لن تسمع عنهم كثيرًا .. الشاب عراب حضور طاغي ورحيل مفاجئ
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
يعتبر عام 1992 أغزر السنوات إنتاجًا لحميد الشاعري، وضع حميد في هذا العام 50 لحنًا بالإضافة إلي 116 أغنية موزعة، وبحسبة بسيطة سنجد أنه قام بتوزيع 15 ألبومًا منفردًا وهو رقم يبتعد كثيرًا عن “حسام حسني” أقرب الموزعين إنتاجًا في العام حيث وزع 48 أغنية فقط بما يعادل ستة ألبومات.
في تلك الفترة كان غالبية المطربين يسيرون خلف ظل حميد، حيث أن المحتوى الموسيقى بالكامل كان تحت إشراف واختيار “الكابو” بل أن الكل كان يذهب إلي الأستوديو لا يعرف من عليه الدور في التسجيل، من أشهر ما وزع حميد في هذا العام “شبكني الهوى” أحمد جوهر، “معجباني” فارس، “لياليكي “مصطفي قمر” “رايق” حسن عبد المجيد، وهي الألبومات التي ثبتت أقدام بعضهم، لكن ظلت الرؤية الفنية والموسيقية متكررة منسوخة من بعضها، يختلف فقط أسم المطرب وهو ما رسخ فكرة الإستسهال في التنفيذ، واتهام البعض له بعدم تجديد موسيقاه بالإضافة إلي ديكتاتوريته وتحكمه في العمل من الألف إلي الياء، لكن في نفس العام كان هناك ألبوم “لو كان” للشاب عراب الذي توهج فيه “حميد” بشكل كبير وغرد به بعيدًا عن الاستسهال وجعلنا نشعر أننا أمام حميد مختلف ومتطور، هذا الألبوم الذي يعتبر طفرة في ألبومات موسيقى الجيل بل أفضل إطلالة له في تلك الفترة.
محمد عبد العالي عراب أو كما يطلق عليه الشاب عراب صاحب الصوت الدافئ، الليبي المعجون بحب الموسيقى والغناء يعتبر من أقرب أصدقاء حميد منذ البدايات في ليبيا مع فرقة “ابناء افريقيا” وحتى قدومه إلي مصر في الثمانينات، وكان أحد أفراد الكورال الذي غني خلف حميد في ألبومات كثيرة اشهرها “رحيل” ثم جاءت فكرة إنتاج أول ألبوم له وأطلق عليه حميد “الشاب عراب” كأسم فني ملائم لتلك الفترة التي شهدت سطوع شمس مطربي موسيقى الراي وانتشارها في الوطن العربي كله.
امتاز الشاب عراب بشخصية فنية لها فكرها المختلف عن بقية مطربي موسيقى الجيل جعلته يتأخر كثيرًا في الظهور الأول له، حيث استغرق إعداد الألبوم عدة سنوات حتى يخرج بشكل مختلف موسيقيًا عن ألبومات تلك الفترة.
لم ينسي عراب جذوره الليبية فكان يريد أن يقدم الموسيقي الليبية في شكل حديث، وكان من المفترض أن يتم إعادة بعض أغنيات المطرب الليبي الكبير “أحمد فكرون” الذي اعترض على الفكرة بسبب أن الموسيقى ستكون تحت إشراف حميد الشاعري المصطدم معه في عدة خلافات، لكن الشاهد أن عراب انتقى عدة أغنيات غاية في الروعة خرجت بخلطة مصرية ليبية مدهشة.
أقرأ ايضًا … في حب طلعت زين المطرب
احتوى الألبوم على ثمان أغنيات توزعت بشكل جيد على فريق عمل تكون من حميد الذي لحن ثلاث أغنيات بالإضافة إلى الاستعانة بثلاث أغنيات من أغانى فريق “الموسيقى الحرة”الليبي ولحن وحيد لكلًا من المطرب مصطفى قمر وأشرف السر خوجلي، وهذا صنع تنوع جيد للألبوم فجاء الخليط الموسيقى مدهش بالأضافه إلى أن حميد لم يعتمد على إيقاع المقسوم بشكل مفرط كما فعل فى أغلب تجاربه الأخرى، ويمكن ان نقول أن حميد صنع هذا الألبوم بمزاج شخصي جدًا بعيدًا عن أعتبارات السوق الغنائي.
لو كان” كانت باكورة أغنيات الألبوم ووضح تأثير الأغنيه الأصلية التى غناها الراحل “نجيب الهوش” على رؤية حميد الموسيقية فى استخدامه نفس صولوهات الإلكتريك جيتار لكن حميد فى وضع بصمته فى المقدمة الموسيقية التي عزفت بالأكوا ستيك جيتار مع الكيبورد ودمجها مع موسيقى الأغنية الأصلية وهذه المقدمة تحديدًا كان يستعين بها برنامج “Nile Dj” كتتر على قناة النيل الدولية.
لم ينسى حميد جذوره هو الأخر فقدم له لحن مطور من الفلكلور الليبى فى أغنية “وين معدى وين” والتى أعد كلماتها الشاعر عادل عمر
ضمينى” يمكن أن نضعها كواحدة من أوائل الأغاني التى أستخدمت إيقاع الريجى وتألق حميد فى التوزيع على لحن “أشرف السرخوجلي” وبدا فيها الشاعر “سامح العجمى”متألقًا فى مفرداته الخاصة الغير مستهلكة بالمرة.
“غنيت”أحد بصمات حميد الخاصة على الألبوم ,لو تغاضينا عن كلمات عادل عمر سنجد أداء مختلف للشاب عراب مع إيقاع المقسوم والذى لم يكن صاخبًا كما هو معتاد من حميد .
إطلالة حميد فى هذا الألبوم جائت مختلفة تماما عما كان يقدم ويبدو أن حميد كان يدرك أن إيقافه عن العمل بات وشيكًا فقرر دون قصد أن يصنع ألبومًا للتاريخ , بالطبع الألبوم يعرفه جيدًا عشاق حميد الا الألبوم على المستوى العام لم يشهد سطوعًا كان يستحقه ليرحل بعدها الشاب عراب فى ظروف غامضة فسرها البعض بسبب الأدمان أو بسبب ملاحقة النظام الليبى له الذى كان يجهر بمعارضته له إلا أن الألبوم ظل فى الذاكرة كأحد أهم إصدارات موسيقى الجيل على الإطلاق .
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال