همتك نعدل الكفة
734   مشاهدة  

ماذا لو هرب أسد نادي الشمس إلى التجمع؟

أسد نادي الشمس
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



هي بالحق ساعة سوداء كما تقول ستي ، أهلًا .. أنا الأسد سيزر أسد نادي الشمس  ، أحكي لكم وأنا مقيدًا في قفص عائدًا إلى بيتي في نادي الشمس ، أحكي لكم وقد غيرت وجهة نظري في الحياة عمومًا وفي السياسة بالأخص ، أحكي لكم وقد انتهى بي الحال لأن أصبحت أسدًا عاديًا ككل الأسود

بدأت الحكاية عندما كنت شبلًا  صغيرًا ، ورثت الناصرية عن والدي ، كان يعمل في سيركًا مشتركًا مع بعض الأسود من روسيا ، كان مؤمنًا أشد الإيمان بعودة الاتحاد السوفيتي إلى كامل مجده ، حكى لي عن حلم جيفارا ولينين وماركس ،  تكون بداخلي حب الحلم الناصري ، التحليق بلا أجنحة ، الوقوف ضد الأفكار الساداتية، من أول الاعتراف بحجم القوة الحقيقي لوضع أكل العيش في أولوية الأمور على أن أنحي الأحلام جانبًا !

لسوء الحظ ولحسنه ، انتهى بي الأمر في الوقوع بسيرك الحلو في نادي الشمس ، ابتعدت لفترة كبيرة عن الافتراس ، تفرغت فيها (مجبرًا) على التأقلم مع بعض الألعاب السخيفة ، ابتسم في وجه الأطفال، ويقف أمامي مدربًا سخيفًا بكرباج يظن عبثًا أن ما يخيفني من طاعته هو الكرباج لا إني آخذه على قد عقله ..  عشرة سنوات بالتمام والكمال والحلم الناصري في الهروب من هذه القيود يغلي كالزيت  بداخلي ، عشرة سنوات وحلم العودة إلى الغابة وتكوين أسرة لم ينم بداخلي لحظة واحدة ، حتى جاءت لحظة لم تكن ككل لحظة !

في إحدى أيام التدريب لاحظت جلبة في الخارج، أصوات متداخلة :

  • وصل ؟
  • خلوا بالكوا منه !
  • استوصوا بطعامه !

بعد فترة تكشف لي أن كل هذا الاهتمام لأسدًا روسيًا سوف يشارك معنا في التدريبات ، ذلك لأن العرض القادم شديد الأهمية .. ذلك لأن رئيس حي العاشر سيحضره .. بعد فترة من التدريب لاقى فيها هذا الأسد اهتمامًا بالغًا جمعتني به جلسة طعام خاص ، بعد أن جاب الكلام بعضه ، عرفت أنه سليل عائلة لينين ، شرحت له كيف ان ثقافتي ناصرية ، وجدته يعرف ناصر جيدًا ، وكم كان جده أحد الذين سافروا مصر لإقامة العروض أيام الاندماج الجمهورية المصرية والاتحاد السوفيتي .. قلت له كيف أن حلم التحرر لم يزل مستعرًا بداخلي ، فكانت نظرة خبيثة منه فهمت منها كل شئ .. إنها خطة على وشك التنفيذ

في نهاية العرض وبعد أن صفق الجميع ، كانت عربة نقل الأسد الروسي مجهزة تمامًا ، بعد أن دخل الأسد وبدأ السائق بالقيادة ، كان الأسد الروسي قد تبادل المراكز معي ، بحركة خاطفة ، وكنت أنا قد خرجت بالفعل وتركت لجميع العاملين في نادي الشمس مفاجأة الهروب

في الطريق زئرت عدة مرات حتى ظن السائقين أن هناك أزمة ما ، فحاول أحدهم أن يتفحص القفص فقفزت خارجًا ، وفررت في صراخ السائقين وعاملين السيارة ، وانتهى بي الأمر أنني في منطقة تدعى التجمع !

وآه مما رأيته ، الأمطار في كل مكان سيول ، الأرض تكاد تنزل بي إلى سابع طبقة منها ، اثنان يركبان سيارة يقسم أحدهم للآخر أن هذا الأسد ليس حقيقيًا وأنه أحد علامات يوم القيامة التي قالت عنها دار الإفتاء  .. هنا واحدة تبكي من السيول ولا تستطيع أن تتصل بأمها بسبب انقطاع الشبكة .. اثنين عالقين فوق شجرة قفزت للأعلى كي أنقذهم وبعد أن أنقذتهم قالوا لي :انصرف أعوذ بالله ! رأيت امرأة على سطح أحد المنازل تلقي بطشت ماء على رأسي! مجموعة من البنات التافهات فتحن شباك إحدى السيارات ونادتني إحدهن : سيزاار .. سيلفييييي ! ، أحد الرجال يلعن المهندس الذي أشرف على بناء منزله ، وطفلًا عالقًا يحمل حقيبة مدرسته وينادي على الناس كي ينقذوه فتنقذه رجال الحماية المدنية ، مشهد به من التناقضات الكثير ، كثير من الإتقان والتضحيات ، كثير من الإهمال ، كثير الأزمات وكثير من الحلول ، مجموعة من الشباب قد تطوعوا لإنقاذ العالقين ، ومجموعة أخرى تطوعت لنشر الشائعات على فيس بوك فدمرت الوعي العام .. وأنا بين هذا وذاك اقف حزينًا، لم أرى جدوى من الهروب، أندم على اليوم الذي زرع أبي في داخلي الناصرية ، وحلم الخروج إلى الحرية ، وعرفت وقتها كيف أن مصر ساداتية الطباع ، لا شئ يعلو فيها فوق الحفاظ على أكل العيش، وأن الحياة – وإن كان بها بعض الأزمات- أفضل من الدخول في نفق غير معروف نهايته، وأن العيش كنسر طائر حلم فقط لم يذكر فقط إلا في الكتب ، وأن نظرية سيادة الرئيس محمد أنور السادات هي الأصلح في مواجهة الحياة ، بعض من العنفوان وبعض من العقل ، قدم في الداخل وأخرى في الخارج، وأن الحل الحقيقي هو نقاش الأزمة نفسها لا شعاراتها ، وأن الفيس بوك مضر بالصحة ويسبب الوفاة !

بعد ساعة :

عائدًا إلى نادي الشمس ، أرتدي الجلباب الفلاحي ، وأمسك بين نابي بـ بايب به بعضًا من المزاج ، وأضحك بصوت أجش ، تفاجئ الجميع بعودتي منكسرًا مبللًا  حزينًا ، وحينما سألتني أحد المدربات ، لما العودة وقد هربت ، قولت لها بعد ضحكة خشنة ونفس من البايب: دول الولاد كانوا بيتدربوا يا همّت يا بنتي !

 

(هذه القصة خيالية وأكدت إدارة سيرك الحلو في نادي الشمس عدم هروب الأسد)

 

الكاتب

  • أسد نادي الشمس محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
2
أغضبني
1
هاهاها
0
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان