محمد صلاح .. ورفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد ومواكب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أحاول أن أدخل معك عزيزي القارئ في عقل الأسطورة المصرية محمد صلاح ، بالأخص في هذه الساعات بعد أن أحرز هاتريك ، ثلاثة أهداف أسطورية في شباك مانشستر يونايتد ، في ملعب الأحلام ، وملعب الأحلام هذا كان عصيًا على كل ضيف أن يخرج منه منتصرًا ، لكن صلاح اليوم خرج منه بطلًا ، ليس منتصرًا فقط .
عندما عاد صلاح لمنزله اليوم ، وقرر أن يفرد ضهره على الأريكة ، عندما أتى كلبه وداعبه بأصابعه في شعره، وسرح مع مقطوعة موسيقية قلبت في عقله القديم والجديد، وتذكّر تلك اللحظة الذي خرج فيها من الدوري الإنجليزي محبطًا بعد تبديد الحلم الكبير في تشيلسي، وكان الطريق للخلف دُر بعد اضطراراه للعب مع فريق (نص كم) ، والنزول إلى أسفل السلم بعد أن قرصه ثعبان الإرتفاع المفاجئ ، فكانت النتيجة هبوطًا مفاجئًا ، وبداية جديدة للطريق بعد الكحرتة .
لا .. لم يتوقف عقله عند هذه اللحظة فقط ، بل عاد إلى اللحظة الذي نجا فيها من فخ المشاركة في أندية القمة المصرية التي كانت قادرة على كتابة نهايته، ومسح مسيرة لاعب كبير بأستيكة قبل بدايتها، بالغرور تارة، وبعدم وجود سيستم تارة .. وتذكر الكلمة التي قالها أحدهم : أن مستواه لا يرقى لأن يصبح لاعبًا لأندية القمة في مصر .. وضحك، أو داعب الكلب بشكل أكثر حدة إثر تلك الومضة السخيفة .
لا .. إنه يستطعم كيس الكشري إياه، الذي كان يشتريه بالجنية الباقي من العشرين جنية التي كان يأخذها من الوالد ، لقضاء المشوار من نجريج إلى (مصر) للتدريب ثم العودة، العودة التي كانت تمثّل عبئ وكتلة رهيبة من الخوف في صدر الأم ، خوفًا عليه من الحوادث المرورية في المواصلات العامة، والذي كانت كثيفة على طريق قريته نظرًا لسوء مستوى الطرق في تلك القرى النائية الفقيرة ، التي ولدت محمد صلاح
أعتقد أن كل هذه الفلاشات ، لم تأت سوى لثوان سريعة، لكن الصورة الثابتة أمامه، والتي قررت أن تعرض نفسها على ذاكرته، وتفرض نفسها فرضًا، تلك الصورة التي مرت على صلاح بالتأكيد ، فـ صلاح من الجيل الذي كان ينظر لكرستيانو على شاشات المقاهي وتلمع عيناه، تلك اللحظة التي كان يحرز فيها رونالدو هدفًا ، وينطلق المذيع : كرستياااااانو ررررروووونالدو .. الليلة صلاح يقف ندًا لكرستيانو ، ندًا كعبه أعلى ، ندًا تتابعه الكاميرا بنفس النسبة التي تتابع بها رونالدو، ليس كتلك المرة الماضية التي تعمد فيها راموس إصابته، صلاح هذه المرة يقف رأسًا برأس مع الذي كان يتابع مبارياته على شاشات المقاهي مضطرًا لشرب ساقع مخصوص لمتابعة القناة المشفرة .. قال الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم في رائعة “مصر يامه يا بهية” ، ” ورفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد ومواكب ” .. الليلة يسمعها صلاح ويمر أمامه شريط المسيرة العسيرة ، ويتطلع شاخصًا لما هو قادم في لعبة القدر ..
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال