مبادرات من أجل محدودي الدخل في 69 سنة “لماذا حياة كريمة الأكثر تميزًا ؟”
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
جاء العام 1952 م على مصر ليعلن غروب شمس نظام وشروق شمس نظام آخر محمل وكان محدودي الدخل في ترقب .. ما الذي ينتظرهم مع الحكام الجدد في ظل الحكم الجمهوري.
اقرأ أيضًا
“إجابة على سؤال الرئيس السيسي” مصر في العشرينيات والثلاثينيات كانت أجمل لهذه
طوال 69 سنة كانت هناك مبادرات كثيرة من أجل محدودي الدخل، بعضها كان شكلاً من أشكال المشاريع القومية، والبعض الآخر كان مستقلاً بذاته، وبين هذا وذاك تفاوتت أنماط المبادرات في قماشة العدالة الاجتماعية.
جمال عبدالناصر .. عراب المبادرات السائرة
لم يكن جمال عبدالناصر من أصحاب المبادرات اللحظية من أجل محدودي الدخل وإنما سارت سياسته على مبدأ الكفاية والعدل والقضاء على مجتمع الـ 0 %، وهذا يعني أن تكون المبادرات سائرة ومؤثرة في حياة محدودي الدخل بدءًا من الزراعة والتعليم والتصنيع والكهرباء والماء والتأمينات الاجتماعي، وخصص من ميزانية الدولة مبالغ طائلة لهذا الهدف.
أبرز مبادرات جمال عبدالناصر خلال الفترة من 1954 لـ 1970 هي «الإصلاح الزراعي، التسليف الزراعي، الجمعيات التعاونية، التأمين الصحي، التأمينات الاجتماعية، تعميم الماء والكهرباء، التلفزة الريفية، المساكن الشعبية».
على سبيل المثال للمبادرات السابقة قرار جمال عبدالناصر 18 يناير سنة 1962 والذي يقضي باعتماد 900 ألف جنيه لتعميم مياه الشرب في الريف داخل 4 آلاف قرية، وقراراً آخر باعتماد 6 مليون و25 ألف جنيه فى الميزانية الإنتاجية لمشروعات الاسكان الاقتصادى والمتوسط، واعتماد نصف مليون جنيه لتعميم الخدمة، كذلك مبادرة التأمين الصحي التي اتخذها عام 1964 م ودخل في منظومتها أكثر من نصف الشعب المصري.
غير أن أكثر مبادرات جمال عبدالناصر حُسْن سمعة واستمرارية هي مبادرة المساكن الشعبية التي حاز حذوه فيها كل رؤساء مصر، فتم تنفيذ المبادرة خلال عهد عبدالناصر بشكل سنوي حيث وصل مجموع ما تم تنفيذه طوال حقبته إلى 364 ألف و 721 وحدة، على أن يتم السكن بنظام الإيجار لا التمليك ويتم دفع المقدم وهو 150 جنيه بينما الإيجار يكون من 3 لـ 5 جنيه حسب ظروف المنطقة والشقة.
كانت مبادرة المساكن الشعبية تتمتع بامتيازات كثيرة منها خفض سعر الفائدة على القروض، والإعفاء على العوائد 5 سنوات، مع تأسيس جمعيات تعاونية لمساعدة محدودي الدخل وقدر عدد المنتفعين بهذه المساكن 5000 أسرة، وقامت الجمعيات التعاونية التي أسست لمساعدة محدودي الدخل على تملك مساكن لهم.
وصل إجمالي ما صرفته الجمعيات التعاونية في دعم محدودي الدخل بمشروع المساكن الشعبية إلى 100 ألف جنيه، كما وصل مجموع الاعتمادات المختلفة لمساعدة حركة الإسكان وإعانة الملاك أو المستأجرين 20 مليون و823 ألفًا من الجنيهات.
محمد أنور السادات .. الخصومة مع المشروع لا النظام
بقيت أفكار يوليو في أول 5 سنوات مع نظام محمد أنور السادات لا هي ميتة ولا حية، إلى أن جاءت منتصف السبعينيات فقرر السادات أن يدفنها في مقابر الانفتاح الاقتصادي لتبدأ الطبقة المتوسطة في التآكل ويبدأ انهيارها على أنقاض الطبقة الفقيرة.
كانت مبادرات السادات لدعم محدودي الدخل ضعيفة ولحظية مثل مبادرة سندات الجهاد التي بدأت بعد انتصار أكتوبر ثم مبادرة الوفاء والأمل للعلاج، ومبادرة التعويضات التي بدأت في أعقاب أحداث 18 و 19 يناير 1977 وكلها لم يستفيد منها محدودي الدخل
لعل مبادرة وحيدة ومشهورة في نظام السادات وهي مبادرة معاش السادات التي بدأت سنة 1980 م وهي للمواطنين الذين لم يتم إدارجهم في التأمينات الاجتماعية وبدأ تنفيذ هذه المبادرة بدءًا من أول يوليو سنة 1980 م وتم تطبيقه أولاً بنظام التأمين الشامل على العمالة غير المنتظمة وانحصر معاش السادات على من بلغ سن الـ 65 سنة قبل 1 يوليو 1980 ومن ثبت عجزه الكامل قبل نفس التاريخ ومن مات قبل نفس ذات التاريخ.
محمد حسني مبارك .. مبادرات الوجاهة الشكلية
كانت هناك مبادرات في عهد محمد حسني مبارك مثل القراءة للجميع والتطعيم ضد شلل الأطفال لا يمكن تحديد مبادرة ملموسة خلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تخص رفع حالة محدودي الدخل، باستثناء أن مبارك كان أكثر الرؤساء تشددًا فيما يخص الدعم الحكومي حيث رفض إلغاءه أو تخفيفه لكنه لم يتعامل مع حالة ارتفاع الأسعار.
أما خلال عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي كانت مبادرات محدودي الدخل منحصرة في قرارات المناسبات الظرفية مثل قرار تخصيص 400 مليون جنيه سنويًا من عوائد قناة السويس لمحافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس، وقرار منح مصابي أحداث ثورة 25 يناير، وما تلاها من أحداث شهيرة مثل ماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء، معاشا استثنائيا مساو لمعاش أسر الشهداء.
مبادرات السيسي .. القائمة كاملة
طوال ست سنوات اتخذ الرئيس عبدالفتاح السيسي سلسلة من الإجراءات لتوفير حياة كريمة للمواطنين الأكثر احتياجًا في مصر، من خلال تنفيذ مبادرات وإصدار قرارات فضلا عن إجراءات أخرى متعلقة بالدعم، لعل أبرز هذه المبادرات هي طاقة نور، نور حياة، علاج مصابي فيرس سي، مبادرة أجهزة الغسيل الكلوي، مبادرة إنقاذ الأطفال المبسترين، مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مبادرة إسكان محدودي ومتوسطي الدخل، 100 مليون صحة، حياة كريمة، التصالح حياة، رد الجميل.
لعل أكثر المبادرات الرئاسية في عصر السيسي هي مبادرة حياة كريمة إذ تتعدد أهدافها الفرعية، حيث تهدف الارتقاء بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للأسر الأولى بالرعاية،وتمكين الأسر الأولى بالرعاية من الحصول على كافة الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى تعظيم التعاون بين القطاعين الحكومي والأهلي لتحسن مؤشرات التنمية المستدامة، وإتاحة فرص عمل للشباب في مشروعات كثيفة العمالة وفي مشروعات متناهية الصغر، فضلا عن التركيز على بناء الإنسان ومشاركة المجتمعات المحلية في إعلاء قيمة الوطن.
وتشمل المبادرة أكثر من محور، منها محور تحسين نوعية الحياة وأسلوب المعيشة «سكن كريم» ،وذلك من خلال تأهيل ورفع كفاءة المنازل،و تركيب أسقف،وربط المسكن بالخدمات الحضرية الأساسية (مياه الشرب، والصرف الصحي)، بالإضافة إلى محور تحسين المؤشرات الصحية للسكان،وذلك من خلال تسيير قوافل طبية بالعلاج ،وإجراء عمليات جراحية مجانية، وإجراء عمليات عيون، بالإضافة إلى توفير أجهزة تعويضية مجانية،وتوفير نظارات طبية مجانية، خاصة لصغار السن.
أما عن منهجية العمل في المبادرة فقد تمثلت في الاستعانة بقاعدة بيانات خرائط الفقر الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2018،وتحديد قائمة بأفقر 1000 قرية، مرتبة تنازليا حسب نسبة الفقراء بكل قرية،وتركيز العمل في المراحل الأولى من المبادرة على القرى الأعلى في نسب الفقر، فتم اختيار عدد 143 قرية في المرحلة الأولى، ترتفع فيها نسبة الفقر عن 70%.
وقد شاركت أكثر من ثلاثة وعشرين جمعية أهلية في المرحلة الأولى للمبادرة الرئاسية «حياة كريمة»،وفيما يتعلق بالموقف التنفيذي للمبادرة في مرحلتها الأولى،حيث تم العمل في 11 محافظة، وذلك باستهداف 143 قرية، وبلغ المبلغ المخصص لتلك المرحلة 575 مليون جنيه،منها 100 مليون مساهمة من الجمعيات الأهلية،ووصلت نسبة الصرف حتى الآن 91 %، وتخطت نسبة الإنجاز في تلك المرحلة الـ91 %، كما بلغ إجمالي المستفيدين من القوافل الطبية المجانية بالعلاج والتحاليل والأشعة اللازمة 113.909 مستفيدين.
أما المرحلة الثانية فتهدف تحقيق تنمية مستدامة في 50 مركزا، و1381 تجمعا ريفيا، قابلة للزيادة بـ9047 تابعا وعزبة ونجع للقرى في 20 محافظة هي “أسيوط، سوهاج، المنيا، قنا، أسوان، الأقصر، الوادي الجديد، الفيوم، بني سويف، الشرقية، القليوبية، الدقهلية، المنوفية، الغربية، الإسكندرية، الإسماعيلية، دمياط، كفر الشيخ، الجيزة، البحيرة”.
وواجهت هذه المرحلة عدة تحديات منها، مواجهة تداعيات فيروس كورونا،وموجة الطقس السيئ،ومواجهة تداعيات كورونا،وبعض مخالفات البناء على المنازل المستهدفة،وفرض رسوم فتح ملفات في بعض المحافظات على صلات المياه والصرف، بالإضافة إلى المبالغة في تسعير وصلات المياه والصرف في بعض المحافظات، وتقليل عدد العمالة ببعض جهات التنفيذ، وعزل صحي لبعض القرى، حد أقصى للسحب من البنوك، ووقف تنفيذ التدخلات الطبية، وقيود تنقل العمالة بالمحافظات.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال