لوبي الصامتين يتحدث اخيرًا
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
لازالت أصداء أغنية “للَي” للملك “محمد منير” تسيطر على أجواء الساحة الفنية، نالت الأغنية إشادات واسعة فاقت توقعات أغلب المتخوفين من تعاون الملك مع الممثل “أكرم حسني” الذي لا يصنف في خانة الشعراء، وبدأت المشاكل تحوم حولها بعد أن خرج شاعر صعيدي أدعى أن أكرم سرق الأغنية منه، وهي الإشكالية التي جعلت الكل يرغي ويزبد فيها عن علم وعن جهل على حد سواء، لكن ما جعلني أعاود الحديث عنها هو أن البعض خرج عن صمته لأول مرة و تحدث عن الأغنية ليس بغرض البحث عن الحقيقة ولكن وفق منطق يحكمه الهوى والنفسنه من أكرم حسني.
هذا اللغط فتح بابًا واسعًا للجدال ما بين المدافعين عن أكرم حسني والمهاجمين له، لكن المفاجأة كانت في اكتفاء شلة شعراء السوبر ماركت المتحكمة في سوق البوب بالصمت تجاه هذا اللغط لأسباب يمكن تلخيصها في أن كلمات الأغنية فضحت زيف تجاربهم الغنائية المهترئة، وتوافق مصالح بعضهم بشكل ما مع أكرم حسني.
لوبي الصامتين يتحدث اخيرًا
على الطرف الأخر خرجت شلة أخرى مكونة من لوبي شعراء الأندرجراوند عن صمتها لأول مرة وبدأت في الحديث عن الفرص الفنية والآلية التي تحكم سوق الغناء وأن “محمد منير” اخطأ كثيرًا عندما منح “أكرم حسني” فرصة لا يستحقها ولم يكلف خاطره بالبحث في دواوينهم الشعرية المركونة على الرفوف والتي يعتقدون أنها تتماس بشكل ما مع تجربته الغنائية.
هذا اللوبي الصامت تمامًا تجاه ما يحدث في سوق الغناء استفزته أغنية ناجحة لمنير من كتابة الممثل الكوميدي الهزلي “أكرم حسني” ولم تستفزه الأوضاع التي تسود سوق الغناء المصري والتي يسيطر عليها أنصاف الموهوبين من الشعراء، بعضهم يكتفي بالتلميح عن بعد دون أن يورط نفسه في صدام مع أي فئة من الصناع سواء ملحنين او شعراء أو مطربين، لأنهم لا يريدون غلق الأبواب بشكل كامل في وجوههم لعل الفرصة تأتي فجأة.
في منشور غاضب لأحد الصحفيين الذي يمارس العديد من المهن ذات الصلة بالفن اتهم كل من دافع عن أكرم بالسطحية والجهل بأصول الشغلانة وأنه يجب عليهم احترام إحباط الفئة التي تبحث عن نفس الفرصة التي نالها أكرم، رغم أن هذا الشخص لم يهاجم صديقه الملحن المشهور حاليًا الذي يفرم نفسه داخل سوق البوب في أغاني تشبه المناديل الورقية، ولم يستفزه تعاون نفس الملحن مع شخص من الظلم أن نطلق عليه شاعرًا من الأساس بل استفزته فرصة وحيدة اقتنصها أكرم حسني ولم تستفزه مئات الفرص التي نالها هذا الشخص الذي ينصب نفسه زعيمًا على شلة السوبر ماركت التي تقف ضد أي موهبة شعرية حقيقية تبحث ولو عن ربع فرصة.
هذا الصحفي كتاباته ومنشوراته عن الموسيقى والغناء دائمًا ما تقف في منطقة رمادية “من الأخر مبيزعلش حد” حتى لا يقطع أي حبال قد تحقق حلمه الأكبر في أن يكون شاعر أغنية مشهور رغم أنه لا يحتاج إلي شهرة من الأساس وله متابعين بالالاف لكن يبدو أن تعاون أكرم مع منير زاد من احباطه بعد فشله في تحقيق حلمه بكتابة أغنية لمنير رغم أنه لم يستغل تلك الفرصة وقت ما كان يجري حوارًا معه منذ فترة، إذن على من يقع اللوم في تلك الإشكالية ولماذا نطلق احكامًا قاطعة وفقًا للهوى ووفقًا للمصالح الشخصية.
حسن رياض رحلة ابداع لا نتتهي وداعًا يا برج الحمام
على نفس الشاكلة قام أحد الشعراء بمهاجمة الأغنية في مقال بنى حكمه فيها على ضعف المستوى العام لها وأن نجاحها ارتكز على إرث منير الفني وشعبية أكرم حسني كممثل، وهي رؤية قاصرة جدًا لأن منير لم يشفع له إرثه الفني في إنجاح أغانيه الأخيرة التي شابها الضعف والسذاجة الفنية.
ثم ترك منير جانبًا ليصب هجومه على أكرم حسني الذي وصفه بأنه يكتب أغاني غير جادة، وهو هجوم ساذج جدًا لا يخرج من شخص المفترض أنه شاعر له دراسات نقدية كثيرة، حيث حمل بين طياته تلميحًا بأن الأغنية لا تنتمي إلي فئة الأغاني التي يكتبها أكرم رغم أن الكتابة الهزلية تتطلب مجهودًا أكبر في الصياغة من حيث المفردات والأفكار ثم أنه خلط الأوراق ولم يفرق بين الأغنية العادية وبين شعر العامية.
ثم استفرد في معرض هجومه أن أسهل طريق للكتابة باللهجة الصعيدية هو الدخول من باب المربعات وأن أغنية “للَي” عبارة عن مربعات مهلهلة بكلمات ركيكة غير مترابطة، ويبدو من هذا الاتهام أنه لم يستمع إلي الأغنية من الأساس، حيث إنها لم تكتب في قالب المربعات حتى لو تشابه فيها مقطع مع مربع حيث اختلف البحر الشعر المستخدم بينهما، ثم أن الأغنية كتبت بلهجة بيضاء و بمفردات بسيطة يمكن سحبها على أي منطقة وليس الصعيد تحديدًا، ثم أنها في النهاية أغنية عاطفية بسيطة لا يجب أن تحمل تأويلًا عميقًا أو إسقاطًا أو يشترط أن تزخر بالصور والمحسنات البديعية والطلاسم مثلما يفعلوا في قصائدهم كنوع من إضفاء العمق على كتاباتهم التى لا يقرأها سوى حفنة قليلة من الجمهور.
كل هذا الهجوم كان يمكن التعامل معه على أنه وجهة نظر نقدية تجاه الأغنية وله مطلق الحرية في ذلك لكن في أخر المقال ذكر أسم أحد أصدقاؤه الشعراء وحكى محاولته الوحيدة في اللقاء مع منير بعد أن دبر له أحد الأشخاص لقاء مزعوم معه، وبالطبع لم ينجح في مقابلة منير الذي تركه ليكمل نومه، ليتضح أن المقال لم يكن سوى انحيازات شخصية وغيرة ونفسنة فنية من فرصة منحت لأكرم ولم تمنح لصديقه، ثم لم ينسى أن يختم مقاله بأن أكرم حسني لم يكن يقصد السرقة لكنه استخدم قوالب مستهلكة حرمته من نعمة التفرد وكأن من يكتب لمنير يجب أن يكون شخص غير عادي متفرد رغم أن تجربة منير لم تخلو من الشعر الملفق.
السوق يبتلع الكل.
عندما صدر ألبوم حمزة نمرة “مولود سنة 80” تفائلت خيرًا وقلت أنه الحجر الذي سوف يحرك ركود سوق الغناء، وأن على المطربين الاستفادة قدر الإمكان من هؤلاء الشعراء في ظل تهاوي الخطاب الشعري المستخدم في سوق البوب والذي جعل الجمهور ينصرف إلى أغاني المهرجانات والراب والتراب.
مرت الأيام ولم تصدق مزاعمي حول هذا الأمر فلم نرهم في أعمال جديدة مع مطربين البوب التي تتحكم فيهم شلة السوبر ماركت التي تقف ضد أي موهبة جديدة، ولنا في الشاعر “صابر كمال” المحسوب على سوق البوب المصري عبرة حيث صنع عدة أغنيات نالت شهرة ضخمة ولفتت الأنظار لموهبته كشاعر لكن للأسف ابتلعه السوق وأصبحنا نراه على مضض في أغنية هنا أو هناك ولم يستفد السوق منه بشكل يتوافق مع موهبته وقدراته بل ابتلعه تمامًا، وهو الأمر الذي لا تدركه تلك الأغلبية الصامتة التي خرجت تدافع عن فرصها مع محمد منير فقط بعد أغنية “للَي” ولم تستفزها أغنية مثل “باب الجمال” أو “اللي باقي من صحابي” وكأن أكرم حسني سرق فرصهم بشكل شخصي و كأن منير هو المطرب الوحيد في السوق الغنائي.
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال