همتك نعدل الكفة
408   مشاهدة  

ماكو.. سيناريو بلا هدف

ماكو


من المفترض أن فيلم ماكو هو فيلم رعب ومن المفترض أنه مصري ولكن هل هو فيلم؟ ذلك السؤال الذي طرحته على نفسي بعدما انتهيت من مشاهدة الفيلم، فبعد الكثير من النظر للشاشة والنظر للساعة والرهانات الرابحة بيني وبين نفسي انتهى الفيلم لأعترف أنه الفيلم الأول ربما في حياتي الذي لم انتظر لأشاهد تتراته فكنت راغب في الخروج من السينما بأسرع وقت.

يعتمد البناء الدرامي العام للسيناريو على دافع أو مجموعة من الدوافع التي تحرك السيناريو للأمام بشكل سلس وبسيط، نكتشفها أثناء الأحداث، فالدوافع مثل الطاقة التي تحدث الحدث فتصنع التغير والتطور، ولكن إن كانت تلك الطاقة واهية ومتقطعة وغير منتظمة وغير منطقية فأبسط ما سيحدث هو انهيار كامل لهذا النظام.

مخرجة أفلام وثائقية شديدة الأنانية لدرجة أنها لا تخفي ذلك، تسيطر على زوجها مخرج الأفلام الوثائقية أيضا وبدافع حبه لها ينساق ورائها، تخسر جائزة عالمية بشكل مثير للسخرية فتقرر إخراج فيلم جريء لتحاول تحقيق حلمها.

حتى تلك اللحظة البناء منطقي -نوعا ما- بعيدا عن سلطوية البطلة، تصادف بفتاة تقترح عليها فكرة جريئة تحتاج إلى المخاطرة، “مبلوعة ممنطقة” ولكن تصدم بالآتي أولا عدم وضوح دافع الفتاة صاحبة الفكرة من الأساس لتظل طول الفيلم تسأل نفسك عن سبب خوضهم تلك المغامرة؟ ولماذا جرتهم الفتاة لتلك المغامرة، لتبدأ النقطة الأغرب.

الفيلم المنتمي لأفلام الوحوش، يحاول إيجاد افتراض منطقي لهياج سمكة قرش في البحر؟! ثم يكتشف عبث الفكرة فيتراجع عنها، ثم يكتشف أنه يجب عليه وضع شراسة الوحش في إطار منطقي مرة أخرى، نعم هذا يحدث أثناء أحداث الفيلم فتجد كأنما كاتب الفيلم يتذكر الأشياء وهو يكتب فيضعها كيفما اتفق طيلة الفيلم.

قبيل ماكو كنت أعقد أن الشرير لمجرد الشر هو كائن منقرض من السينما، حتى أسوأ الأفلام على الإطلاق أصبح للشرير منطق، ولكن في ماكو كان شريرو الفيلم من البشر بلا أي هدف أو دافع لشرهم المطلق، فالمنتج الفني الذي يعمل معهم شرير لمجرد انه مدمن؟! وأحد العاملين في المركب قرروا أن يكون شريرًا هكذا بلا أي هدف أو حتى سبب أو بناء جيد لهذا الشر، فهو أصلا شخصية ظهرت من العدم وذهبت في العدم.

جميع دوافع الشخصيات واهية، ولكن هناك مشهد في منتهى العبثية حينما يطلب شريف من زوجته رنا أن تثق فيه لمرة وحيدة وأن تسمع كلامه وتمتثل لأمره بعدما كانت هي من تقود طيلة الوقت، فيفتح أحد الأبواب ويجعلها تمر ثم ينهار الباب الحديد على قدمه حينا يحاول هو المرور، وبهذا المشهد المقصود به أن الزوج المحب يحاول حماية زوجته وأنها تثق به تحول ببساطة لإجابة على السؤال الذي يطرحه الزوج ” ليه ما بتسمعيش كلامي يا رنا؟” والإجابة أنه المرة الوحيدة التي امتثلت فيها لأمره مات بسببها، فلو كان كاتب الفيلم قاصدا ومتعمدا أن يفعل ذلك لما استطاع فعلها بمثل هذه المثالية ولكن الغريب أنه كان يريد من المشهد العكس تمامًا يريد من المشهد أن يجعل البطلة تراجع نفسها وتستمع لكلام زوجها ولكنه قرر أن يدمج مشهد التضحية بمشهد سمعان الكلام فكانت النتيجة مشهد شديد العبثية.

الأسوأ أن جميع الشخصيات واهية حرفيا، جميعهم لديهم ثغرات في بنائهم الدرامي من البطل وحتى ضيوف الشرف نفسهم، ولكن البناء الدرامي لم يكن الكارثة الوحيدة في ماكو، الحوار كان أيضا كارثة، مونو تون متواصل نستمع لجميع الشخصيات تتكلم بنفس اللسان بنفس الطريقة اللهم شخصية تيمور لعمرو وهبة وشخصية زياد لمحمد مهران، بينما الباقين بلا منازع يتحدثون بنفس الطريقة فتجد أن كل الشخصيات متشابهة لحد الرتابة والسخافة وعدم تفرقتهم عن بعض خاصة وأن الحوار في النصف الأخر من الفيلم عليه عامل كبير ما غياب وجوه الممثلين خلف أقنعة الغطس.

إقرأ أيضا
نشيد اسلمي يا مصر

إذن ماكو في رأيي عبارة عن سيناريو بلا دوافع شخصيات بلا بناء سليم وحوار سيء، التنفيذ البصري هو أفضل ما الفيلم فقط لا غير التصوير والمونتاج هما أفضل العناصر على الإطلاق والمونتاج بالتحديد أفضل عنصر في فيلم ماكو ولكن لا الصورة الجيدة ولا المونتاج المتميز لديهما القدرة على إخفاء عيوب الدراما التي تنفجر في وجهنا بسبب رداءة السيناريو، فكان سيناريو بلا هدف على الإطلاق.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان