ما وراء الصورة
أعي جيدًا أن الصورة توثق لحظة سعيدة نُحب أن نحييها وقتما نحتاج تذكرها بدلالتها العميقة والمؤثرة في نفوسنا، وكما يقول الروائي الروسي “ايفان تورغينيف” إنها قد تعرض ما لم يستطع كاتب أن يقوله في 100 صفحة، فهي وسيلة رائعة لتواصل مع الآخرين، إلا أن معانيها البسيطة هذه تحولت لأن تُصيب الناس بـ “الهوس” وتكون جزء من السلوك اليومي لدى الأفراد.
بات الكثيرون وإن لم نقل الجميع بين مختلف الفئات العمرية صغارًا وكبارًا، شبابًا وشيوخًا يتسابقون من أجل التقاط صورة لهم ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لكي يتباهى الفرد بها أمام الجميع، ويستقطب انتابهم لأي مكان يذهب إليه أو مع شخص معروف أو ما لا يتفق مع المألوف بدلًا من استمتاعه باللحظة.
ويظل يراقب عن كثب، ليصبح كل همه هو نظرة الآخرين وتعليقاتهم وتقيمهم له فقط حينها قد تكتمل سعادته.
إدمان التصوير
ولكن إذا أمعنت التركيز مع هؤلاء الأشخاص ستراهم يواجهون مشاكل لا حصر لها وهم لم يدركونها كما نراهم نحن، أولها أن بعضهم أصبح مصاب بداء العظمة أو مرض النرجسية وحبه الجنوني لذاته حين ينعزل عن الآخرين ويتجاهل مشاعرهم، بل ويفقد إنسانيتهم حتى يصبح حبه وولاءه الأول لذاته فقط.
في حين نرى البعض يفقد علاقته تدريجيًا مع أصدقاءه والابتعاد عن التواصل وقضاء وقت سعيد مع الآخرين، فأصبح كل ما يشغل تفكيره إذا خرج للتنزه أو إي مكان آخر مع زملائه هو تصوير ذاته وما حوله والاستغناء عن الاستماع باللحظة السعيدة معهم.
وتطور الأمر أكثر من ذلك عند البعض الآخر فلم يعد للبيوت حرمة عندهم فتراهم منذ استيقاظهم وحتى نهاية يومهم يشاركون كل لحظة يقضونها في منزلهم مع الآخرين.
والأمر لم يؤثر عليهم فقط، بل يصل تأثيره لمن يراهم فأحيانًا يتمنى أن يعيش لحظة مماثلة لمن يشاهده في الصورة أو يقتني ما يملكه حين يستعرضه أمام الجميع دون أن يراعي الآخر مشاعرهم فكل غرضه هو التباهي فقط.
نماذج لأشخاص مهوسين بالتصوير
واثباتًا لصحة حديثنا هذا، فقد التقط بعض الأشخاص المشهورين عبر مواقع التواصل الاجتماعي صور وصف صاحبها بـ “المجنون” أثبتت هوسه بالتصوير، كالفتاة الروسية “أنجيلا نيكولا” التي التقطت صورة وهي واقفة على قمة برج عالي متحديه الجميع.
فيما قام شاب أندونيسي بالتقاط صورة عند فوهة بركان لتنضم لقائمة أخطر الصور في العالم حيث قام بتصويرها أثناء ثورة البركان.
وفي لحظة مليئة بالرعب، أقدم شاب يدعى “تيري توفيرسون” على التقاط صورة بجانب إعصار مدمر في ولاية فلوريدا الأمريكية بسرعة رياح بلغت 130 ميلًا في الساعة.
كما قامت فتاة برازيلية بالتقاط صورة مرعبة من أعلى حافة جبل “بيدرا دا جافيا” في مدينة ريو، لتظهر جلوس الفتاة على حافة الجبل.
وظهر شاب في صورة أخرى قد كانت من الممكن أن تنهي حياته، حين قام بإخراج هاتفه ليلتقط صورة أثناء هروبه من الثيران الهائجة في أحد مهرجانات إسبانيا.
اقرأ أيضًا..
كيفية إزالة خلفية الصورة في فوتوشوب بأسرع طريقتين