ما حدث لأحمد عرابي في سجنه من معاملة بشعة مقابل أمنية تشارل جابرييل من توفير سرير له بناموسية
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كانت محاكمة عرابي عام 1882 بعد فشل الثورة العرابية من أهم الأحداث التي حدثت بمصر آنذاك. ووجهت التهم لعرابي بأنه وراء حادث مذبحة الإسكندرية وإحراقها، فبعد واقعة ضرب الأسطول الإنجليزي للإسكندرية في 11 يوليو عام 1882م، حدث في اليوم التالي حريق في حي المنشية وانتشر بعد ساعة في بقية الأحياء الشعبية والأجنبية.
ولكن بعد مرور الوقت سقطت هذه التهمة من على أكتاف عرابي وبقيت تهمة مخالفة الخديو توفيق وعصيانه والتي صدر فيها حكمًا عليه بالأعدام تم تغييره للنفي خارج البلاد لجزيرة سرنديب (سيلان حاليًا)
زيارة لبيت كفافيس الشاعر اليوناني الذي توفى بيوم ميلاده
ومن أهم المواقف التي حدثت أثناء محاكمة أحمد عرابي وقوف صحفيين أجانب بجانبه ودفاعًا عن حقوقه، وهما المستر ماكنزي ولاس مراسل التايمز في الأستانة، والمسيو جابرييل تشارم مراسل الجورنال دي ديبا في مصر.
وكان ولاس يحب البحث عن الحقيقة وكان له دور مذكور بهذه الأيام هو والمسيو جابرييل. ومن اعترافات ولاس بهذه الفترة: أن مصر كلها كانت مع أحمد عرابي وأن عرابي كان على رأس مصر.
وقد تم إهانة عرابي في محبسه إلى الدرجة التي جعلته يرسل خطابات لمحاميه يحكي له ما يتعرض له من سب وضرب وإهانة في السجن، حيث قال في خطاب من هذه الخطابات، وأرسل أحدها وهو في موقف ضعف تام:
«صديقى العزيز والمحامى عنى مستر برودلى، دام كماله
انه بناء على ما تيقنته من حسن مقاصد دولة إنكلترا نحو مصر، سلمت سيفى ونفسى إلى ذمة وشرف الإنكليز، عن يد الجنرال لوى بالنيابة عن القائد العمومى للجيش الإنكليزى الجنرال ولسلى، عندما كان فى نفس مصر من العساكر المصرية خمسة وثلاثون ألف نفر، وفى باقى الجهات مثلهم، وبناء على ذلك مكثت مع العساكر الإنكليز مكرمًا عشرين يوما من ابتداء ليلة 15 سبتمبر سنة 82 لغاية 4 أكتوبر سنة 82، وفى يوم 5 أكتوبر صار سجنى فى السجن المصرى، فحصل لى من الإهانة ما يأباه شرف إنكلترا وشرف كل إنكليزي، وذلك بأنه فضلا عن تفتيشى من خدامين وأغوات سراى الخديو، وتردد ذلك أربع مرات ثم قلعونى الجزمة من أقدامي فى يوم واحد، وفى ليلة 9 أكتوبر الساعة ثمانية والنصف، بعد أن نمت، فتح على الباب ودخل على نحو عشرة أو أزيد من الناس، وقال أحدهم:
ــ يا عرابى أتعرف من أنا؟
ــ فقلت: لا من أنت وماذا تريد منى فى هذا الوقت؟
فقال: أنا إبراهيم أغا الذى كنت داير وراه يا كلب يا خنزير
وتفل على ثلاث مرات، وصار يسبني ويشتمني، حتى تصورت أنه مأمور بقتلى فى هذه الليلة، ومكثت على ذلك نحو ثمانى دقائق، وخرج من المحل الذى أنا مسجون فيه، وحيث إن حصول ذلك مما لا ترتضيه ذمة وشرف إنكلترا خصوصا لمثلى الذى سلم نفسه اعتمادا على شرف دولة، الدولة الإنكليزية، فقد حررت هذا بما حصل لى من الإهانة.
29 أكتوبر 82 .. أحمد عرابى
فيما اعترف يعقوب سامي وكيل الوزارة الحربية أنه شهد ضد عرابي في التحقيقات لأنه لاقى تعذيب شديد ومعاملة سيئة كادت تفقده حواسه، فلم يجد أي مفر سوى الشهادة ضده.
وفي مقابل هذه المعاملة الخشنة واللا إنسانية كان المسيو الفرنسي جرابيل تشارم واسع الخيال يتمنى لأحمد عرابي معاملة حسنة حيث كتب أنه يتمنى لو أن المسيو تشارلز ولسون العضو البريطاني في لجنة التحقيق الإبتدائي أمر الجنود أن يغيروا أحذيتهم الضخمة التي تصدر صوتًا عاليًا ليلًا يحرم عرابي وزملائه النوم!
وكتب الموقف وكأنه حدث بالفعل في شكل قصة قصيرة، وأن الأمر لم يتوقف عند تغيير الجنود للأحذية، ولكن لتغيير سريره كي ينام جيدًا، وإعطائه ناموسية ثم تغييرها لأن أخرامها واسعة وتجعل الناموس حرًا يؤذيه.
أمنيات الصحفيين للسجناء كانت ولازلت مع الإنسانية، فيما انشغل عرابي في محبسه هو الآخر بحال رفاقه وأعوانه في السجن حتى تم نفيه وتجريده من أملاكه ورتبه وألقابه هو و بعض العرابيين.
المصدر
كتاب محمود كمال “أشهر القضايا المصرية”
كتاب برودلي محامي عرابي”كيف دافعنا عن عرابي وصحابه”
مقال تعذيب الزعيم عرابي بالسجن لعلاء عريبي بموقع جريدة الوفد
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال