رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
590   مشاهدة  

محسن زايد .. صنايعي السيناريو الأسطوري

محسن زايد


المثل يقول: الشاطرة تغزل برجل حمار، أي أن المرأة الماهرة هي من تستطيع عمل الغزل ومنه الخيوط التي تستحيل ثيابا باستخدام مواردها المتاحة، حتى وان كانت “رجل حمار”! فما بالك بصنايعي شاطر، استخدم كل ما يملك من مهارة وحرفة، ليصنع من الفسيخ شربات، وفي بعض الأحيان من الشربات، شربات آخر؟ هو العظيم الراحل: محسن زايد.

رحل “محسن زايد” عن عالمنا عام 2003، تاركا خلفه إرثا عظيما من الأعمال التليفزيونية والسينيمائية، أعمال قليلة العدد لكنها عظيمة الشأن عالية المستوي الفني وعلي قدر عظمة وجمال أعماله كان قدر الفراغ الذي تركه، وكما احترف أديبنا العالمي “نجيب محفوظ” كتابة السيناريو للسينما لأعمال عديدة مثل: جعلوني مجرما – الفتوة – أنا حرة – احنا التلامذة – الطريق المسدود، احترف عمنا “محسن زايد” تحويل أعمال “نجيب محفوظ” نفسه لسيناريوهات.

دراسة “محسن زايد” لفن المونتاج والإخراج في معهد السينما، أفادته كثيرا في عمله ككاتب سيناريو، ساعدته في تحويل قصة مصمتة إلى كيان حي، تستشعره حتى علي الورق، ليست مجرد أوراق يتركها للمخرج الذي يعني بتحويلها لعمل فني، بل كان شريكا أساسيا في صناعة العمل الفني، وعيه المتفتح على فترة من أهم فترات مصر، حيث قضي تجنيده ما بين حربي 1967 و1973، أشعلت بداخله جذوة الوطنية، التي نراها واضحة في كل أعماله، كذلك انتماءاته الفكرية، وثقافته ساهمت في تأسيس “محسن زايد” السيناريست.

إضافة لادراكه قيمة ما يحول من “روايات”، مثل “الحرب في بر مصر” وهي رواية “متوسطة” المستوي بالمناسبة للأديب “يوسف القعيد”، حيث حولها للفيلم البديع “المواطن مصري” جامعا أسطورتين من أساطين التمثيل في مصر عمر الشريف، في دور غير معتاد “العمدة” و “عزت العلايلي” في دور الفلاح البسيط، ورواية “الحرافيش” التي قدم منها فقط أول قصتين قصة “عاشور الناجي” وولده “شمس الدين”، وأظن ان امتد العمر وسمحت الإمكانيات ل “محسن زايد” لقام بتحويل بقية الملحمة إلى ملحمة تليفزيونية أخري.

من أهم روايات “نجيب محفوظ” التي تحولت لأعمال فنية علي يد “محسن زايد” هي: قلب الليل، بين القصرين، قصر الشوق، حديث الصباح والمساء، الحرافيش، ولنا مع “حديث الصباح والمساء” وقفة.

تعتبر “رواية حديث الصباح والمساء” من أصعب الروايات قراءة، لأنها وعلي غير العادة لا تعتمد علي أسلوب الحكي التقليدي، بل تعتمد علي الترتيب الأبجدي لأسماء الأبطال، فلا رابط زمني ولا مكاني يربط، تذكرك برواية “مائة عام من العزلة”، لكن أكثر تعقيدا، محسن زايد بحنكته، استطاع أن يدرس الرواية، ويرسم شجرة عائلة تضم كل الأبطال، وكان من المقرر ان امتد به العمر قليلا أن يعمل علي كتابة الجزء الثاني، حيث أحداث الرواية تمتد من أيام “محمد علي” وحتي نصر أكتوبر.

قلما وجدنا فنانا يجمع ما بين الصنعة والموهبة، فمحسن زايد الموهوب قام بتحويل رواية “قلب الليل” لفيلم شهير من بطولة “نور الشريف وفريد شوقي”، ومحسن زايد الصنايعي قام بتحويل نفس الرواية إلى مسلسل، من بطولة “ممدوح عبد العليم”، كما لم يتخل عن شغفه القديم بتحويل ثلاثية “نجيب محفوظ” للتليفزيون، لكن تم تحويل روايتين فقط من أصل ثلاثة، في تعاون مع الراحل الكبير “محمود مرسي”.

ما يميز شخصيات الراحل “محسن زايد” عن سواه من السيناريستات، هو أنها شخوص من “لحم ودم” ليست مغرقة في المثالية تماما ك”محمد جلال عبد القوي” ولا في الرومانسية مثل “مني نور الدين” بل هي شخصيات تصيب وتخطئ، ليست إلا بشرا عاديا، أعماله التي ألفها مثل: الحاوي – بنات أفكاري تؤكد هذه الأفكار، فمسلسل مثل: “الحاوي” يعرض لنا شخصية “سنقر – فتحي” التي قام بها “فاروق الفيشاوي”، وهو شخص انتهازي ونصاب، لكن مع تسلسل الأحداث لن تستطيع الحكم عليه، لا بالسلب ولا بالإيجاب، تتعاطف معه أحيانا، تمقته أحيانا، لكنك تري جزء من  كيانك فيه.

من أواخر أعمال الراحل هو فيلم “فرحان ملازم آدم”، بطولة “فتحي عبد الوهاب، لبلبة، ياسمين عبد العزيز” في هذا الفيلم رسم “محسن زايد” ببراعة شخصية الشاب الصعيدي ال “جلنف” القادم لأول مرة للقاهرة، كما رسم بمهارة جراح شخصية لبلبة، امرأة محرومة من الحب والجنس، وشخصية “حسن حسني” التي أراها من أهم الشخصيات التي قدمها في تاريخه الفني، سمفونية شعبيية متكاملة، قلما وجدت في السينما المصرية.

إقرأ أيضا
صائد الدبابات محمد عبد العاطي

إقرأ أيضاً

ما فعله محسن زايد بحديث محفوظ

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان