رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
660   مشاهدة  

محمد فريد .. عاش مُضَّطهداً حتى مات منفياً و تاجر مانيفاتورة رد اعتباره

محمد فريد
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



ربما لم تتجسد المأساة في حياة زعيم وطني، كمأساة محمد فريد الذي قُدِّر له الضنك منذ أن خرج من بيت أبيه مناضلاً حتى دُفِن في مصر، بل إن جثته نفسها لم الراحة لم تعرف إلا المآسي كحياته.

في 2 يناير سنة 1868 م، ولد محمد بك فريد في مصر لأسرة ميسورة الحال حيث أن والده أحمد باشا فريد كان ناظراً للدائرة السنية الخديوية، وأهلته هذه الظروف إلى التعليم حيث التحق بالمدرسة الابتدائية ومنها إلى الثانوية الخديوية، وبعد ذلك التحق بمدرسة الحقوق ليحصل في العام 1887 م، على الليسانس وتبدأ حياته العملية مترجماً بقلم قضايا الدائرة السنية وترقى في منصبه هذا حتى صار لرئيساً للقسم.

الزعيم محمد فريد
الزعيم محمد فريد

في العام 1891 م، عمل محمد فريد بك في النيابة، وعمل قاضياً لنيابة الاستئناف، ثم بدأ نضاله حينما عمل في الصحافة، وكان نضاله بدأ يتشكل نواته أثناء عمله في النيابة، حيث وقف مع بعض المتهمين في إحدى قضايا النشر، فسخط عليه الإنجليز وطالبوا النائب العام بنقله، فنقل إلى نيابة بني سويف، فلم يتردد محمد فريد في الاستقالة من منصبه.

العام 1904 م كان هو الميلاد الرئيسي لوطنية محمد فريد حيث اعتزل المحاماة واتصل بالزعيم مصطفى كامل وعمل في الحزب الوطني، وأصدرا معًا صحيفتين باللغتين الفرنسية والإنجليزية، كما ساهم بنصيب مالي كبير في إنشاء صحيفة اللواء.

خطاب مصطفى كامل لـ محمد فريد في 19 يوليو 1898 م
خطاب مصطفى كامل لـ محمد فريد في 19 يوليو 1898 م
خطاب مصطفى كامل لمحمد فريد في 24 سبتمبر سنة 1906 م
خطاب مصطفى كامل لمحمد فريد في 24 سبتمبر سنة 1906 م

 

وفق توثيق عبدالرحمن الرافعي لكتاب مصطفى كامل، فعندما سافر الأخير خارجياً للدعوة باسم القضية المصرية سنة 1907 م، أناب عنه محمد فريد، في إدارة الصحف الثلاث الناطقة باسم الحزب، فقد رأى فيه مصطفى كامل خير خلف له، فاختاره وكيلاً للحزب في أول جمعية عمومية، كما أوصى بانتخابه رئيسًا من بعده، وبالفعل عندما توفي مصطفى كامل في 10 فبراير 1908 أجمع أعضاء الحزب على اختيار محمد فريد رئيسًا للحزب خلفًا لمصطفى كامل، و قد أصدر بيانًا للأمة ضمنه مبادئ الزعيم الراحل.

محمد فريد بك
محمد فريد بك

حمل محمد فريد عبء الزعامة بعد مصطفى كامل، فأشرف على تحرير الصحف الثلاث، ووجه سياستها في السبيل الذي رسمه مصطفى كامل واشترك في تحريرها بالعربية والفرنسية، كما أنشأ ناديًا للحزب وأشرف عليه، وعارض محمد فريد سياسة الوفاق بين الخديوي عباس حلمي الثاني والمعتمد البريطاني السير “جورست”، و تزعم مبدأ وجوب الجلاء، وتصدى لباقي الأحزاب التي رفضت فكرة الجلاء وأمنت بالمهادنة والسلام.

خطاب مصطفى كامل لمحمد فريد في 23 أغسطس سنة 1907 م
خطاب مصطفى كامل لفريد في 23 أغسطس سنة 1907 م

احتج على إنشاء المحكمة المخصوصة التي شكلت لمحاكمة من يتهم من المصريين بالتعدي على ضباط وجنود جيش الاحتلال، وهي المحكمة التي أصدرت حكمها في حادثة دنشواي، وأرسل محمد فريد خطابًا وطنيًا قويًا إلى الخديوي يستنكر فيه بشدة إنشاء مثل هذه المحكمة، كما طالب بالدستور، ودعا لذلك خطيبًا وكاتبا في نشرات مطبوعة.

سافر إلى أوروبا عام 1908، وطاف بفرنسا وإنجلترا وسويسرا، وندد بالاحتلال البريطاني، وطالب بالجلاء عن مصر، وعندما تألفت وزارة بطرس غالي في نوفمبر 1908 طالب الوزارة الجديدة بإعلان الدستور، كما احتج على اتفاقية السودان التي بمقتضاها صار لبريطانيا حق غير مشروع في حكم و إدارة السودان مع مصر.

محمد فريد - رسمة جريدة المصور
رسمة جريدة المصور

حارب بشدة مشروع مد امتياز قناة السويس من عام 1968 إلى عام 2008 نظير أربعة ملايين جنيه تدفع للحكومة المصرية وحصة مئوية هزيلة من الأرباح، فلقد حارب تلك الاتفاقية التي حاولت وزارة بطرس غالي أن توقعها خفية، فاغتيل بطرس غالي وتم رفض المشروع بفضل محمد فريد وثورته مع الحزب الوطني.

في أوائل عام 1910، سافر إلى أوروبا مرة أخرى، لمواصلة دفاعه في قضية مصر، فخطب ونشر وكتب البيانات في باريس وليون ولندن، وفي المؤتمر البرلماني الذي عقد في بروكسل، وفي غيبته جرت محاكمة الشيخ الغاياتي على إصداره كتابه “وطنيتي” وحكم عليه بالسجن، ولما عاد محمد فريد من أوروبا قدم للمحاكمة لاشتراكه في مقدمة الكتاب، وحكم عليه بالسجن لمدة ستة أشهر ورفض أن يطلب أحدًا من عائلته العفو له وخرج من سجنه في 11 يوليه 1911.

تقرير مراقبة
تقرير مراقبة

سافر إلى روما لحضور أحد مؤتمرات السلام ليعرض قضية مصر ويطالب بالجلاء، وناصر الليبيين في حربهم ضد إيطاليا ووجه الرأي العام العالمي لنصرة العرب في ليبيا، ومدهم بالمال والرجال، وضيقت عليه سلطات الاحتلال والحكومة الخناق، بسبب ثورته الداخلية والخارجية فاضطر إلى الهجرة خارج مصر ليواصل جهاده فسافر إلى الآستانة، ثم إلى باريس.

في عام 1912 حضر مؤتمر السلام في جنيف ووزع على أعضائه مذكراته عن القضية المصرية، التي تقرر عرضها في النهاية على المؤتمر، وأصدر فيها المؤتمر قراره القاضي بضرورة الجلاء فورًا عن مصر، و سافر في العام الذي تلاه إلى لاهاي، لحضور مؤتمر السلام الذي عقد فيها.

عباس حلمي الثاني
عباس حلمي الثاني

كان الخديوي عباس حلمي الثاني يوفد رسله للصلح مع محمد فريد ولما علم بوجوده في الآستانة التقى به الخديوي وأعطاه وعدًا بإصدار الدستور بعد إتمام الصلح بينهما، وأصدر الخديوي منشورًا وهو في تركيا يعلن فيه الدستور، ولكن بريطانيا أعلنت حمايتها على مصر عام 1914 وخلعت الخديوي عباس عن العرش.

في أكتوبر 1917 تقدم بمذكرة إلى الدول المحاربة المحايدة في الحرب العالمية الأولى طالبًا إقرار مبدأ استقلال مصر عند انعقاد مؤتمر الصلح، ثم أرسل تقريرًا في ديسمبر 1918 في مؤتمر الصلح بباريس إلى الرئيس الأمريكي “ويلسون” عقب وصوله إلى باريس، ثم أعقبه بتقرير ثالث في يناير 1919 م

عندما علم بقيام ثورة 1919 في مصر باركها ثم بعث بتهنئة إلى سعد زغلول وأعضاء الوفد المصري، وكان قد تردد على عديد من البلدان للاستشفاء من مرض الكبد الذي كان يعاني منه حتى توفي في 15 نوفمبر سنة 1919 م في برلين بألمانيا.

إقرأ أيضا
توقعات حلقات الحشاشين
حالة محمد فريد الصحية كما يذكرها عبدالرحمن الرافعي في تقريره ص 1
حالة محمد فريد الصحية كما يذكرها عبدالرحمن الرافعي في تقريره ص 1
حالة محمد فريد الصحية كما يذكرها عبدالرحمن الرافعي في تقريره ص 2
حالة محمد فريد الصحية كما يذكرها عبدالرحمن الرافعي في تقريره ص 2

إن كان محمد فريد قضى كل حياته بين الاعتقال والنفي، فإن جثته بعد وفاته لم تسلم أيضاً من المآسي، فلقد كانت شوارع مصر عام 1953 م، على أهبة الاستعداد لنقل رفات الزعيم محمد فريد من مقبرته بمدافن السيدة سكينة، إلى متحف مصطفى كامل ليوارى رئيس الحزب الوطني الثاني بجانب الأول، تحت إشراف فتحي رضوان صاحب المتحف والذي دُفِن هو الآخر فيه مع المؤرخ عبدالرحمن الرافعي.

خبر نقل رفات فريد من السيدة سكينة لمتحف مصطفى كامل
خبر نقل رفات فريد من السيدة سكينة لمتحف مصطفى كامل

لأسباب غريبة تعمدت تغطية الصحف لهذا الحدث، شخصية أخرى لولاها ما كان لهذه المناسبة أن تتم، بل وبسببه ما كان لـ “محمد فريد” أن يعود إلى مصر أصلاً، وهذه الشخصية هي شخصية خليل عفيفي تاجر المانيفاتورة الزقازيقي.

خليل عفيفي
خليل عفيفي

دور خليل عفيفي يتخلص في أنه جمع وتبرع بألوف الجنيهات، من أجل استرداد رفات محمد فريد، و استطاع أن يجمع 5000 جنيه وسافر إلى ألمانيا سنه 1919م، وفور وصوله أصيب بالتهاب رؤي حاد عطله عن نقل الرفات لمدة 3 أشهر، ثم تعنتت الحكومة البريطانية في استخراج تصاريح نقل الجثة، حتى تمكن بجهود المصريين هناك أن ينقل الرفات، وتم نقله في 21 مايو 1920 م وتوفي بعدها خليل عفيفي بثلاث سنوات.

 

إقرأ أيضاً

تاريخ مجمع التحرير .. نبوءات حذرت منه قبل افتتاحه فأسفرت عن 70 سنة أزمات

الكاتب

  • محمد فريد وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان