همتك نعدل الكفة
3٬685   مشاهدة  

ما هو الكذب المباح ؟ “ثلاث مواضع يجوز فيها تزييف الكلام”

الكذب


الكذب خصلة ذميمة ينكرها الشرع ويحذرنا منها الله ورسوله وترفضها الفطرة السليمة والنفس البشرية العاقلة .
قال تعالى : “فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ” [ القلم : 8 ]، وجاء في سورة المزمل : ” وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً ” : [ المزمل : 11 ]، ووصفهم الله تعالى بأن لهم الويل يوم القيامة في قوله عز شأنه : ” وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ” [ المرسلات : 49 ].

قبح الكذب بوجهٍ عام

الكذب
الكذب

والكذب عكس الصدق الذي قال الله تعالى فيه : ” الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ” [ آل عمران : 17 ] والآيات التي تحث على الصدق وتحذر من الكذب كثيرة جداً في القرآن الكريم.

روى أَبِو هريرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ” مَنْ كَانَ يؤمن بِاللهِ واليوم الآخِر فَلَا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بِالله واليَومِ الآخِرِ فَليكرم ضيفَه ، وَمن كان يؤمن بِالله وَاليومِ الآخِرِ فَليقل خَيرا أَو لِيصمت “.

اقرأ أيضًا 
عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري “التاريخ الذي ذكره إبراهيم عيسى غير صحيح”

وقد جاء عن عمرو بن عمرو بن العاص أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده “.

والكذب يجعل الإنسان كذاباً عند ربه ، فقد روى البخاري ومسلم عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه عنِ النّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” إِنَّ الصِّدْقَ يهدِي إِلَى البِر ، وَإِن البِر يهدِي إِلَى الجنةِ ، وإِن الرجل لَيصدق حتَى يكونَ صِديقًا، وَإِن الكذِب يهدِي إِلَى الفُجورِ ، وَإِن الفُجور يهدِي إِلَى النارِ، وَإِن الرجل لَيَكذِب حَتى يكتَب عِند اللهِ كذَابا “؛ وهذا الحديث يحض المؤمنين على الصدق وتجنب الكذب لأنه صفة ذميمة ومن اعتاد عليه فربما تمادى فيه فيكتب عند الله كذاباً بنص الحديث.

كذلك فإن من علامات النفاق اعتياد الكذب، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : “آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ” . رواه البخاري ومسلم.

أسوأ جزاء للكاذبين

وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

ومما ورد في جزاء الكذابين في البَرزَخ قبل يوم القيامة ما ورد في حديث سمرة بن جندب رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلَّى صلاةً أقبل علينا بوجهه، فقال: ((من رأى منكم الليلة رؤيا؟)) قال: فإن رأى أحدٌ قصَّها، فيقول: ما شاء الله، فسألنا يومًا، فقال: ((هل رأى أحد منكم رؤيا؟)) قلنا: لا، قال: ((لكني رأيت الليلة رجلين [جبريل وميكائيل في صورة رجلين]، أتَيَاني، فأخذَا بيدي فأخرجاني إلى الأرض المقدَّسة، فإذا رجلٌ جالسٌ، ورجلٌ قائمٌ بيده كَلُّوبٌ من حديد، يدخل ذلك الكَلُّوبَ في شدقه حتى يبلغ قفاه، ثم يفعل بشدقه الآخر مثل ذلك ويلتئم شدقه هذا، فيعود فيصنع مثله… [ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ] قُلْتُ: طَوَّفْتُمَانِي اللَّيْلَةَ، فأخبراني عما رأيت، قالا: نعَم، أما الذي رأيتَه يشق شدقه فكذَّاب، يحدث بالْكَذْبَةِ فتُحْمَل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إلى يوم القيامة)) رواه البخاري.

كذلك الكذب الذي يحرم الناس حقوقهم فهو مذموم وصاحبه ملعون فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” من حلف على يمين كاذبًا؛ ليقتطع مال رجل – أو قال: أخيه – لقي الله، وهو عليه غضبان ” . رواه البخاري ومسلم.

الكذب المباح ومواضعه الثلاثة

ليس الكذَّاب الَّذي يصلح بين الناس
ليس الكذَّاب الَّذي يصلح بين الناس

وقد رخَّص الشارع في الكذب للمصلحة العامة ، فالكذب مفسدة، لكن إذا كانت مفسدته منطوية تحت مصلحته، ولا يمكن تحصيل هذه المصلحة إلا عن طريق الكذب، فيجوز الكذب في هذه الحال؛ فقد جاء عن أمِّ كلثوم بنت عقبة: أنها سَمِعَت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” ليس الكذَّاب الَّذي يصلح بين الناس، فَيَنْمِي خيرًا، أو يقول خيرًا ” . رواه البخاري ومسلم .

عن أبي أمَامَة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أنا زعيم بيت في رَبَضِ الجنة لمن ترك المراءَ وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ” . رواه أبو داود بإسناد حسن.

إقرأ أيضا
أنيسة حسونة

وفي رواية عند مسند الإمام أحمد من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: ” رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب في ثلاث: في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس، وقول الرجل لامرأته”.

وقال ابن حزم رحمه الله : ” ليس كل كذب معصية ، بل هناك منه ما يكون طاعة لله سبحانه وتعالى وفرضاً واجباً يعصي من تركه ، صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً) ، وقد أباح عليه الصلاة والسلام كذب الرجل لامرأته فيما يستجلب به مودتها ، وكذلك الكذب في الحرب .

ثم نقل الإجماع على أن المسلم يجب عليه أن يكذب إذا سأله سلطان ظالم عن مكان مسلم ليقتله ظلماً ، وأنه إن صدقه وأخبره بموضعه كان فاسقاً عاصياً.

والخلاصة أن الكذب المباح يكون في ثلاثة مواضع ولا يكون في غيرها وهي :
1. في الحرب حيث أنَّ الحرب خدعة، ومقتضياتها تستدعي التمويه على الأعداء، واستعمال أساليب الحرب النفسية بقدر الإمكان ، ولكن بصورة ذكية.
2. في الصلح بين المتخاصمين؛ حيث إنَّ ذلك يستدعي أحيانًا أن يحاول الداخل في الصلح تبرير أعمال كل طرف وأقواله بما يحقق التقارب ويزيل أسباب الخلاف ، وأحيانًا ينسب إلى كل من الأقوال الحسنة في حق صاحبه ما لم يقله، وينفي عنه بعض ما قاله ؛ وهو ما يعوق الصلح ويزيد شقة الخلاف والخصام.
3. في الحياة الزوجية؛ حيث يحتاج الأمر أحيانًا إلى أن تكذب الزوجة على زوجها، أو يكذب الزوج على زوجته، ويخفي كل منهما عن الآخر ما من شأنه أن يوغر الصدور، أو يولد النفور، أو يثير الفتن والنزاع والشقاق بين الزوجين، كما يجوز أن يزف كل منهما للآخر من جميل القول ما يزيد الحب ، ويسر النفس، ويجعل الحياة بينهما جميلة مستقرة ، وإن كان ما يقال كذبًا؛ لأن هذا الرباط بينهما يستحق أن يهتم به غاية الاهتمام، وأن يبذل الجهد الكافي ليظل قويًا .

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
1
أعجبني
1
أغضبني
2
هاهاها
2
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان