مدام رجاء الجداوي .. قُل للشامتين بنا أفيقوا
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
(1)
يومان متواصلان استمر خلالهما أحد التريندات الذي إذا أردنا أن نطلق عليه لقب فسيكون “أسخف تريند على مر التاريخ” .. أحد المرضى النفسيين الذي يمتلئ بهم الفيس بوك واخوته من مواقع السوشيال ميديا تفتق ذهنه الضيق عن إعداد أحد مقارنة بين أحد الأطباء الذين استشهدوا في مواجهة فيروس كورونا ، وبين الفنانة رجاء الجداوي ، وكانت المقارنة عبارة عن أربعة خانات ، الأولى منها خانة العمر : مكتوب فيها أن عمر الطبيب 30 عام .. وعمر الفنانة رجاء الجداوي 80 .. وباقي المقارنات بخصوص فارق السرعة في تعامل وزارة الصحة مع مدام رجاء والطبيب .
(2)
منذ شهر تقريبًا ظهرت رجاء الجداوي في إحدى الإذاعات العراقية وتحدث عن إنها تداوم على النزول إلى قرى الصعيد لإمدادها بالمواد الغذائية والطبية لمواجهة فيروس كورونا المستجد ، من مساكات لكمامات لمطهرات كحولية ، بالإضافة لقوافل طبية كاملة كانت رجاء الجداوي تباشر توزيعها أحيانًا بنفسها ، وبررت ذلك بأنها أم ، والأم لابد أن ترضع أبنائها في حالة الجوع، الأم لابد أن تدفئ أبنائها في حالة البرد ، الأم لابد أن تراعي في الأوقات العصيبة ، ولا يوجد أصعب من الظرف الذي يمر به الناس لذلك لابد أن تكون متواجدة باستمرار
في نفس التوقيت التي كانت فيه رجاء تساعد أهل الصعيد لمواجهة الفيروس، وبالتحديد في أحد مستشفيات الجمهورية ، كان الطبيب الشهيد واقفًا على قدمين مرهقتين لمواجهة الفيروس وتشخيص الحالات والتصدي لانتشار المرض، واقفًا في حرب الأطباء المقدسة ضد هذا اللعين المسمى بـ كوفيد19 الذي يهاجم البشرية.
(3)
ماذا نفهم مما تم سرده ؟ .. ما نفهمه بالتحديد أن هناك شخصين كانا يحملان هم الناس، أحدهما استشهد والآخر أصيب وأمره في يد الله فقط ، شخصين قاما بدورهما على أكمل وجه … وعلى النقيض هناك شخص ثالث قلبه ملئ بالحقد ، وعقله ملئ بالجهل .. قرر أن يشخصن الحكاية ، ويستغل الاتجاه الجمعي في عقول تم محو جزء من هويتها ضد الفن والفنانين لتحويل الصورة تمامًا وتغيرها ، وتوصيل الحكاية على إن وزارة الصحة تتحرك فقط لإنقاذ المشاهير من المرضى ، مستغلًا بذلك أيضًا اندفاع قطاع كبير من رواد السوشيال ميديا خلف المقارنات السطحية ، والعشق المتيم بالبكائيات واللطم على الخدود ، فيما تناسى أن هناك أكثر من 15000 حالة داخل غرف العزل .. وفرت الوزارة والجهات المختصة لهم كثير من الخدمات، ويوميًا تقوم الوزارة بعمل مسحات وتكتشف وتحارب بكافة قوتها .. مسعفين ، وممرضين ، وأطباء .. من أقصى مصر إلى أقصاها .. وأنه إذا اعتبر مدام رجاء الجداوي حالة من ضمن الـ 15000 حالة كان الأمر قد اختلف تمامًا ، لكن ما حدث أنه قارن بينها بالعمر .. فيما يعني دعوة علانية بعدم الاكتراث بحياتها ، وأن هناك روح أرقى من روح أخرى لمجرد كونها فنانة … ولو يعرف هذا الأحمق كيف يسمم بدن المجتمع بهذا الكلام .. ولو يعرف كيف يرسي قواعد همجية وغير إنسانية .. ولو يعرف إلى ماذا يقودنا هذا الطريق .. لما فعل ذلك ….. أو فعل ذلك وأكثر لأنه (غالبًا) قاصد !
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال