لماذا يعشق المصري أن “يتُف”؟
-
محب سمير
كاتب نجم جديد
تحذير مبدئي:
الموضوع مُقرف
.. أعرف أنك الآن تقول بينك وبين نفسك “أيوه صح”، لماذا يعشق المصريون أن “يتفوا” في أي حته.. وفي أي اتجاه.. و طبعا قبل ده كله “في أي وقت”.. سؤال مقرف أعرف.. و لكنه سؤال يدعو_بجوار القرف_ للتساؤل و البحث و التنقيب.. و آدي دقني لو عرفت السر..
المصري الحقيقي لا يستخدم “الكلينيكس” حتى يبصق فيه.. و بالمناسبة، ليس لأنه لا يشتري كيس مناديل بنص جنيه ( بقى بجنيه دلوقتي).. بالعكس، جرب أن تسأل و أنت في أي مكان “حد معاه منديل يا جماعة” ستجد كل من حولك بيطلعلك علبته بكل محبة.. و اللي ماطلعش معاه برضه بس مكسل يطلعه.. فلقد مضى يا صديقي العهد الذي كان المصري لا يشتري فيه “كيس المناديل” إلا في المناسبات.
لكن من قال إن المناديل الورق عرفها المصريون على أنها “للتف” أصلا.. هذه لغرض آخر..هو “النف” من غير لا مؤاخذه.. أو لمسح العرق قدام الناس بس غير كده ممكن يستخدم كُمه.. لكن عندما يحتاج أن يتف، وهو كثيرا ما يحتاج لذلك، فهناك الشارع، في وسط الطريق، أو على الأرصفة “قال إيه بيتف على جنب”.. أو تحت الكرسي في المترو أو الاتوبيس.. أو من الشباك وهو راكب وزي ما تيجي بقى.. لكن الفعل المحبب للمصريين (جميعهم وليس كلهم) هو أن يقف في بلكونته ويتف على خلق الله اللي ماشية تحت.. وأحيانا وهو جالس على كرسيه في البلكونة برضه، دون أن ينظر إلى أسفل.. لكن المصري عمره ما يتف في بيته.. أصله مواطن “نضيف بطبعه”.
لكن حتى دلوقتي، لم نعرف لماذا كل هذا العشق لذلك الفعل المقرف؟.. دعونا نجيبها واحدة واحدة.. واللى تعجبك ابلعها.. واللى ماتعجبكش.. إحم.. تفها في أي حته.
أولا:
لا يمكنك عزيزي القارئ أن تتجاهل كل ما يتعرض له المصريون على مدار تاريخ يومهم من قرف، ما أنت منها وعارف.. فكل اللى أنت شايفه ده، و ما شاهده أباؤنا وأجدادنا من قرف.. لم ينفع معه أي حاجة اتعملت، لا ثورات ولا انتفاضات ولا دعاء حتى نفع، فصار “التف” على كل شيء هو أقصى ما يمكننا فعله.. إتفو أصلًا على اللي وصلونا لكده ياعم.
ثانيا وثالثا مع بعض:
هل تتذكر أول فعل هنأك عليه الأقربون وماما وبابا وتيتا في طفولتك.. لا ليس نطقك لكلمة “ماما”، بل “تفك” على عمو.. “تف على عمو” هو أول ما يتعلمه الطفل المصري.. عايز إيه تاني بقى عشان تقتنع إنه “الإدمان”؟.
رابعا:
ربما نسبة المدخنين في مصر هي السبب.. نعم.. خصوصا مع السجاير الحقيرة_مش الصيني بس وحياتك_ التي يبتلعها المصريون يوميا كالماء والهواء.. والماء والهواء في مصر أيضا أسباب تخليك تجيب كل اللي في بطنك.. كفاية أم الهواء تحديدا وتلوثه.. لدرجة أنك في الغالب بتتنفس دخان معفن.. عايز تطلع ايه بقى من صدرك آيس كريم؟
خامسا:
من حق كل مواطن أن “يتف” يا أخي.. أنت نفسك تقدر تعيش من غير ما تعمل كده؟
.. تذكرت حالًا، القول المصري الصميم لختام حديث شائك معقد لا أمل له، عندما يختم الأكثر حكمة وخبرة القعدة قائلا بثقة: “ابقى تف على قبري لو حصل حاجة”.
الكاتب
-
محب سمير
كاتب نجم جديد