مديح القوة الناعمة
-
عبد الرحيم طايع
- شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة
كاتب نجم جديد
لم نحلم بهذا العالم طبعا.. العالم الذي لا عدالة فيه ولا محبة ولا أمل، حلمنا بعالم جميل وطيب، لكننا وجدنا هذا العالم أمامنا فاضطررنا لمعاملته، عاملناه فرفضناه أكثر وكرهناه أكثر؛ كم هو قاس وفظ وممتلئ بالحروب والأمراض والكوارث والخيانات والأكاذيب، وجدنا أنفسنا في ضنك مقبض؛ ففتحنا نوافذ الخيال، ومن خلالها أبصرنا الواقع، تبدلت الصورة فرأينا الخرائب حدائق زهور، بقيت المشكلة في أنوفنا التي لا تشم سوى روائح كريهة، يضغطها ما اعتادت عليه الذاكرة فتشم الحقيقة المؤسفة.. سألنا: ما العمل؟ المقاومة كانت أبلغ رد، بالكتابة وبالفن خصوصا، وبكل الوسائل التي يمكنها التغيير بدون فوضى؛ فالفوضى وبال جديد، ونحن لا تريد تعقيد الأزمة ولكن حلها.
كان علينا أن نكتب بجدية وإخلاص وتمكن، ونصنع فنا بوسعه أن ينير السبل فيدل الحائرين على المسارات الصحيحة، وقد كان، بقي من المصائب شيء وافر لأن تراكم آثارها طال مع السنين، لكن برق أمل كبير، انتشر وعي حقيقي، وولدت الأيام أجيالا تحترم العلم وتنشد المعرفة وتفضل التجدد، يا للكتابة ويا للفن، ما أعظم أثرهما، وما أتعس الناس الذين لا يبالون بهما!
السهل الذي لا يصنع فارقا أن نذم الأحوال متشائمين، ثم ننام بعدها نومة أهل الكهف، في انتظار مدد غيبي يوقظنا من السبات العميق، والصعب الذي يصنع الفارق أن نتأمل ما يجري مفكرين في ما يمنحنا قوة على خلق البديل اللائق بنا، الموتى يختارون السهل لأته كالعدم، والأحياء يختارون الصعب لأنه قرين النمو والبقاء..
أعرف بشاعة الأوضاع التي بحجم العالم، العالم الذي أرهقنا وأورثنا حسرة دائمة، ولا أتكلم هنا كلاما مرسلا عن كيفية إصلاحه، أتكلم من القلب، أتكلم وأنا أكتب شيئا يمكنه أن يبدد أحزاني الخاصة، وأحزان من يشبهونني، ومن يتابعون سطوري، ولو تكلم كل كاتب هكذا، وأدى كل فنان دوره، وفي يقينه أنه طوبة في بناء متطور مكين، لحدث تحور هائل فوق المتوقع.
لا حد لإيماني بالكلمة، ولا حد لثقتي في الفن، إنهما يحققان المعجزات، بل كل عصر فيه كلمة معتبرة وفن ممتاز هو عصر لا يخلو من المعجزات، ولو قال البشر مرة: لسنا في زمن المعجزات؛ فالمعنى الوحيد عندي تعبيرهم عن خلو زمنهم من الكلمة الرفيعة والفن البديع!
اقرؤوا تصحوا وشاهدوا واسمعوا واستمتعوا تصحوا، الكتاب النبهاء نعمة بين أيديكم والفنانون الراقون نعمة تحف بكم، ومن كفر بالنعمتين فقدهما، ومن فقدهما فقد يضيع. لو لم تكونوا حلمتم بعالم كالعالم الذي نعيش فيه؛ فابدؤوا عالما مختلفا فورا، ابدؤوه على هدي من كتابة ملهمة، ومن فن موح، القوة الناعمة حق والمبطلون من يظنون بها الظنون، أو يرون نصاعة الحقيقة بعيدا عن تجليها العبقري، ستنهي الكتابة والفن مآلنا السيئ لا محالة!
الكاتب
-
عبد الرحيم طايع
- شاعر وكاتب ولغوي - أصدر ثلاثة عشر كتابا إبداعيا - حصد جائزة شعر العامية من اتحاد الكتاب المصريين في ٢٠١٥ - كرمته وزارة الثقافة في مؤتمر أدباء مصر ٢٠١٦ - له أكثر من ٥٠٠ مقالة منشورة بصحف ومواقع معتبرة
كاتب نجم جديد