لماذا لم يستمر حكم مصر من قلعة الجبل بعد محمد علي باشا؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ظلت قلعة الجبل هي مقر حكام مصر لمدة 689 عام حيث أتم صلاح الدين بناء أغلب شكلها عام 1176 م، وانتهى 1207 م واستمر الحكم منها حتى العام 1872 م.
خلال 7 قرون إلا 11 عاماً، تعرضت قلعة الجبل لتغييرات جذرية فبداخلها 4 مساجد وهي مساجد “الناصر قلاوون، وسليمان الخادم أغا سارية الجبل،وأحمد كتخدا باشا،ومحمد علي”.
احتوت القلعة على 13 برجاً و 4 قصور و 5 أبواب و6 مؤسسات لإدارة الحكم، لكن يبقى سبب شهرة قلعة الجبل، هو محمد علي باشا كون أنه مؤسس مصر الحديثة وبداخل قلعة الجبل أنهى حكم المماليك نهائياً في السياسة و الحياة بالمذبحة.
كانت حالة القلعة حين تسلم محمد علي حكم مصر في حالة معمارية بالغة السوء نتيجة للاحتلال الفرنسي الذي دام 3 سنوات، فقد كانت عملية نصب المدافع من فوق أسوارها لضرب الأزهر والغورية وحي الحسين، عاملاً أساسيًا في هدم بعض تلك الأسوار، بالإضافة إلى ذلك تأسيس الفرنسيون لفرنين للخبز بجانب مسجد سارية الجبل والذي اتخذوه للنوم وتخزين الذخائر.
عندما محمد علي جدد القلعة بعد سنوات قليلة من تسلمه الحكم وقبل فتكه بالمماليك يرى أنها ستكون الخنجر الموجه ضد الأعداء لأنها قلعة يوسف، وكان يسميها هكذا نسبة للقائد يوسف بن أيوب (صلاح الدين)، إلا أن كان هناك أمر لافت وهو سر عدم استمرار حكم مصر من القلعة بعد محمد علي باشا والذي تولى أمرها 43 عاماً، خاصةً وأنه حكام مصر الذين أعقبوه كانوا من نسله فقد انقطع حكم مصر من القلعة عقب تأسيس قصر عابدين والذي صار لاحقاً مقر حكام الأسرة العلوية.
توجد صلة بين عابدين بك وتاريخ محمد علي باشا فهو القائد الذي هُزِم في أول حرب بين مصر والوهابية، وهو أول حكام مصر في السودان أيضاً، واتخذ من مساحة صغيرة في وسط القاهرة قصراً وبعض أفدنة بجواره، فقرر الخديوي إسماعيل سنة 1870 م شراء القصر ثم هدمه وبنى القصر الموجود الآن عام 1872 م.
الطموح الذي كان لدى إسماعيل هو السبب الوحيد الذي جعله يترك القلعة التي حكم منها 9 سنوات ويتخذ من هذا القصر مقراً للحكم ليظل فيه 7 أعوام ويستمر حكم باقي أسرة محمد علي من هناك.
كان الخديوي إسماعيل وفق ما يؤرخه المؤرخ عاصم دسوقي يطمح أن يكون مثل جده محمد علي باشا، وبالتالي اقتران اسم “محمد علي” بالقلعة كان عائقاً تاريخياً أمامه فأراد أن يأخذ خط جده لكن على طريقته ولم يعتبر القصور التي أسسها كافية لطموحه فأسس قصر عابدين بغرفه الـ 500 وصالونين واسعيين فضلاً عن 4 قاعات ومسرح بالإضافة إلى الحدائق.
رغم هذا الطموح لكنه اهتم بالقلعة حيث رمم سور باب العزب وكلف علي باشا مبارك بالاهتمام بالمناطق المجاورة للقلعة ووضع هيكلة لمبنى الدفتر خانة وهو الآن دار المحفوظات العمومية الذي فيه 150 مليون وثيقة مصرية و 27 ألف خريطة سياسية لمصر وما تبعها.
إقرأ أيضاً
مذكرات محمد علي باشا.. أمر رجاله بكتابتها ولهذا السبب ليس لها وجود!
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال