همتك نعدل الكفة
246   مشاهدة  

لما قالي: الإسعاف جوة رمتني ع المعبر والمصريين شالوني.. عن العاديون الخارقون في الأزمات

المعبر
  • إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة



حملتني الفعالية التي نظمتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية يوم أمس بالتعاون مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي إلى قلب مستشفى العريش العام، ها أنا هنا أقف على عتبات المستشفى حيث يشتد الزحام حول أعضاء مجلس الإدارة من قبل المستقبلين، تطوقهم الكاميرات وطواقم التصوير، بدت الجموع وكأنها ستدخل إلى المستشفى دفعة واحدة في هيئة طوفان من الحشود، لكن ابتسامات العاملين من موظفين وممرضين وممرضات شجعني على مناورة الطوفان والانزلاق للداخل في محاولة للانفراد ببعض من مصابي غزة القادمين عبر معبر رفح والذي أصبح اليوم غنيا عن التعريف بعد أن تصدر عناوين الأخبار العالمية وتضمن بيانات وزارات الخارجية.

المعبر
الوصول إلى مطار العريش

في قسم الجراحة بالطابق الثاني من مستشفى العريش العام، تقيم غالبية الحالات بحكم نوعية الإصابة جراء قصف الاحتلال الغادر على قطاع غزة والذي يدخل يومه الـ ٣٨ وفي غرفة فسيحة تضم مصابين اثنين لشابيين صغيرين يتوسطهم وقوفًا شاب أكبر عمرًا عرفت أنه دخل مرافقًا لأحد النزلاء، طرقت الباب المفتوح لأستأذن بالدخول، كنت أتحرج أن يعتبروا دخولي أمرا مسلمًا به ولا يمكنهم رفضه باعتبارهم ضيوفًا أو ربما سبقني إليهم أحد الزائرين فتكون زيارتي حِملاً يزيد من إرهاقهم، ولم يخفف من حساسيتي الشديدة غير امتنانهم الحقيقي وبدلاً من أن أهون عليهم الظرف العصيب كانت عيونهم المرحبة الراضية تشجعني لاستكشاف وضعهم الإنساني بعد الخسارة الهائلة.

من أقسام مستشفى العريش
من أقسام مستشفى العريش

أجابني فاروق نصا بعد أن اطمأننت عن حالته؛ “أنا هنا من امبارح جيت من جباليا بالشمال، عربية الإسعاف رمتني عـ المعبر والمصريين شالوني” ، “إحنا نشيلكم على راسنا طول العمر يا فاروق” هكذا أسرعت في الرد، ومن قلبي سألته ولم يكن في الغرفة غيرنا ورفيقيه والممرضة دون كاميرات، ماذا تطلب من مصر يا فاروق ولك أن تطلب، فكان رده الاطمئنان عن والده ووالدته تركهما بخير بالقرب من المعبر وحين عرضت مساعدته أخبرني أن جميع من التقاهم بالمستشفى يساعده لتخبرني الممرضة أنها أرسلت لوالده عبر فيس بوك وتنتظر أن يقرأ الرسالة وتحاول الاتصال به بعد أن أعطاها فاروق رقمه.

داخل المستشفى
داخل المستشفى

لم يكن هذا حال فاروق وحده بل مثله مثل ناصر الذي حضر من خانيونس مع ابن عمه الذي دخل مرافقًا له، وحسنين الذي كان أكثر تفاؤلاً مني حين تمنيت له أن تمر الأيام الصعبة ويعود إلى بيته سالمًا معافى، فقاطعني قائلا: وأن أعود سريعًا ونظر لي واثقًا وقال: هذه المحنة لن تطول!

من داخل مستشفى العريش
من داخل مستشفى العريش

رغم حرصي على ألا يتسرب إلى قلوب من التقيت من أهل غزة في مستشفى العريش العام أي استحقاقية لي أو لغيري من الزائرين باقتحام خصوصيتهم أو الإثقال عليهم بالتصوير أو بالأسئلة، كنت حقًا أود أن أعرف مشاعرهم وتقديراتهم لما وجدوه منذ عبورهم معبر رفح فألححت بعيدًا عن الكاميرات بترك رقم هاتفي المحمول حال أرادوا مساعدة فكانوا بحق مجمعين على أن رغباتهم منذ إقامتهم بالمشفى تُنفذ باعتبارها أوامر، اتفقوا على إجابة واحدة “الناس هنا عاملة أكتر من اللي عليها ومش مقصرين”.

من عمل طواقم التمريض في مستشفى العريش
من عمل طواقم التمريض في مستشفى العريش

وأينما التفت وجدت احتضانًا من الأطباء والممرضات والعاملين بالمصابين القادمين من غزة يتجاوز الواجب إلى التفاني في المواساة والتعويض، تتذكر رغما عنك كم مرة قرأت أو سمعت تعليقًا سلبيًا عن قسوة بعض العاملين بالتمريض وعدم مبالاتهم في أحيان كثيرة بحالة المريض النفسية فتتأمل كيف يتحول المصري والمصرية العاديين إلى أبطال خارقين ملهمين وقت الأزمات فلا يتفوق عليهم أحد!

كبيرة يا مصر

وهذا يفسر قوافل المساعدات والتبرعات التي أسهمت بها مصر شعبًا وحكومةً لدعم الاحتياجات الأساسية والعاجلة في قطاع غزة رغم معاناة واضحة بسبب الوضع الاقتصادي الضاغط الذي أزاحه المصريون على جنب باعتبار مش وقته ولدينا واجب علينا أداءه دون أن يشعر المستجير أنه حِمل تقيل.

من قوافل التحالف الوطني
من قوافل التحالف الوطني

إلى معبر رفح لحضور المؤتمر الصحفي الذي عقده التحالف الوطني الأهلي التنموي وبمشاركة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية والتي يمكن الزيادة على اسمها في هذا اليوم بإضافة، والخدمات الإنسانية أيضًا، حيث شاركت المتحدة بتجهيز قوافل إغاثية بحمولة ١٥٠ طنًا مشاركة لجهود التحالف المدني، وهو دور لم أكن أحسبه، فطالما حضرنا فعاليات بصفتنا أهل الإعلام للاطلاع والتغطية الصحفية بينما اليوم نحن أيضا مشاركون بشكل مباشر بمساعدات مباشرة كجزء من المجتمع المدني، وبينما نحن سائرون باتجاه المعبر إذ بالطريق الطويل يتحول إلى موقف هائل لانتظار قوافل المساعدات، فيتبدل – لا إراديًا – شعور الرضا والفخر إلى غضب على هذا العالم الذي يفشل في فرض معاييره الإنسانية التي تبناها لقرون ومارس بها أفضلية كاذبة، بينما يحتاج القطاع إلى ادخال أضعاف مضاعفة من المساعدات التي تدخل فعليًا كل يوم، تبقى مئات الشاحنات منتظرة على الجانب المصري، وفيما يستمر من احترفوا التشكيك في ترديد “افتح المعبر يا سيسي!” عبرت ٣٣٧ شاحنة بحمولة ٦٧٤٠ طن مساعدات من بينها ٧٨ شاحنة مستلزمات طبية مقدمة من التحالف الوطني للعمل التنموي منذ ١٤ أكتوبر الماضي وفق تصريح الدكتورة غادة البهنساوي رئيس المركز الإعلامي للتحالف خلال المؤتمر.

المعبر
من لقاء أهالي سيناء

وبينما تعلن منصة المؤتمر وممثلي التحالف المدني للجمعيات الأهلية عن حجم القوافل المصرية التي تم إعدادها ا لنجدة قطاع غزة يغمغم تَبّاع يقف وسط الحضور بين الإعلاميين ومتطوعي الجمعيات الأهلية ويقول: بس تروح لمستحقيها كلها بعد ما تدخل! فسألته عن عمله فأخبرني أنه يرافق سائقي القوافل الإغاثية إلى داخل المعبر حتى إفراغ الشاحنات، ويتمنى أن يشرف على توزيعها هو وغيره من المتطوعين، وهنا واجب التنويه أنني لا أشكك بمشاركتي حديثه معي في الطرف الآخر من المعبر ممن يتعهدون بتوزيع المساعدات، إنما أردت أن أشير إلى مكمن تفوقنا وتميزنا عن غيرنا من عالم ادعى التقدم والتفوق، فنحن وقت الأزمات نصبح أكثر مبادرة وتمكين وتتضاعف قدراتنا ويتجاوز الفرد فينا حدود وظيفته إلى مهام قيادية أشمل مهما كانت درجته ويتحول الجميع إلى مرحلة تبني نجاح الجهد العام وكم أتمنى أن نحافظ على هذه الروح المبادرة في السعة كما وقت الأزمات.

المعبر

إقرأ أيضا
فراولة

في زيارتي يونيو الماضي إلى الشيخ زويد بعد مرور أكثر من عشر سنوات على آخر رحلة، وجدت لسان حال أهلنا من القبائل ممن التقيتهم بشكل ودي في بيوتهم الخاصة هو الامتنان والحمد لعودة الأمن والأمان، وهو الحال نفسه الذي شهدته أمس خلال استقبال القبائل لنا على مأدبة غداء وفيرة وشهية، ما يقولوه في المؤتمرات العامة أمام الكاميرات هو نفسه ما في صدورهم في الغرف المغلقة، كيف مضت سنوات الحرب على الإرهاب والتقينا مجددا وعادت مدن محافظة شمال سيناء قادرة على استقبال الجميع، وربما أجد الفرصة اليوم مواتية مع إعلان إطلاق التنمية الشاملة التي أعلنت الحكومة عن محاور خطة التطوير الاستراتيجي لتحقيق التنمية المتكاملة في محافظة شمال سيناء ٣١ أكتوبر الماضي – بأن أتمنى من جميع الهيئات الخاصة والحكومية وفق استطاعتها بتنظيم رحلات إلى العريش والشيخ زويد سواء لزيارة الجرحى من الفلسطينيين فيرى المصري قيمته وأثر عمله في عيون غيره كما شهدنا بالأمس، فيعزز ذلك من ثقته بنفسه وفي قدرته ونحن في حاجة لهذا، وليقترب أكثر من أهالي محافظة شمال سيناء فيتحقق بيننا جميعا الاعتياد ونصبح زائرين لا سائحين، وربما أخدنا عن أهل سيناء بعض من عاداتهم ونقلنا عنهم شيء من تقاليدهم الحميدة وهي كثيرة ولنا فيها وقفة في مقال آخر.

اقرأ أيضًا
سيناء خالية من الإرهاب؛ شفت بعيني!

الكاتب

  • المعبر رشا الشامي

    إعلامية حرة، أسست شبكة مراسلي المحافظات في أون تي في إبان ثورة ٢٥ يناير وشاركت في تأسيس وكالة أونا الإخبارية.. عملت كرئيس تحرير ومدير لموقع دوت مصر ثم رئيس لمجلس إدارة موقع المولد والميزان.. صاحبة بودكاست يوميات واحدة ست المهموم بالحرية وإعادة تغيير مفاهيم خاطئة






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان