لماذا لم ينجح باهر دويدار في تقديم أحمد منسي الحقيقي في الاختيار؟
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مقدمة لابد منها
تحدثت يومًا ما مع مسؤول عن الانتاج الدرامي، يسألني عن غضبي من الاختيار فأخبرته أنه لا يليق أن يكتب الاختيار أحد وأنا حي أرزق على تلك الأرض، ضابط خدمت في القوات المسلحة ١١ عاما ودرست في الكلية الحربية ٣ سنوات قبل أن اتفرغ للكتابة والصحافة، تربيت داخل هذا الكيان الذي عشقته وما زلت أعشقه وتجمعني برجاله – بمن فيهم منسي – ذكريات عديدة مجيدة.
وهو ما لن يفعله باهر دويدار أبدا لأن للقوات المسلحة طبيعتها الخاصة التي لن يدركها سوى أبنائها.
طبيعة ضابط القوات المسلحة
كلنا في الأساس مدنيون تتم عسكرة الطلبة في الكليات العسكرية ليتمكنوا من احتمال الحياة العسكرية الوعرة ويكونوا قادرين على تنفيذ المهام والأوامر في كل ظرف ووقت، لكننا جميعا أطفالا أمام آباءنا وأمهاتنا الذين نشعر بالتقصير تجاههم طيلة الوقت لأننا بعيدون عنهم طيلة الوقت، كذلك إخوتنا الذكور والإناث وأصدقائنا المدنيين، ويمكنك عزيزي القاريء أن تبحث حولك أو تسأل أي مدني له صديق ضابط ليحكي لك كيف تكون هذه الصداقة.
لهذا عندما يكتب الطبيب باهر دويدار عن مجتمع الضباط سيحتاج لمن يشرح له هذا المجتمع، سيحتاج لمن يحكي له ما يشعر به الضابط تجاه المهمة والحياة، سيحتاج لمن يشرح له طبيعة النفس العسكرية، سيحتاج لأعوام قبل أن يفهم ما يشعر به الضابط وما يمكن أن يشعر به الشخص الذي قرر الشهادة.
ما لم ولن يفهمه باهر دويدار
أحمد منسي رحمه الله كان رجل خفيف الدم للغاية، يضحك ويخفف عن من حوله طيلة الوقت بل ويجيد العزف ويحب الموسيقى ويكتب خواطر وشعر رقيق، بل أنه ذات يوم عندما شعر في الطابور الصباحي بتكدر المزاج العام لكتيبته أمرها وهي كتيبة صاعقة أن تغني : أنا أنا أبريق الشاي
ليسقط الجميع في الضحك ويحتل المرح محل الكدر.
ولم يكن منسي بعيدًا يوما عن والدته وأخويه الذي يخدم أحدهما في القوات المسلحة ضابطا مهندسا.
بالتالي لم يكن منسي ماكينة لإلقاء الخطب والكلمات المأثورة، بل إنسان حقيقي يؤمن بما يفعل ويفعل ما يؤمن، يضحك ويبكي ويخطئ كإنسان وذلك سر عظمته.
الخاتمة
عاش مسلسل رأفت الهجان أكثر من ٣٠ عامًا وسيعيش لمائة عام لأن بطله كان إنسانا يخطيء ويصيب، تغويه النساء ثم يعود للطريق، يغضب ويركل الحائط ثم يعود ليضحي بروحه، سنتعامل معه جميعا كمشاهدين بحب شديد لانه يشبهنا، أما تلك الملائكة التي تتحدث خطبا وتلقي كلمات مأثورة فنحن نعجب بها ونصفق لها لكننا ننساها سريعا لأنها كانت تشبهنا.
ولقد كان منسي يشبهنا كثيرًا ولهذا نحبه كثيرًا وسيقى لدينا شهيدًا عظيما، بعيدًا عما قدمه باهر دويدار في الاختيار، مع احترامنا للعمل.
الاختيار ليس مسلسل أكشن نقدم فيه بطولة كمسلسل كلبش بل سيرة ذاتية لشخصية استثنائية تستحق أن يكون السيناريو من لحم ودم حتى يلمس روح المشاهد، لا يثير إعجابه فقط.
حتى أن منسي يبتسم ويضحك في ٩٠٪ من صوره لو كنت لا تعرفه كما عرفناه عزيزي باهر
ملحوظة : غضبي لم يعمي عيني عن الحقيقة وما كتبته ليس له علاقة بباهر دويدار وفريق العمل الذي أُكِن له احترامًا كبيرًا ولكن انتمائي يحركني ولهذا يستحق منسي رواية يكون بطلها وأكتبها أنا.
اقرأ ايضا
من منسي إلى رامي حسنين .. جميع أبطال “الاختيار” الأصليون بالصور
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أتفق مع الكاتب معظم مشاهدى الاختيار
لديهم نفس الانطباع