مرايات حمزة نمرة وسياسة الكيل بمكيالين
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
عندما بدأت موجات أغاني الراب والتراب ومعها المهرجانات في الانتشار داخل ساحة الغناء؛ انبرت أقلام كثيرة للدفاع عنهم وعن مشروعهم الغنائي “بفرض وجوده من الأساس” داعمين ما يقدمونه وكأنه فتح موسيقي جديد يقاوم تيار الموسيقى السائد في محاولة للتعبير عن ذواتهم وطبقاتهم الإجتماعية المهمشة.
تلك الحجة روج لها على نطاق واسع في محاولة لتجنب شبهة التعالي على تلك الأنماط الموسيقية الجديدة وفي نفس الوقت عندًا في تيار الموسيقى الرسمي المحصور في قرارت نقابة المهن الموسيقية ضد مطربين الراب والمهرجانات، نفس تلك الأقلام لا تتوانى ولو لثانية كي تهاجم ما يقدمه حمزة نمرة مع ابتداع حجة جديدة وهي المطرب الكئيب بعد أن ظل لفترة طويلة مطرب الإسلاميين أو في أحسن الأحوال مطرب التنمية البشرية.
في أغنيته الجديدة “مرايات” يعطي حمزة نمرة درسًا مهمًا عن كيفية صناعة اغنية ذاتية جدًا بصياغة متماسكة جدًا ودون معالجة نخبوية، تتفوق على ما يروج له صناع المهرجانات والراب والتراب عن أنهم يعبروا عن ذواتهم وطموحاتهم وأحلامهم التي تتكسر على صخرة الواقع دون أن يتهمهم أحد بانهم يصدروا لنا الكآبة أو يعيدوا تدوير أفكار أغانيهم.
الكلمات:
نلاحظ تطور كبير في صياغة محمود فاروق من ناحية تماسك الأفكار وفي نفس الوقت معالجة الفكرة بشكل بسيط دون تعقيد أو محاولة إضفاء بعض العمق مع تمرد على قاموس مفرداته الغنائية عكس ما كان يفعل في السابق حيث كانت تخرج الأمور عن السيطرة قليلًا.
رغم ذاتية الفكرة إلا أنها تتسع لتشمل أفكار كثيرة “أحلام ضائعة، قصة حب فاشلة، صراع معتاد مع الحياة والبشر” وهكذا.
الموسيقى:
لحن قوي جدًا من حمزة نمرة على مقام الكرد، اختار حمزة تنويع جمل اللحن ما بين جملة شجية قوية جدًا في بداية الأغنية “مرايات والصورة عكس الصورة” ثم انتقل بجملة مغايرة تمامًا على نفس المقام يؤديها بشكل أقرب إلى الإلقاء المنغم “ريستاتيف” بها بعض اللمحات الساخرة التي تشير إلى مدلول الكلمات.
اختار أندريا مينا صب اللحن في قالب موسيقي التراب بدأه بتنغيم من حمزة نمرة على كوردات البيانو مع إعطاء مساحة جيدة لخط الغناء مع تحويل جملة اللحن ثم اختار التوقيت المناسب جدًا لدخول الإيقاع بداية من جملة “يتنطط قلبك يزقطط” مع التخلي عن جملة فاصل موسيقي حيث فضل أن تكون مقدمة الأغنية هي “السينيو” أو اللزمة التي تعاد وتسلم المقاطع.
الأغنية في مجملها جيدة جدًا ومحاولة من حمزة لمواكبة التغير الحاصل في الذوق العام وفي نفس الوقت قادر على منافسة أي تيار غنائي بديل لكن بالطبع ستخرج علينا بعض الأقلام تتهم حمزة نمرة بأنه يصر على تصدير الكأبة لنا ويبدو ان سياسة الكيل بمكيالين هي التي تسوق تلك الأقلام وتتحكم فيما يكتبون.
أكيد راجعين ، عالم كدابة والعودة إلي نقطة الصفر
الكاتب
-
محمد عطية
ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال