محمد الخضر حسين .. قصة لاجىء سياسي تونسي ذا أصول جزائرية أصبح شيخًا للأزهر
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
في جنوب تونس وُلد الشيخ محمد الخضر حسين في 16 أغسطس 1876م، وأصل أسرته من الجزائر، من عائلة العمري، من قرية طولقة (ببسكرة)، وهي واحة من واحات الجنوب الجزائري، وأصل أمه من وادي سوف بالجزائر أيضًا وأبوها هو الشيخ مصطفى بن عزوز وخاله الشيخ محمد المكي بن عزوز.
بداية مسيرة الشيخ الخضر
تخرج الشيخ محمد الخضر حسين من جامع الزيتونة وهي الجامعة الإسلامية العريقة التي حافظت على الدين وعلى عروبة المغرب العربي الكبير وخرجت من هذه الجامعة أجيال مؤمنة قادت الثورات ضد الإحتلال الفرنسي البغيض وكان من هؤلاء الشيخ الخضر حسين فبعد ما أتم دراسته قام بالتدريس في جامع الزيتونه ثم تولى القضاء في مدينة بنزرت.
خاض غمار الصحافة فقام بتأسيس مجلة السعادة العظمى ومن خلال هذه المجلة قام بالتحريض ضد الإحتلال فأغلقتها سلطات الإستعمار الفرنسي فلم يترك الشيخ محمد الخضر حسين طريقاً إلا سلكه في سبيل تحرير بلاده من الإحتلال الفرنسي فألهب حماسة الجماهير التونسية عن طريق خطبه الرنانة على منابر مساجد تونس وفي ميادينها الكبرى وفي دروسه الخاصة والعامة وبث في الناس عامة وفي طلبة العلم خاصة روح النضال فكان له تأثير في نفوس الناس فلما شعرت قوات الإحتلال بهذا الأثر ضيقت عليه وتم فصله من عمله في القضاء وقبل أن يقبض عليه فر إلى الشرق وتم إصدار حكم الإعدام عليه غيابيا من قبل السلطات الفرنسية وحط به الترحال في دمشق حتى يبدأ عهد جديد هناك من النضال ضد الإحتلال .
اللجوء السياسي في مصر
وفي سنة 1922 رحل الشيخ محمد الخضر حسين إلى مصر لاجئاً سياسيًا وهناك بدأ عمله بالسياسة بجانب الدعوة الإسلامية وكان يسكن في سفارة تونس في القاهرة .
اقرأ أيضًا
الدكتور يسري جبر .. سيرة ومسيرة الطبيب الجراح والشيخ الأزهري الصوفي
ومن نماذج عمله السياسي أنه أنشأ جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية والتي قامت بدور هام وفعال في توحيد نضال المغرب وكانت هذه الجبهة من أكبر الطعنات التي اخترقت صدر الإحتلال الفرنسي.
عمل في مصر مصححًا بدار الكتب المصرية بواسطة من صديقه “أحمد تيمور” باشا الذي كان يعرف مكانة الخضر حسين العلمية ، فكان يلقي المحاضرات والدروس في مساجدها، ويكتب المقالات المتنوعة الكثيرة..
عينه الأزهر مدرسا في قسم التخصص وهذا يدل على مدى علمه، إذ لا يقوم بالتدريس في الأزهر آنذاك إلا كبار العلماء، وتولى رئاسة تحرير مجلة الأزهر 4 سنوات، ورئاسة تحرير مجلة “لواء الإسلام”، واختير عضوا بـ”مجمع اللغة العربية الملكي” عند إنشائه في القاهرة سنة (1351هـ/1932م)،.
وحصل الشيخ الخضر حسين على عضوية هيئة كبار علماء الأزهر أثناء وجوده في مصرسنة 1950 برسالة قدمها في الأزهر بعنوان القياس في اللغة العربية .
كانت والدة الشيخ محمد الخضر حسين تتمنى أن يتولى إبنها مشيخة الأزهر فكانت تهدهده وهو طفل صغير وتقول له “تكبر يا أخضر، وتكونْ شيخ الأزهر”، لكن هذا الحلم كان بعيد المنال لكونه غير مصري ولم يدرس في الأزهر بل درس في الزيتونه وعلى الرغم من كون جامعة الزيتونه على منهج الأزهر وهي جامعة عريقة مثله إلا أن مشيخة الأزهر كان لا يتولاها غير المصريين ولكن بعد الأحداث السابقة وذهابه إلى مصر
وبعد قيام ثورة يوليو سنة 1952 في مصرأراد قادة الثورة أن يتولى قيادة الأزهر مجاهد وثائر عربي من قادة المسلمين، وعندما عُرضت عليه مشيخة الأزهر، وما كان يتوقع أن يعتلي هذا المنصب في يوم من الأيام، قال الخضر لخلصاءه “لقد سقطت المشيخة في حجري من حيث لا أحتسب.”.
وكان الشيخ رحمه الله شديدا في الحق لا يداهن ولا يجامل على حساب عقيدته فما كان يتذلل للحكام ومن المواقف التاريخية العجيبة للإمام الأكبر الشيخ الخضر حسين أنه لما تولى مشيخة الأزهر كتب استقالة غير مؤرَّخة من صورتين، احتفظ بإحداهما في مكتبه، وأعطى الأخرى للشيخ بسيوني مدير مكتبه، وقال له: “إذا رأيتني ضعيفًا في موقف من المواقف فابعث بالصورة التي معك إلى المسؤولين نيابةً عني، وهذه مسؤوليتك أمام الله”
ومن مواقفه المشرفه أن أحد أعضاء قيادة الثورة طلب مساواة الجنسين في الميراث فلما علم الشيخ بذلك أنذرهم إن لم يتراجعوا عن هذا فسيلبس كفنه، ويدعو الشعب إلى زلزلة الحكومة والقيام عليها لاعتدائها على حكم من أحكام الله.
وفي 7 يناير 1954 قدم الشيخ استقالته وكان سب إستقالته إعتراضه على إندماج القضاء الشرعى مع القضاء الأهلى، وبعد استقالته من المشيخة تفرغ للبحث والمحاضرة حتى لبّى نداء ربه في مساء الأحد 13 من رجب 1377هـ – 28 من فبراير 1958م.
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد