مايكل أنجلو .. معجزة النحت التي لن ينساها مسيحو الغرب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عرض مايكل أنجلو في روما خلال السنوات الأولى من القرن السادس عشر أحد تماثيله المسمى بيتتا أي المنتحبة وهو يمثل العذراء حاملة جسد المسيح فوق ركبتيها، وقد أجمع الخبراء على أن هذا التمثال تحفة فنية رائعة.
قبل ذلك بعشر سنوات كان لورنزو العظيم من أسرة ميديتشي الفلورنسية ذات النفوذ قد تنبأ بأن الصبي مايكل أنجلو سيصبح فيما بعد فنانًا عظيمًا، وما كاد مايكل أنجلو يتجاوز سن العشرين بقليل حتى أصبح معترفًا به كأعظم مثال في عصره.
انعقد عزم كرادلة الكنيسة والأمراء على الانتفاع بالمعجزة الفنية الجديدة في تزيين كنائسهم وقصورهم فأسند إلى بتشولوميني أحد الكرادلة مهمة نحت خمسة عشر تمثال لقديسين كاتدرائية سيينا شمالي روما، خلال قيام مايكل أنجلو بمهمته نحت أيضًا تحفة فنية رائعة أخرى هي التي يطلق عليها داوود ويوجد هذا العمل في متحف فلورنسا، ولم يكن فقط نحاتًا بل كان رسامًا.
في بلاط البابا يوليوس الثاني
من الجائز أن البابا يوليوس الثاني كان راعيًا كبيرًا للفنانين، وعندما قرر أن يقيم مقبرة رائعة لنفسه أسند المهمة لمايكل أنجلو الذي كانت شهرته تطبق الآفاق.
وصل ميكيلانجيلو إلى البلاط البابوي عام 1505 حيث وجد عديد من الفنانين المشهورين من بينهم رافائيل وبرامبانت وكان من المفروض أن تضم المقبرة 50 تمثالاً وذلك حسب تخطيط يوليوس الثاني، ولما كان مطلوبًا أن تصبح عملاً جبارًا بدأ ميكيلانجيلو مهمته في حماس بالغ الحد، لكن كان هناك في نفس الوقت مشروع آخر أكبر يدور في ذهن البابا، فقد كان يريد رسم مناظر من العهد القديم على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وقد أعطى هذا العمل إلى مايكل أنجلو وطلب منه أن يبدأ في العمل قبل الانتهاء من المقبرة وبعد سنوات عديدة انتهى العمل في السقف وتغص كنيسة سيستينا بالزائرين الذين يحضرون لرؤية هذه اللوحات ومن الصعف على المرء أن يصدق أنها من عمل شخص واحد.
في سنة 1513 توفي يوليوس الثاني واستأنف مايكل أنجلو العمل ثانيةً في تماثيل مقبرته ومن بين هذه التماثيل تمثال موسى وهو من أعظم الأعمال في دنيا النحت.
عاد ميكيلانجيلو إلى موطنه في فلورنسا عام 1520 وبعد ذلك بأربعة عشر عامًا استدعى مرة ثانيةً من قبل البابا للذهاب إلى روما وكانت هناك مهمة ضمة جديدة في انتظاره، وهي لوحة تمثل الحساب الأخير على آخر جدار في كنيسة سيستينا.
وافق الفنان على تلك المهمة التي أتمها خلال سنوات قليلة وقد أزيح الستار عنها عام 1541 وسببت مناقشات واسعة، ولكن مايكل أنجلو لم تتح له إلا فترة قصيرة للراحة، فقد عهد إليه البابا إتمام مبنى الباسيليكا الجديد للقديس بطرس في روما.
مدير التحصينات
توجه ميكيلانجيلو عام 1520 إلى فلورنسا للعمل في مقبرة جديدة لأسرة ميديتشي ولكنه فجأة تعطل عمله ووجد الفنان مجالاً جديدًا لقدراته، فقد كانت فلورنسا مهددة من جانب الإمبراطور شارل الخامس، لذلك قام الأهالي بتنصيب ميكيلانجيلو كمدير للتحصينات وطلبوا منه القيام بتحصين المدينة وأظهر مايكل أنجلو مرة أخرى براعته، فقد كانت التحصينات التي أقامها آخر حصن يتهاوى تحت قنابل الإمبراطور.
اقرأ أيضًا
كنوز أثرية لا يزال البحث عنها جاريًا منذ آلاف السنين
وبلغ ميكيلانجيلو في ذلك الوقت الثانية والسبعين من عمره مواجهًا أشق مهمة في حياته، فقد كان يعلم أن سمعته كمهندس معماري متوقفة على هذه المهمة، ولم ير مايكل أنجلو أبدًا عمله في صورته النهائية، وهي دون شك إحدى معجزات الفن المعماري، واستهلم منها السير كريستوفر وارن بعد اكثر من قرن من الزمان عندما كان يصمم قبة كاتدرائية القديس بولس في لندن.
وفاة ميكيلانجيلو
كان ميكيلانجيلو يتمنى دائمًا أن يدفن في موطنه في فلورنسا وبعد أن توفي قام واحد من أولاد أشقائه بأخذ جثمانه ليلاً ولفه في لفافات من القماش ونقله على عربة إلى فلورنسا إذ كان يخشى أن أهالي روما ربما يمانعون في نقل الجثة من روما، ومنذ ذلك الحين يرقد جثمان مايكل أنجلو في كنيسة سانتا كروس بفلورنا وذلك إلى جانب رفات رجال عباقرة وقد توفي سنة 1564 م.
المراجع
هندسة مايكل أنجلو – مطبعة جامعة شيكاغو
مايكل أنجلو – جامعة هارفارد
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال