همتك نعدل الكفة
964   مشاهدة  

محمد فؤاد سيرة ابن البلد الذي تاه في السكة – الجزء الثاني –

محمد فؤاد
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



مع بداية التسعينات كانت الأغنية الشبابية قد أخذت موقعها في صدارة المشهد الغنائي بقيادة عرابها حميد الشاعري الذي تولي مشاريع غنائية كثيرة على رأسها عمرو دياب، وانسحاب فرس الرهان الآخر فتحي سلامة من المشهد تاركًا مقعده للموزع طارق مدكور خليفته الشرعي الذي كان يحقق نجاحات كبيرة مع علاء عبد الخالق ومحمد فؤاد وفي نفس الوقت بدأت موجة الأغنية البديلة في الانحسار في ظل انصراف أغلب الجمهور إلي الأغنية الشبابية الجديدة.

بداية تلك الفترة المهمة جدًا شهدت انتقال بعض النجوم إلى شركات جديدة فانتقل فؤاد إلي شركة صوت الدلتا في مفاجأة قد تكون الأهم لأنها نفس الشركة التي تنتج شرائط منافسه الأبرز عمرو دياب.

يفتتح فؤاد حقبة صوت الدلتا بشريط “إسألي 1990” ثم يعقبه سريعًا “مشينا 1991″، في تلك الشرائط نجد أنها سارت وفق متطلبات الموجة الجديدة للأغنية، بساطة في الألحان والمفردات الشعرية وتمحور مواضيعها في العاطفة، سيطرة تامة لإيقاع المقسوم مع صب الأغنية في قالب مستوحى من الطقطوقة الخفيفة “مذهب ولزمة وكوبليهات تتكرر الألحان فيها”، وحاول فؤاد أن يضفي بعض العمق باستمرار التعاون مع الملحن والموزع ياسر عبد الرحمن في أغاني “حاضر – عارف” ثم أقدم على مغامرة جريئة بوضع صوته كخلفيه لموسيقاه في تراك “شجن” المأخوذ من الموسيقى التصويرية لفيلم “الإمبراطور” والذي سيخلد فيما بعد في إذاعة الأغاني التي وضعته شارة فواصلها الغنائية

YouTube player

ضربت عدة أغنيات لمحمد فؤاد مثل “إسألي – قولي – قرب تعالى – مشينا” لكن تظل “موعداني” هي أيقونه أغنياته الإيقاعية والتي أثبتت قدرات الموزع طارق مدكور التي مكنته من المنافسة مع حميد الشاعري بل والتفوق عليه فنيًا في بعض الأحيان.

انتشار محمد فؤاد جعله مطلوبًا في الدراما فظهر لأول مرة في مسلسل “دعوة للحياة” ثم بدأ باكورة أفلامه السينمائية في فيلم “القلب ومايعشق” من بطولة الممثلة الكبيرة سهير البابلي وهو الفيلم الذي انتج في عام 1991 وظهر بعد بسنوات، ثم تعاون مع المخرج الكبير خيري بشارة في فيلم “أمريكا شيكا بيكا” هذا الفيلم الذي بدأ يكرس اسطورة ابن البلد حيث ظهر فيه شاب من طبقة متوسطة يبحث عن الهجرة إلى أمريكا يتعرض للخداع في رومانيا صحبة آخرون.

YouTube player

صراع القديم والحديث.

مع سيطرة الأغنية الشبابية على المشهد بدأت الصحافة مدعومة من بعض الموسيقيين الكبار حملة هجوم شديدة عليها، تركز الهجوم في شخص حميد الشاعري وانتهى بإيقافه عن العمل أواخر 1993، تجنب فؤاد مشاكل إيقاف حميد لأنه لم يكن يتعاون معه كبقية جيل الأغنية لكنه اصطدم بانتقال “طارق مدكور” للعمل مع عمرو دياب الباحث عن تعويض غياب حميد، بدأت محاولات مع حسام حسني في شريط أغاني فيلم “أمريكا شيكا بيكا” ثم انشغل حسني بتجربته مع المطرب الصاعد حينها محمد محي، لذا كان لابد من إيجاد بديل والأهم هو البحث عن شركة إنتاج بعد انتهاء تعاقده مع صوت الدلتا.

تعاقد فؤاد مع شركة “الدولية” التي ستنتج له شريط حبينا 93، شهد هذا الشريط غياب بعض الأسماء المهمة مثل “مجدي النجار – حجاج عبد الرحمن” التي صنعت له أكثر أغنياته جماهيرية وبدأ يعتمد أكثر على الشاعر مدحت العدل صحبة الملحن رياض الهمشري مع ظهور جيل جديد “حسن دنيا – مصطفى كامل – صالح أبو الدهب – عصام اسماعيل” هذا الجيل الذي سيعلن عن دخول الأغنية في انقلابها الثاني بعد “لولاكي”.

بدأت ملامح تغيير كبير في شكل مشروع فؤاد الغنائي، بدأ في إدخال الوتريات على الأغاني الإيقاعية لمنحها بعض الدسامة الموسيقية التي تفتقدها الأغنية الشبابية المغضوب عليها نقديًا، وهو اتجاه بدأ يسود شكل الأغنية الشبابية بعد مشاكل إيقاف حميد فنجد أن حميد نفسه استعان بفؤاد رحيم في شريط “أمشي 1993” للمطرب أمين سامي ويحيى الموجي في مكتوب 94 للمطرب علاء عبد الخالق وحتى مدكور نفسه استعان بموزع الوتريات محمد  عرام في شريط “يا عمرنا 93” مع عمرو دياب.

وجد فؤاد ضالته في الموزع الشاب حينها “أشرف عبده” في أولى خطواته الفنية المهمة مع تولى الموزع “يحيي الموجي” توزيع وتريات الأغاني، مع بعض لمحات التجريب في أغاني “مالكش كبير – ولا يهمك – ودعنا” مع الموزع “معتز بسيوني” مع اغنية سودانية “الليل الهادي” والتي كتب زورًا أنها فلكلور نوبي رغم أنها أغنية معروفة للملحن والمطرب السوداني “شرحبيل أحمد”.

ضربت من الشريط أغنية “هاودعك” والتي سترفع من أسهم الثنائي الملحن حسن دنيا والشاعر مصطفى كامل الذي سيصبح له النصيب الأكبر من أعمال فؤاد التالية.

YouTube player

دخل فؤاد مشاريع تمثيلية مع محمد خان في “يوم حار جدًا” وعاود التعاون مع خيري بشارة في “إشارة مرور” في تلك الأفلام يحافظ فؤاد على نفس الشخصية بنت الطبقة المتوسطة المطحون تحت وطأة الظروف الاجتماعية القاسية تكريس لنفس الصورة مع تطور في أدائه التمثيلي، ثم يصدر شريط “نحلم” والذي شهد آخر تعاون بينه وبين شركة الدولية.

محمد فؤاد سيرة ابن البلد الذي تاه في السكة – الجزء الأول–

حيران.

تعاقد فؤاد مع شركة “فري ميوزيك” التي كان يبحث مالكها نصر محروس عن اسم قوي يمكنه من المنافسة داخل سوق الغناء بعد عدة محاولات مع مطربين من الصف الثاني مثل “خالد عجاج – حسن الأسمر” ووجد ضالته في فؤاد الأسم المتحقق فنيًا وجماهيريًا والذي سيصبح النجم الأبرز لشركته الناشئة.

دخل فؤاد النصف الثاني من التسعينات مدعوم بأفكار نصر محروس الذي كان يبحث عن توليفة موسيقية مختلفة وظهر شريط “حيران 96” الذي اعتمد فيه بالكامل على الموزع أشرف عبده باستثناء أغنية واحدة كانت من نصيب يحيى الموجي، ظهرت أسماء جديدة مثل الثنائي “صلاح الشرنوبي – أحمد شتا” في أغنية فاكرك ياناسيني التي تعتبر أغنية الـ Hit  للشريط، الاعتماد على الملحن رياض الهمشري بألحانه القوية الدسمة في فترة كانت لازالت الأغنية تسيطر عليها الألحان الخفيفة والأداء المبتعد عن التطريب مع بعض المفردات الكلاسيكية من الشاعر مصطفى كامل.

نجح محروس في تقديم فؤاد بصورة جيدة وقام بتصوير أغنيتين من الشريط “فاكرك ياناسيني – هانساك” والأولى كانت مع المخرجة ساندرا نشأت والتي اختارت حي شعبي لتصوير الأغنية مما أكد الصورة الذهنية عن فؤاد بصفته ابن البلد الشقي صاحب الدم الخفيف، حقق الشريط نجاحًا كبيرًا مكنه من المنافسة مع منافسه الأبرز “عمرو دياب” المنتشي بأكبر نجاحاته في شريط “نور العين” وبدأ الجمهور ينقسم إلى فريقين، فريق عمرو دياب بمظهره الصادم المواكب للموضة مع موسيقى بدأت تتجه قليلًا نحو الغرب، وفريق محمد فؤاد الذي يظهر بمظهر بسيط يعكس دفاعه عن هوية الأغنية المصرية مدعوم بألحان شرقية و توزيعات موسيقية دسمة وأن كان أمر التوزيعات به بعض التلفيق الفني مثلما ذكرت في مقال سابق عن الموزع أشرف عبده.

YouTube player

إسماعيلية رايح جاي.

بالتزامن مع تجربة شريط “حيران” دخل فؤاد تجربة سينمائية جديدة في فيلم “إسماعيلية رايح جاي” الذي عانى من بعض المشاكل الإنتاجية حتى ظهر إلى النور.

الفيلم كتب فكرته محمد فؤاد وسيناريو وحوار أحمد البيه حاول فيه تجسيد سيرته الذاتية من بداية تهجير أسرته في فترة الحرب واستشهاد أخيه الأكبر فيها، ثم المشهد الأهم في لقائه مع الملحن “عزت أبو عوف” مكتشفه والذي قام بدوره الحقيقي فيه.

إقرأ أيضا
هاني الناظر

اعتمد الفيلم على حبكة تقليدية من رحلة صعود مطرب من القاع إلي النجومية وحاول فؤاد أن يكرس لنفس الفكرة التي يعيش عليها ابن البلد الشهم الذي ينجح في تحقيق أحلامه وإسعاد الآخرين من حوله.

لم تنجح تلك الفكرة مع الجمهور الذي استقبل الفيلم على أنه فيلم كوميدي وساهم في إنعاش السينما وظهر جيل المضحكون الجدد بقيادة هنيدي الذي استحوذ على الاهتمام الأكبر من النجومية في الفيلم، على العكس مثلًا من فيلم “أيس كريم في جليم” الذي كان يرصد التحولات في المجتمع المصري مع سقوط اليسار واعتبره الجميع فيلمًا غنائيًا سيرة مبسطة لرحلة عمرو دياب بطل الفيلم، وبرغم ذلك أصدر فؤاد شريط مجمع لأغاني الفيلم وضربت فيه الأغنية الأبرز “كماننا” والتي منحته تعويضًا مؤقتًا.

ركز فؤاد على استكمال المسيرة مع نصر محروس وحاول أن ينتج شكل جديد للأغنية تستمد روحها من الأغنية الحليمية “نسبة إلى عبد الحليم حافظ” وظهر هذا بوضوح في شريط “الحب الحقيقي” حيث المقدمات الموسيقية الطويلة نسبيًا الموزعة بشكل أوركسترالي وتوظيف بعض الآلات مثل “الأوبوا – الفلوت – النحاسيات” مع بعض الألحان التطريبية في “تحرمني ليه” وليد سعد و “راجع تاني” رياض الهمشري، مع اعتماد على الشاعر مصطفى كامل الذي كان يستقي أفكار أغنياته من بعض الأغاني القديمة مثل “علمناه الحب – الحب الحقيقي“.

YouTube player

نجح في الشريط أغنية “الحب الحقيقي” بسبب الفيديو كليب الخاص بها من إخراج نصر محروس والذي اعتمد على مجاميع من الأطفال مع اغنية “راجع تاني” والتي شبهها البعض بأغنية “بيع قلبك” عبد الحليم حافظ.

انتهى تعاقد فؤاد مع محروس ليعود في مفاجأة كبرى إلي شركة صوت الدلتا التي أنتجت له شريط “قلبي وروحي وعمري” والذي كان نسخة من شريط “الحب الحقيقي” ومحاولة استثمار نجاحه، ضربت منه أغنية “أنا لو حبيبك” والتي كرر فيها استخدام مجاميع الأطفال مع سيناريو به حبكة عاطفية من بطولة طفل.

YouTube player

مع بداية الألفية بدأ المال الخليجي الدخول إلي السوق الغنائي المصري وسحب النجوم منه لينتقل فؤاد إلى روتانا التي أنتجت له شريط “القلب الطيب” والذي سار فيه على نفس درب شرائطه السابقة.

في الجزء الأخير سنتناول المرحلة الثالثة في حياة فؤاد الفنية والتي ركز في بدايتها على التمثيل وأسباب توقفه عن اصدار شرائط كاملة.

الكاتب

  • محمد فؤاد محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان