محمد سلّام .. الفعل قَد القول
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
في حلقة مميزة من برنامج “مفاتيح” والذي كان يقدمه الإعلامي الراحل مفيد فوزي، سأل الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي : على قبر من تضع وردة يا خال؟ فأجاب الخال دون تفكير مطوَّل : على قبر چيفارا .. فرد “فوزي” : إيشمعنى؟ .. فشرد الخال قائلًا : لإن الفعل عنده قَد القول، يضعنا جميعًا في موقف محرج بسبب عجزنا الإنساني.
وفي زمن أصبح دفع أثمان المواقف فيه عُملة نادرة، بل أصبح مدعاة للسخرية بسبب امتلاك تراكم المواقف التي باع فيها النجوم الغالي والثمين طمعًا في قطعة زيادة من كعكة الفن، وانبطح فيها الفنان أمام الإنتاج حتى دمي أنفه وأصبح كما يقول النساء في الحواري (هلهولة) .. في هذا الزمن، يخرج فنان مصري أصيل، وإنسان حقيقي قبل أن يكون فنان، وهو “هدرس” أو الفنان محمد سالم والذي قرر ألا يستكمل دوره في مسرحيات موسم الرياض تعاطفًا مع أحداث غزة، حيث آثر ألا يرقص ويغني والأطفال تصرخ من ألم البتر دون مخدر بعد انهيار المنظومة الصحية الفلسطينية بسبب اعتداء العصابات الصهيونية.
اقرأ أيضًا
رجال حول الكبير (1) .. “هدرس” الطامح للهروب خارج القرية
يعد هذا الموقف على بساطته، موقف مزعجًا بالنسبة للكثيرين يصعب عليهم التخلي ودفع الثمن أمام الموقف، هؤلاء الذين دافعوا باستماته عن فرنشايز ماكدونالز، وهؤلاء الذين يحاولون زعزعة الموقف الشعبي الواضح في معاقبة اسرائيل بالمقاطعة، ولأنهم اعتادوا منذ زمن بعيد على الانتفاع والاستفادة والعيش في المناطق الآمنة بعيدا عن المواقف الواضحة التي تخسرك نصف الكعكة مقابل النصف الآخر .. لذلك سيتعرض موقف “سلّام” لكثير المناقشات الطويلة لمحاولة إخراجه من مضمونه ومحاولة فتح نوافذ وصناعة صياغة لتمرير المواقف الرمادية لهؤلاء .. لكننا في النهاية أمام رجل قرر أن يضحي، بهذا الوضوح، بهذا الجلاء.
يقول أمل دنقل في قصيدته التي أصبحت نشيدًا وطنيًا : لا تصالح لو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ، والرجال التي ملأتها الشروخ (إلخ) ..
ولو عاصر “دنقل” هذا الرعيل من الجيل الفني لمسح عبارة “والرجال التي ملأتها الشروخ” وأضاف اسمًا من أسماء هؤلاء الفنانين الذين (صدعونا) بالرجولة والتستيرون، لكنهم عند المواقف الحقيقية ظهروا أجبن من الفئران، ليأتي هذا الرجل البسيط بهذا الموقف المنطقي البسيط ليكشف الجميع، ولنعطه فيه يده وردة الخال، وردة لأن الفعل قَد القول!
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال