2٬008 مشاهدة
لماذا لن تكون إسعاد يونس أوبرا وينفري أبدًا؟
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
عندما أقدمت الأستاذة إسعاد يونس على تجربة التقديم التلفزيوني عام ٢٠١٥ لبرنامج منوعات ضخم الإنتاج وجدتني دون وعي أقول هي أوبرا وينفري بتاعتنا … ولكني اليوم أتراجع عما قلته وأعتذر لنفسي فلن تكون أبدًا
حتى تعود
لم تعد الأستاذة إسعاد يونس تحظى بالوقار والمحبة والتقدير الذي كان يحمله لها جمهورها المتراكم حصيلة مشوارها وعطاءها الفني الكبير
أريد أن أسبق اسمها دائمًا بالأستاذة فهي كذلك مهما اختلفنا معها في آراءها وبغض النظر عن تبديدها للتراث السينمائي التهمة التي طالما لاحقتها منذ عقود وقد جاوبت هي عنها مرات عدة أيضًا- لكن هذه النقطة ليست محلًا للنقاش هنا، وتبقى أستاذة في المجال الذي تعمل بأوجهه المتنوعة وتبقى أستاذتي وإن لم أقابلها يومًا.
حين طرحت تساؤلًا عن السبب الذي يجعلني أعتقد أن الأستاذة إسعاد لن تكون أوبرا وينفري أبدًا فاجأني أن كثيرًا من الجمهور لا يعرف أو نسي أن الأستاذة إسعاد أهم وأكبر من كونها مقدمة برنامج منوعات وإن كان ذو إنتاج ضخم، فتجربتها المهنية بدأت في الإذاعة المصرية كإذاعية تقدم وتعد بإذاعة الشرق الأوسط وتزامل كبار الإذاعيين قبل أن تجرب التمثيل وتنجح أيضًا عام ١٩٧٧ بحضورها الكبير في مواجهة الفنان عملاق الكوميديا سمير غانم في مسلسل حكايات ميزو
وتكمل الأستاذة المسيرة وتبدأ في الكتابة عام 1985 ويكفيها مسلسل ( بكيزة وزغلول ) الذي إلى جانب كتابته قامت بالبطولة مع الفنانة سهير البابلى
لم تترك الأستاذة إسعاد مجالًا متعلقًا بالإبداع والفن ولم تطرق بابه وتحقق فيه نجاحًا وأثرًا لا يمكن نكرانه حتى الإنتاج، اقتحمته بنجاح كاسح ويكفيها فيلمي أوقات فراغ وسهر الليالي
إلى جانب كتابتها للمقالات بالصحف وهي تجربة مهمة جدًا ربما نجحت فيها أيضًا تأثرًا بوالدها الطيار وأحد الضباط الأحرار الذي كان يكتب المقالات هو أيضًا
في آخر ٢٠١٤ أعلنت الأستاذة إسعاد يونس التوقف عن الكتابة وكأنها تعتزل الرأي والموقف من كل شيئ في الحياة
لقد رأت أن المواقف غير المعلنة تحمي الاستثمارات – رأي له وجاهته – لكن أيضًا أن نكون بلا موقف يعني أن نكون بلا أثر وكيف للعمل أن يكون فنيًا وإبداعيًا بدون موقف وكيف للمبدع أن يكون بلا أثر.
ربما كان التمثيل هو الحلقة الأضعف في مشوار الأستاذة إسعاد – أتحدث عن الأداء وملكات الممثل – بعيدًا عن الحضور وخفة الظل – لذلك عرفت منذ اللحظة الأولى متى بدأت الأستاذة في تقديم حلقات عبر برنامجهها دون اقتناعها – ليست ممثلة بارعة – كان ذلك منذ سنوات ثم بدأت الصورة تأخذ ألوانًا باهتة مرة بحلقات موصى بها استثمارًا أو استغلالًا لنجاحها ثم حلقات يمكنك تصنيفها من الوهلة الأولى علاقات عامة بامتياز سواء لفنانين أو أعمال فنية أو شخصيات عامة أو حتى أفكار
كنت أستطيع تمييز حركات رأسها وجسدها عندما تجامل ضيفها دون قناعة حتى صوتها يتغير
توقفت عن مشاهدة برنامجها منذ مدة طويلة وأعلم برغم عدم الإفصاح عن المشاهدات أن البرنامج الذي حظي بمشاهدات مذهلة في بدايته لم يعد اليوم في مكانه – لا يمكن إنكار ذلك لكن يمكن تبريره أو تفسيره
الادعاء يقتل كل شيئ جميل
لا يمكن للجمهور التواصل والتأثر بشخص يهز رأسه مدعيًا السلطنة أو الإعجاب بينما نستطيع أن نرى على ملامح وجهه حجم الضجر والملل الذي يعانيه ناهيك عن القيود والضوابط المحيطة بعمل تلفزيوني والقلق الدائم خشية تجاوز الخط الأحمر الذي قد يكون بعيدًا جدًا وقد يكون فوق رأسك مباشرة – لم أعد أعرف .
اقرأ أيضا
إذا كان الله قد خلقنا شعوبًا وقبائل مختلفة وأراد لنا التنوع والتعارف فقد أنعم الله على المبدعين بفردية في التعبير ويتبعها التأثير تفوق غيرهم ليصبحوا أدوات فائقة الفاعلية بشخوصهم وأعمالهم لذلك اعتبروا هم القوة الناعمة وخط الدفاع المنيع للأمم لكنك إن نزعت عنهم تفردهم وحجبت اختلافهم وأردت أن يصطفوا بلون واحد وزي موحد يحملون رسالة واحدة ستقضي عليهم لأنهم الأكثر عرضة لفقد معنى الحياة نفسها إن فقدوا فرديتهم أهم ما امتلكوا وبذلك تفقد الأمم أدواتها الناعمة بموتهم وهم أحياء وبفقدانهم يومًا بعد يوم جمهورهم وقدرتهم
كنت أقول أنني أرى الناس عندما يتخلون عن مواقفهم كأنما تخلوا عن رؤسهم لا عين أتواصل معها ولا عقل يبهرني أو يفتح لي أفقًا جديدًا للتفكير والتغيير ولا ابتسامة أطمئن بها
نعم كان من الممكن أن تكون إسعاد يونس أوبرا وينفري الشرق لو فقط استطاعت أن تظل إنسانًا متفردًا مبدعًا بموقف ورأس.
تقول في افتتاحية مقالها الأخير
(بقالنا خمس سنين ورمضان بييجى علينا كل سنة برئيس شكل.. مرة مبارك ومرة المجلس العسكرى ومرة الحاج طرشى ومرة المستشار الجميل عدلى منصور، وأخيرا الرئيس السيسى.. اللهم ديم علينا رمضان الأخير ده.. شكله حايكون ألذ ألذ ألذ.)
ثم استأذنت في إجازة لم تعود منها للكتابة منذ ٢٦ من يونيو٢٠١٤ حتى هذه اللحظة
الكاتب
-
رشا الشامي
إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة
ما هو انطباعك؟
أحببته
8
أحزنني
3
أعجبني
21
أغضبني
1
هاهاها
3
واااو
0
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide