محمد عبد العظيم .. في بيتنا وغد !
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لا .. عنوان المقال لا يحمل أي نوعًا من المبالغة .. في البيت وغد بلا شك .. وغد قادر أن يجعلك تتمنى لو كسرت شاشة التليفزيون، أو الموبايل، ودخلت إلى اللوكيشن وأخذت حقك وحق الملايين منه بلا رحمة.. وغد قادر أن يصل بك لمرحلة ارتفاع ضغط الدم أو السكر، أن تجزّ على أسنانك فور رؤيته حتى تكسرها .. عندما تبرق عيناه وتنفش حواجبه عليك أن تتأكد بأن الشر والغل والحقد والنذالة في طريقهم إليك لا محالة .. وغد يجب أن نفسر بالضبط كيف كرهه وعشقه المشاهد في آن واحد .. وغد يجب أن يصنعوا له (ريأكت) خاص على “فيس بوك” بحيث يمزج بين “القلب والغضب” .. حالة فريدة تسمى حالى الفنان محمد عبد العظيم.
عرفه الجمهور بـ “عم سامح الضلالي” عندما لعب هذا الدور في مسلسل بـ 100 وش، ذلك الدور الذي كان بمثابة شهادة الميلاد الفنية للرجل، لكن الحقيقة أنه كان أكثر من دور، بل كان شهادة ميلاد شرير حقيقي من أشرار الفن المصري .. وكأنما عثرنا على ضالتنا .. ربما لو كانت نظرته وملامحه هما عاملان مساعدان شديدي الأهمية في رسم تلك الصورة .. حيث أنه يملك عينان بهما من الخبث والوعورة ما يكفي لثعالب التجارة في الأموال والتقسيط، كما تكفي ملامحه لصناعة نموذج للرجل التقيّ النقيّ الذي يرتاح إليه قلبك بمجرد ما تنظرإليه.
يقول الفنان محمد عبد العظيم في برنامج “معكم” للإعلامية منى الشاذلي أن شخصية “سامح الضلالي” هي أكثر من شخصية مدمجة في بعضها، حيث أنه قد خزّن في ذاكرته صورة موظف كان يعرفه بنفس مواصفات التقوى والضلال، ورجل آخر من شبرا كان بنفس المواصفات .. لكن الجديد في شخصية “الحاج سيد” في مسلسل تحت الوصاية أنه من الصعب جدًا أن يتمسك “عبد العظيم” بتلك اللمحة الكوميدية على الشخصية الشريرة .. النموذج الذي قدمه في مسلسلين بـ 100 وش، وسجن النساء .. لكن تلك المرة يعد الاختبار هو الأصعب من المرات السابقة.
كان اختبار “تحت الوصاية” للفنان محمد عبد العظيم بمثابة خط فاصل بين الشرير اللذيذ والوغد الحقيقي، الظالم الذي يجب أن تكرهه من قلبك .. ونجح الفنان المتمّكن من تقديم هذا النموذج من الرجل الوغد الذي أعمى المال بصره وبصيرته .. ذلك النموذج الموجود في كل سوق تقريبًا، وصعوبة هذا النموذج من الشر أنه دور حاد وغير قابل للتلوين فمساحة التحرك بداخله ضيقة جدًا على الفنان الذي يلعبه ومع ذلك أضفى الفنان محمد عبد العظيم عليه بصمته الخاصة فظهر كما تابع المشاهد وبالتالي انهالت الإشادات على الدور، فكل ظهور للحاج سيد أصبح فيديو يمكن أن تشاهده أكثر من مرة للتفاعل مع حجم الظلم والجلافة التي تنضح من عينيه وملامحه، وجلا هذا في مشاهد المزاد وبالأخص في مشهدي “جمبري مزارع”، ومشهد حرقه للأسعار قائلًا : أخسر اخسر أنا هتعور إنما هي هتطلع في الروح” .. ما كل هذا الشر أيها الوغد !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال