“ما قاله مالك في الخمر” حكاية جملة لوصف التشدد صارت الأشهر على الإطلاق
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تأتي جملة “قال ما لم يقله مالك في الخمر”، في سياق الشدة والغلظة وصار رأي مالك بن أنس شيخ المذهب المالكي في الخمر، هو أكثر الآراء تشدداً في حكم الخمر.
لم يختلف رأي الإمام مالك في الخمر عن آراء غيره ممن سبقوه من العلماء، لكنه توسع في كل شيء يتعلق بالخمر والمشتق منه من النبيذ، كذلك فآراؤه طالت البائعين للخمر وبالتالي كانت آراء مالك في الخمر من أكثر المذاهب الفقهية تشدداً.
لإدراك الفارق تجد أن غالبية الفقهاء يجيزون شرب الخمر في حالة الضرورة، لكن الإمام مالك منع شرب الخمر للمضطر وأجازه لمن أشرف على الهلاك، أي أن حالة العطش لا تكون مبرراً لشرب الخمر، وإنما إن أوشك الشخص على الموت عطشاً يجوز له شرب الخمر لإزالة العطش فحسب.
يدلل ذلك كتاب مختصر الفقه المالكي لخليل بن إسحاق حيث قال ” يجوز للضرورة ما يسد غير آدمي وخمر إلا لغصة، فيجوز إزالتها بالخمر عند عدم ما يسيغها به من غيره، ولا يجوز له تناول الخمر لجوع أو عطش – ولو كان مضطراً – قال مالك: لا يشرب المضطر الخمر، فإنها لا تزيده إلا عطشاً”.
أوجب الإمام مالك أيضاً أحكاماً على شارب الخمر، فاعتبره مرتكب للكبيرة ويجب عليه الحد بالجلد، فضلاً عن عدم الأخذ بشهادته في القضاء، حيث قال شرح الدردير على فقه المالكية ” الخمر شربه من الكبائر، وموجب للحد، ولرد الشهادة إجماعا، لا فرق بين شرب كثيرة وقليله الذي لا يسكر، وقال مالك: إنه كبيرة، وموجب للحد، ولرد الشهادة”.
لم يفرق أيضاً مالك بين الخمر المُسْكِر والنبيذ غير المسكر، حيث رأى أنه لا فارق بينهما، وتقول كتب المالكية، بل حرم أيضاً بيع العنب لمن يعصره خمراً، كذلك فإنه رأى عدم جواز امتلاك مسلم لمحل يبيع الخمر وحدد عقوبات شديدة في ذلك أبرزها جلد الشارب والبائع وحرق محل البيع.
بشأن الديانة فإن فقه مالك لم يميز بين مسلم وغير مسلم في بيع الخمر لكنه توسع فرأى حرق محل البيع ومنزل البائع أيضاً، حيث جاء في شرح الموطأ ليحيى بن يحيى الأندلسي أنه قال “يُحْرَق بيت الخمار، وقد أخبرني بعض أصحابنا أن مالكا كان يستحب أن يحرق بيت الخمار الذي يبيع الخمر حتى لو كان يهودياً أو نصرانياً”.
كذلك فإن الإمام مالك منع التداوي بالخمر، حيث إن الشخص لو تعرض لإصابة واستدعت إجراء أي جراحة ويجب تغييب وعي المصاب، فذلك أيضاً حرام حتى لو مات الشخص، وفق ما جاء في شرح الدردير “لا يجوز استعمال الخمر لأجل دواء ولو لخوف الموت”.
إقرأ أيضاً
الخير يكمن في الشر .. حياة “طرفة بن العبد” من اللهو والخمر للحكمة والعقل
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال