسا، بينما اتجهت إيطاليا إلى الصومال وإريتريا وليبيا، بينما احتلت انجلترا البنغال والبنجاب ونيجيريا والسودان والعراق والأردن؛ فيما أخذت روسيا بلاد الأورال وطشقند والقوقاز وبخارى وتركستان؛ وقد سخر مؤرخون كثر من موقف الدولة العثمانية في هذا المؤتمر لأنها بقبولها الجلوس على مفاوضات مؤتمر برلين أعطت قبلة الحياة لأوروبا وقامت بلدغ أنفسها ذاتيًا بسموم انهيارها مستقبلاً.