همتك نعدل الكفة
365   مشاهدة  

مذكرات زوج.. فن تطريز التفاصيل

مذكرات زوج


الحدث هو المحرك الأول لأي دراما، هو ما يخلق الصراع ويقويه، وتتصاعد وتيرة الدراما بتصاعد الأحداث، ولكن بجانب الحدث يوجد العديد من الأمور لخلق بناء درامي متماسك، عناصر إن شئنا الدقة يجب أن تكون متوافرة في العمل ومن أهمها هو التفاصيل، التفاصيل هي عصب الدراما، وهذا ما فعله محمد سليمان عبد المالك في مذكرات زوج، السيناريو الأذكى لهذا العام.

يعاني البطل من إحساسه بالهامشية، من زوجته والأهم من أطفاله، فحينما يريد السيناريست أن يدلل على أن الزوج كان محل اهتمام بالفعل ولكنه لم يتم تقديره، أمامه الكثير من الحيل، المباشر منها وغير المباشر، ولكن بذكاء محمد سليمان عبدالمالك، دلل على أهمية الزوج عن طريق ابنته، الطفلة التي اكتشفت أن والدها مع حبه القديم من خلال ظهر لقميص يرتديه دون أن ترى وجهه، تلك التفصيله البسيطة تعطيك إجابة على تساؤل حول إن كان الزوج بالفعل محل اهتمام أم لا.

مذكرات زوج
مذكرات زوج

وتلك التفصيله أيضًا كانت محركة للحدث، فبعدها أخذت الدراما منحنى مختلف، بدأت الزوجة بالتصعيد فازداد الصراع سخونة، وعلى الرغم أم المسلسل يصنف انه اجتماعي خفيف فهو ليس بالكوميدي وليس بالتراجيدي، ولكن هذا المسلسل الاجتماعي كان به من الصراع وتصاعد الأحداث ما يوازي أحد مسلسلات التشويق والأكشن، والفضل هنا للبساطة، الآدمية التي أضفاها محمد سليمان عبدالمالك على شخصياته وأفعالهم وردود أفعالهم.

المؤلف محمد سليمان عبدالمالك
المؤلف محمد سليمان عبدالمالك

مذكرات زوج لمحمد سليمان عبدالمالك ينتمى لشكل درامي أحب تسميته برحلة 360 درجة، حيث يدور البطل حول نفسه ليعود لنفس النقطة ولكن بعد العديد من التغيرات، وهذا ما فعله رؤوف الدوران حول نفسه استكشف كل ما في حوله، وفي تلك الرحلة تغيرت شخصيته وتغيرت الشخصيات المحيطة به، فكافة الخطوط انتهت نهايات مناسبة لشخصيتها، حتى النهاية غير السعيدة لقصة يارا ويوسف انتهت نهاية منطقية لمسار شخصياتهم.

وليست الكتابة فقط هي العامل الرئيسي لجودة مذكرات زوج ولكن أيضا كان هناك نضج في الإخراج إذا جاز التعبير، فهم للطبقة الاجتماعية التي تحدث بداخلها الأحداث، فهم لنوع الدراما المقدمة، اختيار ممتاز للممثلين وقيادة ممتازة لهم من وجود هامش واضح من الحرية لكل ممثل في دوره، كل هذا ساعد في أن يحتل مذكرات زوج مرتبة الأفضل بالنسبة لي مما شاهدت هذا العام.

YouTube player

في رأيي أن أكبر إشادة يمكن أن تقدم لأي ممثل أن يتم وصفه بالصادق، وطارق لطفي كان شديد الصدق مع رؤوف، لطفي أحب الشخصية وأحب تقديمها فبرع فيها لدرجه مذهلة، ليكون مقنعًا صادقًا في كل المراحل التي مر بها رؤوف، حتى حينما وقع السيناريو في فخ غلق كافة الخيوط الدرامية المفتوحة في الحلقتين 14 و15، كان أداء طارق لطفي متماسكًا ليكون جسر يمرر ذلك التسرع في غلق الخطوط، تلك المشكلة التي كان يجب وضعها في الحسبان منذ البداية، فلو كان لسليمان عبدالمالك مشكلة في الكتابة، فهي أنه بنى دراما تحتاج أكثر من 15 حلقة، فحينما اقترب من النهاية كان عليه أن يكسر النمط الزمني الذي سار عليه من البداية في رواية الأحداث والقفز بالأحداث لمحطات سريعة لنرى الختام.

إقرأ أيضا
زكي رستم

يثبت محمد سليمان عبدالمالك للسنة الثانية على التوالي، أن الدراما الاجتماعية الصادقة والشخصيات الحقيقية قادرة على تقديم عمل جماهيري ناجح وعلى مستوى فني عالي، ولن أكون مبالغًا – بل سأكون منصفًا – إذا قولت أن محمد سليمان عبدالمالك يدشن لشكل جديد من الدراما نفتقده كثيرًا، والأهم أنه في طريقه ليكون أحد مدارس السيناريو الهامة.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان