ماريان باخماير..”الأم المنتقمة” التي أطلقت النار على قاتل طفلتها في منتصف محاكمته
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في 6 مارس 1981، فتحت ماريان باخماير النار في محكمة مزدحمة في ما كان يعرف آنذاك بألمانيا الغربية. وكان هدفها هو قتل مجرم جنسي يبلغ من العمر 35 عامًا يحاكم بتهمة قتل ابنتها. بالفعل نجحت في تحقيق هدفها وتوفي المجرم بعد إصابته بست رصاصات. على الفور أصبحت باخماير شخصية سيئة السمعة وأطلق عليها اسم “الأم المنتقمة”. طرحت محاكمتها -التي تابعها عن كثب الجمهور الألماني- السؤال التالي: هل يمكن تبرير جريمتها فقط لأنها كانت أم تنتقم لطفلتها؟
مقتل آنا باخماير:
قبل أن تعرف باسم “الأم المنتقمة” في ألمانيا، كانت ماريان باخماير أم عازبة تصارع من أجل بنتها ونفسها. كانت باخماير تدير حانة في لوبيك في ما كان آنذاك ألمانيا الغربية. كانت تعيش مع طفلتها الثالثة، آنا. بينما تم تبني أطفالها الأكبر سنًا في وقت سابق. وصفت آنا بأنها كانت “طفلة سعيدة واجتماعية”. ولكن ضربت المأساة جميع أصدقاء وأفراد عائلة آنا عندما وجدت ميتة في 5 مايو 1980.
في ذلك اليوم تغيبت آنا، التي كانت تبلغ من العمر سبعة أعوام، عن المدرسة بعد مشاجرة مع والدتها. للأسف وجدت آنا نفسها في أيدي جارها البالغ من العمر 35 عامًا، والذي كان جزار محلي يدعى كلاوس جرابفسكي. كان لدى كلاوس بالفعل سجل إجرامي يتعلق بالتحرش بالأطفال. علم المحققون في وقت لاحق أن كلاوس أبقى آنا في منزله لساعات قبل أن يخنقها بجوارب. سواء اعتدى عليها جنسيًا أم لا يبقى مجهولًا. ثم وضع كلاوس جثة الطفلة في صندوق من الورق المقوى وتركه على ضفة قناة قريبة من منزلهما.
اعتقل كلاوس جرابفسكي في نفس المساء بعد أن قامت خطيبته بتنبيه الشرطة. اعترف كلاوس بجريمة القتل لكنه أنكر أنه اعتدى على الطفلة. بدلًا من ذلك، أعطى كلاوس الشرطة قصة غريبة ومزعجة. ادعى القاتل أنه خنق الفتاة الصغيرة بعد أن حاولت ابتزازه. وفقاً لكلاوس، حاولت آنا إغوائه وهددت بإخبار والدتها أنه تحرش بها إن لم يعطها المال. غضبت ماريان باخماير بسبب هذه القصة بشكل كبير.
انتقام ماريان باخميار:
كانت محاكمة كلاوس محبطة لماريان باخماير على الأرجح. محامي دفاع كلاوس ادعى ان تصرفه نبع من اختلال في التوازن الهرموني الذي كان سببه العلاج الهرموني الذي كان يحصل عليه بعد أن تم اخصائه قبل سنوات. في ذلك الوقت، كان مرتكبي الجرائم الجنسية في ألمانيا في كثير من الأحيان يخضعون للإخصاء لمنع عودتهم إلى الإجرام. لكن لم تكن هذه الحالة مع كلاوس جرابفسكي حيث اختار بنفسه أن يتم إخصاءه.
وفي اليوم الثالث من المحاكمة في محكمة لوبيك المحلية، أخرجت ماريان باخماير مسدس بيريتا من عيار 22 من حقيبتها وضغطت على الزناد ثماني مرات. ست طلقات أصابت كلاوس، و بالفعل مات في قاعة المحكمة. وادعى الشهود أن باخماير أدلت بملاحظات مُدينة بعد أن أطلقت النار على كلاوس. وفقًا للقاضية جينثر كروجر، التي تحدثت إلى باخماير بعد أن أطلقت النار على كلاوس من الخلف، فإنها سمعت الأم الحزينة تقول: “أردت قتله”.
يزعم أيضًا أن ماريان باخماير قالت: “لقد قتل ابنتي…أردت أن أطلق النار عليه في وجهه ولكني أطلقت النار عليه من الظهر…أتمنى أن يكون ميتًا”. وادعى شرطيان أنهما سمعا باخماير تدعو كلاوس “خنزير” بعد أن أطلقت عليه النار. سرعان ما وجدت أم الضحية نفسها تحاكم بتهمة القتل.
وخلال محاكمتها، شهدت ماريان باخماير أنها أطلقت النار على كلاوس جرابفسكي في حلم وأنها رأت رؤى لابنتها في قاعة المحكمة. قال الطبيب الذي فحصها أنه عندما طلب من باشماير عينة لخط يدها، كتبت: “لقد فعلت ذلك من أجلك يا آنا”. ثم زينت الورقة بسبعة قلوب، ربما رسمت قلب لكل عام من حياة آنا.
“سمعت أنه يريد الإدلاء بشاهدته”. قالت باخماير في وقت لاحق في إشارة إلى ادعاءات كلاوس بأن ابنتها التي كانت تبلغ من العمر سبع سنوات كان تحاول ابتزازه.”فكرت أن الآن تأتي الكذبة التالية حول هذا الضحية التي كانت طفلتي”.
ردود الفعل:
وجدت ماريان نفسها في وسط تغطية إعلامية ضخمة. وحظيت محاكمتها باهتمام دولي أيضًا. نشرت مجلة شتيرن الأسبوعية سلسلة من المقالات عن المحاكمة. بعض من تلك المقالات كان حياة باخماير كأم عازبة عاملة وعن بدايتها الصعبة للغاية في الحياة. وتفيد التقارير أن باخماير باعت قصتها إلى المجلة بمبلغ 158 ألف دولار تقريبا لتغطية نفقاتها القانونية أثناء المحاكمة.
تلقت المجلة عددًا هائلًا من الردود من القراء. “هل كانت ماريان باخماير أم حزينة تحاول ببساطة الانتقام للموت الوحشي لطفلتها أم أن فعلها جعلها قاتلة بدم بارد؟” كان السؤال الذي حاول قراء المجلة إجابته. أعرب الكثيرون عن تعاطفهم مع دوافعها ولكنهم أدانوا أفعالها.
بالإضافة إلى النقاش الأخلاقي حول القضية، كان هناك أيضًا نقاش قانوني حول ما إذا كان إطلاقه للنار كان مع سبق الإصرار والترصد أم لا وما إذا كانت جريمتها تعتبر قتل أو قتل غير متعمد. حيث تحمل الجرائم المختلفة عقوبات مختلفة. بعد المحاكمة بعقود، ظهرت صديقة في فيلم وثائقي عن القضية ادعت أنها شاهدت باخماير وهي تتدرب على إطلاق النار على أهداف في قبو حانتها قبل جريمتها. كما قالت ماريان باخماير نفسها في 1995 أنها قتلت قاتل ابنتها مع سبق الإصرار والترصد لتنفذ القانون عليه تمنعه من مواصلة نشر الأكاذيب عن آنا.
وفي نهاية المطاف أدانت المحكمة ماريان باخماير بالقتل غير العمد وحيازة سلاخ غير مرخص وحكمت عليها بست سنوات خلف القضبان في عام 1983. ووفقًا لدراسة استقصائية أجراها معهد ألينسباخ، فإن الأغلبية والتي كانت تمثل 28 في المائة من الألمان اعتبروا الحكم عليها لمدة ست سنوات عقوبة مناسبة لأفعالها. واعتبر 27 في المائة آخرون أن العقوبة ثقيلة للغاية بينما رأى 25 في المائة أنها خفيفة للغاية.
وفي يونيو 1985، أطلق سراح ماريان باخماير من السجن بعد أن قضت نصف عقوبتها فقط. وانتقلت إلى نيجيريا حيث تزوجت وعاشت حتى التسعينات. بعد أن طلقت من زوجها ، انتقلت باخماير إلى صقلية حيث عاشت حتى تم تشخيصها بسرطان البنكرياس وبعدها عادت إلى ألمانيا. توفيت ماري باخماير في 17 سبتمبر 1996 عن عمر يناهز 46 عامًا ودفنت بجانب ابنتها آنا.
الكاتب
-
ريم الشاذلي
ريم الشاذلي طالبة في كلية حقوق القسم الإنجليزي بجامعة عين شمس ومهتمة بحقوق المرأة والحركة النسوية المصرية والعالمية.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال