“مجرم الحرب المحبوب يموت أخيرًا” .. كيف عالجت مجلة أمريكية وفاة كيسنجر؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
“يا كيسنجر أنت الآن ترى الأكواخ، وتلاحظ الوجوه الفارغة، والعيون الميتة” .. أنا، بزيي المكوي، عشت في القذارة والبؤس، تعرضت للضرب والركل.. أي نوع من الحرية يمكنني أن أقدمه؟ أرى صديقي يدخل أحد الأكواخ ويخرج والدموع في عينيه. “لا تدخل هناك. كان علينا أن نركلهم لنفرق بين الموتى والأحياء” .. كان هذا ما كتبه هنري كسينجر عن تجربته في الطفولة .. التي وصفها بأن “لا فرق فيها بين الحياة والموت” في مشاهد يقول عنها الكثيرين بأنها صورًا وخايلات من طفولة صعبة عاشها في سياق تاريخي كانت فيه محرقة الهولوكوست الذي نجا منها كسينجر بأعجوبة.
أثارت وفاة “مهندس السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية” هنري كسينجر، مشاعر متباينة، وردود أفعال أِشد تباينًا .. حيث أن هذا الثعلب الماكر الذي أدار صراعات عالمية كثيرة ربما تكون شكّلت جغرافيا العالم الذي نعيش فيه حاليًا في القرن الماضي، هو نفسه الذي ينظر إليه البعض بكونه معول الولايات المتحدة لهدم، وتفتيت، وتشريد لكثيرين .. ومن هذا المنطلق وصف العديد من الجهات والأشخاص وفاة هنري كيسنجر بالعديد من الأوصاف.
وقد أشاد زعماء العالم بكيسنجر، الذي توفي يوم الأربعاء عن عمر يناهز 100 عام، باعتباره “مدافعًا ماهرًا عن المصالح الأمريكية” كما قيل على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث قال الرئيس السابق جورج دبليو بوش: “لقد فقدت أميركا واحداً من أكثر الأصوات المميزة التي يمكن الاعتماد عليها” في الشؤون الخارجية، وهو ما استخدم لهجة حاول العديد من المسؤولين رفيعي المستوى، في الماضي والحاضر، نقلها.
وعَبّر رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عن إنه “يشعر بالرهبة” من كيسنجر، بلير “بالطبع، مثل أي شخص واجه أصعب مشاكل السياسة الدولية، تعرض لانتقادات في بعض الأحيان، بل وتم إدانته”. “لكنني أعتقد أنه لم يكن مدفوعا دائما بالسياسة الواقعية الخشنة، بل بالحب الحقيقي للعالم الحر والحاجة إلى حمايته. لقد كان حلالا للمشاكل، سواء فيما يتعلق بالحرب الباردة أو الشرق الأوسط أو الصين وصعودها.”
وعلى مستوى الكيان المحتل، كان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوج أثناء لقائه بوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في تل أبيب قال: إن كيسنجر “وضع حجر الأساس لاتفاق السلام الذي تم توقيعه لاحقًا مع مصر، والعديد من العمليات الأخرى في جميع أنحاء العالم التي أعجب بها”، وقال بلينكن إن كيسنجر “وضع بالفعل المعايير لكل من تبعه في هذا المنصب” وإنه “كان محظوظًا جدًا بالحصول على مشورته عدة مرات، بما في ذلك قبل شهر تقريبًا”.
قالت مجلة رولينج ستون في عنوان رئيسي: “هنري كيسنجر، مجرم الحرب المحبوب من قبل الطبقة الحاكمة في أمريكا، يموت أخيرا”، كتب سوفال إير، الباحث في جامعة ولاية أريزونا الذي يدرس الاقتصاد السياسي في كمبوديا، في موقع The Conversation: “من المرجح أن حملة القصف التي قام بها هنري كيسنجر قتلت مئات الآلاف من الكمبوديين – ومهدت الطريق أمام ويلات الخمير الحمر”، (والخمير الحُمر اسم حزب سياسي كان يحكم كمبوديا)، وكتب إير: “إن القنابل العنقودية التي أسقطت على كمبوديا تحت مراقبة كيسنجر تستمر في تدمير حياة أي رجل أو امرأة أو طفل يمر بها”.
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال