همتك نعدل الكفة
484   مشاهدة  

محمد كريم .. عاشق تمصير السينما ورائدها الأول

محمد كريم
  • كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



ربما لم يدرك الطفل صاحب السنوات الـ10 المولود في حي عابدين بالقاهرة، عندما اجتاز بوابة سينما «أمبير» التي كانت من أوائل دور العرض السينمائي في مدينته أن عمره كله سيرتبط بتلك الشاشة، وأن ذلك الانبهار الذي امتلكه حين شاهد فيلم «أسرار نيويورك» سيصاحبه بقية عمره القادم.
وهكذا بدأ محمد كريم رحلته المدهشة مع السينما بدءًا من شراء كاميرا فوتوغرافية بمصروفه الخاص، وتحول سطح المنزل الذي يسكنه في حارة الهدارة إلى استوديو، وتقليد الممثلين في الأفلام الأجنبية التي يشاهدها، وتصوير نفسه في حالات متعددة، بعد أن يضع المكياج لوجهه ليستطيع التعبير عن الشخصية التي يمثلها، وكأنه راهب يحظى بمراحل التطهير كي يهب نفسه إلى الرب.
ومن خلال مقالات كتبها محمد كريم عن تمصير السينما، ومراسلة بعض الجرائد الأجنبية كان الشاب على موعده الأول في برلين والذي استمر لسبع سنوات كاملة، استطاع فيها أن يلتحق باستوديوهات «أوفا» السينمائية، حيث عمل في قسم المونتاج، وفي خلال عام ونصف أصبح أحد مساعدي المخرج الألماني «فريتز لانج».
عاد «كريم» إلى القاهرة حاملًا حلمه بالتمصير بروح الرائد التي يخشاها الخوف والفشل، لكنه اضطر للوقوف على خشبة مسرح رمسيس مع يوسف وهبي ليؤدي دور ظابط في مسرحية «تحت العلم» على الرغم من محاولاته إقـنـاع يوسف وهبي بإنتاج فيلم سينمائي يقوم هو بإخراجه.
وحين فشل في ذلك اضطر لتصوير بعض المناظر الخارجية التي تقع في بعض مسرحيات يوسف وهبي، ودمجها في المسرحية أثناء العرض، وكأنه أيضا رائدا للفن المعاصر.
نجحت هذه التجربة الرائدة ونجحت بالتالي محاولات «كريم» في إقناع صديقه يوسف وهبي بدخول مجال السينما، وأنشئت شركة «رمسيس فيلم» وكان الاتفاق مع «كريم» على إخراج فيلم يكون باكورة إنتاج هذه الشركة، فاختار رواية «زينب» للأديب محمد حسين هيكل لتكون بـداية العـلاقـة بين الأدب والسينما المصرية وكان الفيلم صامتاً، لكنه أعاد إخراج هذا الفيلم ناطقاً في عام 1952.
وأقدم محمد كريم على تحويل مسرحية يوسف وهبي الناجحة «أولاد الذوات» إلى فيلم سينمائي ناطق من إنتاج وبطولة يوسف وهبي مع أفراد فرقته المسرحية، وصورت أغلب مشاهد الفيلم في باريس، لأنه لم تكن قد أقيمت بعد في مصر استوديوهات مجهزة بمعدات الصوت أو حتى الإضاءة، أما بقية المشاهد فقد صورت صامتة في استوديو رمسيس، وأدخلت عليها مؤثرات صوتية فيما بعد، ليكون أول فيلم عربي ناطق.
لم تكن صناعة السينما في مصر قد عرفت فن المونتاج بعد إلا عندما أُخرج هذا الفيلم، حيث تم عمل مونتاجه في باريس وتحت إشراف «كريم» نفسه.
أخرج «كريم» بعد ذلك كل أفلام الموسيقار محمد عبدالوهاب، وابتكر تقنية تصوير الأغاني داخل الأعمال السينمائية والدرامية والتي بقيت مستخدمة حتى وقتنا هذا.
كما أخرج فيلم دليلة من بطولة عبد الحليم حافظ عام 1956، وهو أول فيلم مصري يظهر بطريقة «سينما سكوب».

ماذا فعل محمد كريم قبل ١٠٠ عام ومازلنا نقلده؟

عندما قدم أنجح مطربي الثلاثينيات محمد عبد الوهاب فيلمه الأول: الوردة البيضاء، والذي كان عرضه السينمائي يوم 4 ديسمبر 1933 في سينما رويال بالقاهرة، وقدم من خلاله 8 أغنيات، ووضع محمد كريم المخرج من خلال هذا الفيلم القاعدة التي صورت بها الأغاني في الأفلام العربية حتى وقتنا هذا.

وهي تركيز الكاميرا على المطرب – الجالس أو الواقف – وهو يغني كل كوبليه وانتقالها لتتجول حوله في الطبيعة أو في من يقابله من الشخصيات الدرامية أثناء الفواصل الموسيقية.

وبروح العاشق، وبحظ الرائد وقبل رحيله عام 1972 بأربع سنوات، قدمت له الدولة منحة تفرغ لكتابة تاريخ السينما المصرية حيث عكف على البحث والدراسة معتمداً في ذلك على ذكرياته وذكريات أصدقائه المقربين منه، لكنه مات قبل أن يكمل كتابة هذا التاريخ الذي عُهد بتكملته إلى المخرج أحمد كامل مرسي.

 

إقرأ أيضا
مهرجان الاسكندرية للفيلم القصير

الكاتب

  • محمد كريم أسامة الشاذلي

    كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان