همتك نعدل الكفة
372   مشاهدة  

محاولة للفهم .. لماذا تتبرع سيدة فقيرة بقرطها لرجل يريد أن يجمع مبلغ خمسون مليون جنية؟

محاولة
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



باكية .. هرولت سيدة تدعى سوزان قنديل من مسكنها البسيط في المقطم ، إلى أبواب نادي الزمالك ، بعد أن بيعت قرطها الغالي بمبلغ 960 جنية – والقيراط هو أغلي شئ على قلب المرأة الشرقية – عندما علمت أن رجلًا يلعب في نادي الزمالك على أعتاب الانتقال إلى نادي آخر ، وشريطة استمراره داخل الزمالك هو تجميع مبلغ حوالي خمسون مليون جنية ، فقررت التبرع بالـ 960 جنية وفي عقلها تحاول تدبر الأربعون جنية الباقيين كي تجمّد باكو فيصبح المبلغ عليه القيمة في طريق حلم الخمسون مليون  !

 

تلك هي الصورة المجردة من الانتماء الكروي أو المجردة أصلًا من الغير مضاف عليها بهارات البلاغة والتوصيفات التي يروج لها هذا وذاك ، وهنا نحاول أن نفهم ما الذي دفع السيدة إلى ذلك بعيدًا عن الأفورة أو التسفيه .. ذلك لأن أخينا صاحب الانتماء الأحمر يحاول بكل ما أوتي من قوة أن يسفه من الفعل نفسه ، بواسطة كوميكات ساخرة من السيدة نفسها ، أو بوستات تتحدث عن ضرورة الابتعاد عن تلك الطرق في محاولة دعم النادي ، مع إنه نفس الشخص الذي يرى أن دعم ناديه جائز بأي طريقة حتى عن طريق ” الروح والدم ” .. على النقيض تمامًا يحاول أخينا صاحب الانتماء الأبيض يرى أن ما فعلته السيدة فعلًا كريمًا يحدث في كل دول العالم ، مع إنه نفس الشخص الذي كان سيسخر من نفس الفعل لو حدث عند المنافس .. إذا عما نبحث عنه ؟

الحقيقة أننا في محاولة أن ندخل إلى عقل سيدة قررت أن تضحي بمبلغ يعتبر كبير جدًا بالنسبة لها ليس في وجبة طعام أو قطعتين ملابس كما يحاول البعض أن ينظر لتلك المنطقة بنظرة مادية بحت ، لكننا أولًا نريد أن نعيد تعريف لاعب كرة القدم ، لأننا على ما يبدو أننا أمام البعض الذي اختلط عنده المفاهيم .. أولًا لاعب كرة القدم هو رجل مهمته الأولى إضافة الترفيه لحياتك .. أن يخرجك من ضغوط العمل ودوامة الأسرة وساقية توفير الطعام وفلوس فواتير الماء والكهرباء والغاز ! كالفنان الذي تقتطع من وقتك ساعة أو اثنين مخصوص كي تسمح له بفرصة لقاء عبر الشاشة ليحاول هو إخراجك من الحالة التي تعيشها !

يظل سؤالًا ثانيًا هو محاولة للفهم: كيف تدعم لاعبك المفضل ، وإجابته بسيطة للغاية ، هو أنك مجرد ما فتحت التليفزيون على مباراة كرة قدم لمشاهدة لاعبك المفضل ، أنت بذلك رفعت من سعره من خلال إضافة إشارة للبث ، وبالتالي تترجم شركات الإعلانات وشركات الرعاية ذلك إلى أموال تضاف إلى سعر اللاعب عمومًا والفلوس التي ستدخل جيبه .. نشرك لصورة اللاعب على السوشيال ميديا يعود ذلك إلى جنيهات في جيب اللاعب .. حديثك عن اللاعب على المقهى ومواقع التواصل الاجتماعي يعد دعمًا لجيب اللاعب من خلال إطار ” الانتماء ” وأيدولوجية “التشجيع ” .. إذًا آخر ما يحتاجه اللاعب هو فلوسك الورقية .. ولاعب نادي الزمالك يعرف جيدًا أن مجرد مقابلة السيدة رفعت من سعره أكثر من زيارة رجل أعمال مثلًا .. إنها العاطفة القادرة على أن إخراج ما في جيبك بلا شعور !

 

إقرأ أيضا
غزة والحرب

وتظل الإجابة التي نبحث عنها .. لماذا فعلت السيدة ذلك ؟ .. في الفترة الأخيرة حدث خللًا في تعريف ومفهوم (النجم) عند الجمهور المصري .. انفلت العيار داخل العقل المصري فأصبح نجم الكرة متحكمًا في الفرحة والحزن وليس في المود والمزاج .. انفلت حتى أصبحت حياة نجوم السينما هي الحياة التي يريد الجميع تطبيقها داخل منزله دون الاعتبار للفوارق المادية المتفاوتة بين نجم السينما وموظف الحكومة .. أصبح الفرعي أساسي ، والأساسي فرعي . وهي الإجابة عن سؤالنا: لماذا فعلت السيدة ذلك .. هي تخيلت أن ما حدث بدافع الحب ، وهم أكملوا عندها الصورة بتقارير صوروها داخل منزلها على أساس كونها بطلة قومية .. قديمًا خلعت النساء الخاتم والسلسلة حتى تتبرع بهم للمجهود الحربي في معركة أكتوبر العظيمة ..  الآن خلعته لتتبرع بهم للاعب يريد المزيد من الفلوس للتجديد في نادي كرة قدم ! .. أنا لا أريد أن أسفه من فعل قامت به السيدة من قلبها ، لكنني فقط أردت أن أخبرك لماذا شعرت السيدة بذلك ! .. إنه سحر الميديا !

الكاتب

  • محاولة محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
1
هاهاها
1
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان