رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
1٬175   مشاهدة  

مبدعات الشرق(4) مي زيادة أهدت حياتها للإبداع وعاشت حب بالمراسلة لعشرين عامًا!

مي زيادة
  • إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



    “إلى القلم الذي يجعل حامله مواطن العالم”

                    مي زيادة

ولدت “مي زيادة”  بفبراير عام 1886 بمدينة الناصرة بفلسطين، واسمها الحقيقي “ماري إلياس زيادة” وربما أخذت نصيبًا من قوة سكان هذه الأرض ومثابراتهم على النجاح والمقاومة. كانت أمها سورية، ووالدها لبناني، فيما عاشت  مي زيادة فترة بفلطسين وآخرى بلبان، وعاشت معظم حياتها بمصر، وكأن قدرها أن تتأثر بأكثر من مجتمع عربي و تصبح من مبدعات الشرق. 

مي زيادة
مي زيادة في شبابها

 

 نشأتها وتطورها

 عمل والدها إلياس زيادة بالصحافة والتدريس، وقد أعجب بأمها لثقافتها، وعاشا فترة بالناصرية بفلسطين حيث تعلمت مي مبادىء القراءة والكتابة ثم انتقلت الأسرة الصغيرة إلى لبنان، وهناك عمل إلياس كمدرس، والتحقت مي بمدرسة للراهبات، ولكن لم يقتصر مشوارها التعليمي على دراستها بالدير، فقد اهتمت بدراسة اللغة العربية بشكل خاص، واللغات بوجه عام حتى تعلمت مي على مدار حياتها تسع لغات!

انتقلت مي للعيش بمصر  كي تدرس بكلية الآداب جامعة القاهرة، وأحبت الأدب والكتابة وتأثرت بطبيعة أسرتها التي تهتم بدورها بالثقافة والأدب، وعندما انتقلت أسرة مي للقاهرة أنشأ أبوها جريدة باسم “المحروسة” كتبت فيها عدة مقالات باسم مستعار “عايدة”  فيه كتابا معروفين كطه حسين وأحمد لطفي السيد وعباس العقاد وغيرهم من الكتاب. 

الإنجازات

لعبت مي دورًا هامًا في المطالبة بحقوق المرأة،  دعمت فكرة الانفتاح مع الالتزام بالهوية الشرقية للمرأة والحفاظ عليها، وأكدت في كتاباتها أن المرأة عنصرًا أساسيًا بالمجتمع، وأن إصلاح المجتمع لابد له من انتفاضة حقيقية تبدأ بالمطالبة بحرية المرأة.

وقد تولت القسم  النسوي الاجتماعي بجريدة “السياسة الأسبوعية” وقد كانت مي ترفض أن تتولى مسؤولية صفحة نسائية، وكانت تميل إلى تناول موضوعات مختلفة حتى عُرض عليها تولي هذا المنصب، وكانت أولى تجاربها بالالتزام تجاه جريدة ما بشكل منتظم، فقد اعتادت المشاركة بحرية قبل توليها هذه المسؤولية.

وقد ساهمت مي بجريدة “الأهرام” بمقالات تناولت فيها العديد من القضايا المجتمعية الهامة، وكانت تحاول كسب أكبر عدد من القراء بالكتابة عن موضوعات مختلفة، كما تصدت مي للتشدد الديني دون الانخراط في أزمات.

يُقال أن أول مقال كتبته مي زيادة كان بالفرنسية، وقد كان أول كتاب لها نشرته بعنوان “أزاهير الحلم” بالفرنسية أيضًا، حيث تأثرت بدراستها بمدارس الراهبات للغة الفرنسية التي فتحت أفقها على الشعر والأدب الفرنسي، وبحور الرومانسية.

مي زيادة
الكاتبة مي زيادة

ومن أهم إنجازاتها إقامة صالونا أدبيا بعنوان “صالون الثلاثاء” وقد ساهم هذا الصالون في إحياء المناقشات الثقافية ومراجعة الأعمال الأدبية والشعرية، وإثراء الحياة الثقافية بمصر، وكان يحضره العديد من الكتاب والمفكرين كأنطون الجميل، شبلي شميل، إسماعيل صبري، مصطفى صادق الرافعي، سلامة موسى وغيرهم من أقطاب الفكر والأدب.

 ولم يتوقف عطائها الأدبي عند إقامة هذا الصالون الثقافي وكتابة بعض المقالات، بل امتد لكتابة العديد من الكتب، وتعمدت مي تناول موضوعات هامة ومتنوعة بهذه الكتب مثلما كانت تفعل بالمقالات، و تناولت مشكلات المجتمع العربي بوجه عام.

 ألفت مي زيادة كتابًا بعنوان ” بين المد والجزر” يتعلق بالأدب والفنون ودورهما في تطور الحضارات، وكذلك أهمية اللغة في استمرار هذه الحضارة، فقد كانت مي تهتم بالانفتاح مع الحفاظ على الهوية العربية، ودون الانسلاخ عن العادات الشرقية، ومن مؤلفاتها المهمة أيضًا؛ المساواة، باحثة البادية، وظلمات وأشعة.

نشرت مي العديد من المقالات، ولعل أهمها ما نشر بالأهرام، وقد ساهمت بمقالات بجرائد آخرى مثل الزهور والهلال والمحروسة التي أنشأها أبوها

مي زيادة

حياتها العاطفية

 ” “أنتِ تحيين فيّ وأنا أحيا فيكِ، أنت تعلمينَ ذلك وأنا أعلم ذلك

                        من رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة  

لم تعش مي تجربة عاطفية حقيقية ولم تتزوج، وهذا رغم وقوع الكثير من كتاب عصرها في حبها أو الإعجاب بشخصيتها، فقد أحبها عباس محمود العقاد، وأحمد شوقي، وطه حسين، بل كان يتردد على صالونها بعض رجال الدين مثل الشيخ مصطفى عبد الرازق وأعجب بشخصيتها، كما عبر عن إعجابه به القاضي والشاعر عبد العزيز فهمي قائلًا عنها:

 “النظر هنا خير من الكلام والإصغاء”

ولكن يمكننا التوقف عند علاقتها بالكاتب اللبناني “جبران خليل جبران” حيث استمرت صدقاتهما لعشرين عامًا تقريبًا دون لقاء!..وكانت مي كعادتها ذكية في لفت انتباه الرجال، فهي من بدأت بمراسلة جبران والتعبير بإعجباها بكتاباته وتعريف نفسها له. وكانت أول مقالة قرأتها لجبران بديسمبر عام 1908، ومنذ قرائتها للمقال قررت أن تتعرف عليه وتعرف عنه.

“أنتِ يا مي كنز من كنوز الحياة، بل وأكثر من ذلك أنتِ أنتِ، وإني أحمد الله لأنكِ من أمةٍ أنا من أبنائها، ولأنَّكِ عائشةٌ في زمنٍ أعيش فيه”

من رسائل جبران خليل جبران إلى مي زيادة

ونشأت بينهما صداقة  بلون الحب عبر الرسائل البريدية، ولعبت الوحدة التي يعاني منها جبران دورًا كبيرًا في تعلقه بمي زيادة، فيما انشغل جبران عنها بفترة من فترات حياته لتحضيره أحد كتبه، فكانت هذه الأيام بمثابة غذاء دسم للقلق وتأجج العواطف حيث عرفت مي حينها بعدما انشغل عنها أنه بالنسبة إليها ليس صديقًا كما تعبتره، بل أنها تكن له مشاعر حب، فراسلته وصرحت له أنها تحبه دونًا عن كل المفكرين الذين التقتهم والتفوا حولها.

YouTube player

جاء رد جبران خليل جبران  أنه يعتز بها كصديقة، ودامت علاقتهما في إطار الصداقة النادرة التي ربما  عوضتهما عن وجود علاقة عاطفية آخرى، حيث اعتاد جبران أخذ رأي مي فيما يكتب، واعتادت مي مشاركته أيضًا مشاعرها فيما يدور حولها بكتابتها وحياتها الشخصية، وكان يعبر لها عن حبه أحيانًا لكن دون لقاء، حتى مرض جبران ووافته المنية عام 1931

“تعالَ فالحياة قصيرة، وسهرة على النيل توازي عمراً حافلاً بالمجد والثروة والحب” 

        من رسائل مي زيادة لجبران

إنجازات لمي  زيادة لا يعرفها أحد

ما لا يعرفه الكثيرون أن مي زيادة كتبت سلسلة كاملة من قصص الأطفال لم ترَ النور، وقد نشرت دار الكتب المصرية اثنتين منهما، وكلتاهما مزينة بالصور، ولكن لم يتم تحديد متى كتبت مي هذه السلسة، ومتى اهتمت بهذا اللون من الأدب، وكانت بعض القصص موجهة للناشئين بشكل تربوي، مما يجعل مي من رواد العالم العربي الذين ساهموا في كتابة هذا اللون من الأدب.

اهتمامها بالقراءة عن الأديان والتصدي للتطرف 

“أهدي هذه الصفحة إلى مسلمي دمشق وضواحيها، وإلى سائر المسلمين رجالًا ونساء الذين يحبون من هذه الصفحة روحها ويشاطروني العقيدة الراسخة فيها” 

          مي زيادة 

إقرأ أيضا
الأحلام

بعام 1925 نشرت مي زيادة مقالًا بالأهرام وكان الإهداء السابق مقدمته، وقالت فيه: أنها بطفولتها كانت تستيقظ على صوت المؤذن يرسل في السحر نشيده الرائق الشاجي قائلًا: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، فلا تلبث أن تتعالى من ناحية أخرى في البلدة رنات النواقيس في انسجام وحسن إيقاع، فتنشد بلغتها الفصيحة ما مفداه؛ الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله و يندغم النشيدان في اصطحاب فرد ينتشر مرفرًا كالجناح.

مي زيادة
مي زيادة بشبابها

 أكد هذا المقال على تأثر مي  بمعايشتها لثقافات مختلفة بين البلاد العربية اقترنت باختلاف الديانات، وكانت تحاول بكتابتها التعبير عن مضمون ما تحمله الأديان السماوية من رسالة سلام تختلف عما تنشره الفئات المتطرفة باسم الدين، وحرصت التأكيد على فكرة الوحدة الوطنية بجانب التصدي للتيارات المتشدة.

ذكرت  مي بهذا المقال أنها تتذكر وسط ما عاصرته بالحرب العالمية الثانية ذكرى حلوة حول انسجام اللآذان مع أجراس الكنيسة، وأنها ترى أن مشكلات سوريا لم تختلف عن مشكلات مصر آنذاك، وأننا جميعا  بيننا تشابه في الحاجة والآلم، ولذلك علينا الاتحاد لمواجهة هذه المشكلات، واللجوء إلى الله على كل دين وطريقة كي يعم السلام.

مي زيادة
مي زيادة

 

وفاة مي زيادة

ضمن الأحداث التي أثرت على مي سلبًا وبالفترة التي كانت تراسل فيها جبران خليل جبران؛ توفى والديها وأصدقاء لها من المقربين، وكانت من رسائلها  الحزينة لجبران بهذه الفترة:

“لم يبقَ إلا أنت أيها الصديق”

 ومن ثم مات جبران صديقها الصدوق الذي كنت له مشاعر الحب الذي تصورت لن تعرفه بعدما مر بحياتها الكثير من الرجال، فتدهورت حالتها النفسية وتم وضعها بمصحة للعلاج النفسي بلبنان لشهور بين المد والجزر مع قريب لها حاول الاستحواذ على أموالها والتشكيك في سلامتها العقلية، حتى تدخل أصدقاؤها وعادت إلى مصر بعد فترة نقاهة، وعادت لحياتها والكتابة بشكل قوي، ولكن بمصاحبة وجيعة الفراق الذي أخذ منها المقربين الذين ساعدوها بمحنتها الأخيرة، حتى توفت بعد وفاة جبران خليل جبران بعشرة أعوام عام 1941.

 من المراجع

كتاب “جبران خليل جبران” لميخائيل نعيمة

مقدمة “النبي” النسخة المترجمة لثروت عكاشة عن دار الشروق

كتاب “كتابات منسية” إعداد وتحقيق أنتيا زيغلر ويتضمن الكتاب مقالات لمي زيادة.

الكاتب

  • مي زيادة إسراء سيف

    إسراء سيف كاتبة مصرية تخرجت في كلية الآداب، عملت كمحررة لتغطية مهرجانات مسرحية، وكصحفية بموقع المولد. ساهمت بموضوعات بمواقع صحفية مختلفة، وتساهم في كتابة الأفلام القصيرة. حصلت على الشهادة الوظيفية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من الجامعة الأمريكية وألفت كتابًا لتعليم اللغة العربية للأطفال بالدول الأوروبية.

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
4
أحزنني
4
أعجبني
5
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
3


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان