ما فعله فايز غالي مع آل باتشينو
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
عام 1983 صدر فيلم Scar face للمخرج براين دي بالما وبطولة آل باتشينو، ليصبح بعدها واحد من علامات مسيرة آل باتشينو السينمائية المميزة، وبعد صدوره بما يقرب من 6 أعوام كان هذا الفيلم يقدم في مصر بنسختين مختلفتين تماما، كان من نصيب أحدهم أن تصير خالده في تاريخ السينما المصرية.
عام 1989 يقدم بسيوني عثمان فيلم الفتى الشرير من بطولة نور الشريف وعلى الحجار ونورا ومحمد الدفراوي وإخراج محمد عبد العزيز، ليحول بسيوني عثمان القصة التي جسدها آل باتشينو لشيء يشبه الأفلام ليس لفيلم، فبسيوني عثمان عز عليه أن يكون البطل مجرم بالفطرة مثلما كان في النسخة الأمريكية.
بسيوني عثمان أوجد للفتى الشرير مبرر لأول جريمة في حياته مبرر جعلنا نتعاطف معه، بل وجعل صديقه الذي ألتقاه في السجن هو الأخر رجل شهم دخل السجن لأنه كان يدافع عن شرف فتاة ضد بعض الذين يحاولون اغتصابها، ليتحولوا داخل السجن لأشباه مجرمين لا أكثر.
وزيادة في الأمر بسيوني عثمان جعل صديق البطل يحاول مرارا وتكرارا أن يثنيه عن طريق الشر ليتوب الجميع بعد معركة فاصلة ينتصر فيها البطل وصديقه ويخرجون منها أحياء، هو فقط هنا أستلهم الشكل الأساسي لفيلم دي بالما، ولم يقوم بتمصيره بل تعامل مع القصة فحسب، وبصراحه هذا الفيلم أصبح واحدا من الأفلام التي شملها النسيان بعطفه وكرمه.
بينما المحاولة الأهم والأفضل لتقديم scar face في السينما المصرية جاءت عن طريق فايز غالي الذي قدم عام 1990 فيلم الإمبراطور من بطولة أحمد زكي ومحمود حميدة ورغدة وأبو بكر عزت وغيرهم ومن إخراج طارق العريان.
أهم ما فعله فايز غالي في الإمبراطور أنه ألتزم بالركيزة الأساسية في شخصية البطل، كونه شخص متمرس في الإجرام، وليس مجرم بالصدفة، شخص يقتل بدم بارد ويسعى للسطوة والمال من خلال طريق الإجرام والمخدرات، تلك الركيزة الأهم التي تخلى عنها بسيوني عثمان ففقد فيلمه الفتي الشرير أهم نقاطه.
الركيزة الثانية التي لم يتخلى عنها فايز غالي في الإمبراطور، هو النهاية، فالنهاية مطابقة لنهاية Scar face، البطل يموت، فببساطة النزعة الدرامية العربية كتبها بسيوني عثمان دون الالتفات للدراما بل أنه ضحى بالدراما في الفتى الشرير فقط لكي يعيش البطل في النهاية.
بينما واصف فايز سار خلف الشخصية التي تصل إلى حتمية موتها وموت صديقها، ولكن أهم ما قام به فايز غالي، هو التمصير، نعم ما قام به فايز غالي هو تمصير وليس اقتباس، تمصير بكل ما تحمله الكلمة من معنى، اختيار الزمن الملائم للأحداث لتكون حقبة الانفتاح هي الزمن المناسب لما يريد فايز غالي طرحه.
غالي خلق لشخصية زينهم جاد الحق ابعاد مصرية شديدة الخصوصية وبعيدة للغاية عن أبعاد شخصية آل باتشينو في فيلم دي بالما، وهو نفس ما فعله مع شخصية إبراهيم صديق البطل، ربما تشابهت الأحداث بعد ذلك ولكن كلها أحداث تقتنع انت أنها تدور داخل مصر، أفعال يمكن أن يقوم بها مصريين في تلك الفترة.
الفيلم لا ترى فيه شبهة أمركة سينمائية في الكتابة، الأمركة كلها جاءت على يد طارق العريان وربما هذا منطقي لانحيازه للسينما الأمريكية في كل أعماله بعد ذلك، فايز غالي حمل آل باتشينو من أمريكا ليزرعه في مصر، ويحوله من ذلك المهاجر الكوبي إلى الوافد من الصعيد بحرفية وحرفنه لا يجاريه فيها أحد.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال