لماذا يحب المصريون مشاهدة حلقات مرتضى منصور وأحمد موسى؟
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أجلس في مقهى لا يبث على تليفزيونها إلا مباريات كرة القدم ، وغير مسموح مطلقًا بتشغيل أفلام السينما والأغاني ، هي بالتأكيد أشياء لا تليق بالرجال ، لكن هناك استثناءً واحدًا مسموح بتشغيله على الشاشة المباركة .. حلقات مرتضى منصور مع الإعلامي أحمد موسى ، يجلس الرجل الكبير صاحب القهوة في منتصفها بالضبط .. يأمر الصبيان بضبط الولعة والمعسّل ، لأن شيئًا شديد الأهمية سوف يبدأ الآن ، يتسمر الناس في الشارع والمنزل قبل هذه الفقرة بالذات باهتمام مبالغ فيه، اهتمام يثير التساؤل .. لماذا يحب المصريين مشاهدة حلقات مرتضى منصور وأحمد موسى ؟
التسلية
لا تخلو حلقات مرتضى منصور واحمد موسى من التسلية ، عندك مثلًا حلقة اليوم ، سأل الإعلامي احمد موسى رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور .. هل سيلعب الزمالك يوم الاثنين ضد الأهلي ، أم سينسحب ؟ فأجابه “مرتضى” : سأجيبك بعد الفاصل
أتحداك أن تشاهد ضيفًا يزيد من عنصر التشويق أكثر من المذيع نفسه ، يعيدنا هذا إلى حلم مرتضى منصور القديم في أن يصبح مذيعًا أو صحفيًا وتدريبه في عدة صحف خلال فترة الدراسة في الجامعة وما بعدها ، الأمر الذي يفسر أيضًا عشق مرتضى منصور للميديا ، حتى إنه يكاد يعمل كليبًا لنفسه كل صباح .. يصوّر اللقاءات الخاصة مع لاعبي الزمالك ، ولو أنه يستطيع أن يصور النفس الذي يتنفسه لن يتردد ، هذا الرجل صحفيًا قبل أن يكون أي شئ .
التجانس
لا أعتقد أن محاورًا يستطيع الخروج بحلقة “تسلطن” الساكنين في القرى والنجوع مع مرتضى منصور بقدر أحمد موسى، فهو محاور بقدر ضيفه بالضبط ، رجل يسمح لضيفه أن يتحدث في كل شئ – وهو ما يحبه الناس- عندك مثلًا السؤال الذي سأله اليوم : هل سيعاقب نادي الزمالك لاعبيه عن أحداث الشغب بعد مباراة السوبر الإماراتي ؟
فقام الضيف مرتضى منصور بالرد عن كل شئ وأي شئ في الدنيا إلا هذا السؤال ، تحدث عن القائمين عن الاتحاد الإفريقي والتاريخ الذي يربطه بهم ، من أول مزاملته لأحدهم في مدرسة الابتدائية بنين في بشالوش شرقية ، للقفز مع أحدهم والشعبطة في المترو من أيام بولاق وروض الفرج ، وناقش تاريخ عمرو الجنايني ، وتاريخ الجغرافيا في مصر والطوبوغرافيا والجيولوجيا في أيسلاندا والرأي العام في كرواتيا .. يناقش كل شئ وأي شئ إلا الرد عن السؤال المطلوب ، كل هذا النقاش والناس في غاية الاستمتاع والسلطنة ، والمذيع لا يستوقفه ، عشوائية محببة للنفس وتثير الضحك والابتسامة أكثر ما تثير التساؤل عن نظام سير الحلقة
أهلاوي يحاور زملكاوي
المتابع الجيد للحوارات التي جمعت مرتضى منصور باحمد موسى تجد أن آخر اهتمامات الاثنين هي كرة القدم ، احساس أي متابع للحوارات أن آخر ما يتم النقاش فيه هو المستطيل الأخضر ، الباص والثرو والأوفر ، وهو الأمر الذي يروق للبعض سماعه أيضًا ، الحديث عن السحر ، والعين، والشعوذة .. الحديث عن قصة شعر لاعب وإمكانية خسارة فريق كامل بسبب قصة شعر لاعب من عدمه ، وتفاؤله وتشاؤمه ، وكيف أن جيم بينج بونج وارتداء البدلة الزرقاء قبل المباراة هو السبب الرئيسي في الفوز على الأهلي .. الجميع يعترف بعدم جدية هذا الكلام .. لكن الجميع يحب سماع هذا الكلام
نهاية الحلقات
يترك الإعلامي أحمد موسى المايك لمرتضى منصور لمدة دقيقتين في نهاية كل حلقة بقدرة قادر تتحول الدقيقتين إلا ساعة أو يوم أو سنتين على الأقل ، يشعر مرتضى أن نهاية هذه الحلقة هي نهاية الدنيا ، فيقول كل ما يريد قبل أن تنتهي الحلقة .. تحدث اليوم في نهاية الحلقة في السياسة وأغاني المهرجانات والاقتصاد والرومانسية والحب ، طلب مرتضى منصور وقت زائد في الحلقة ليجيب أحمد موسى عن السؤال : هل ستلعب يوم الاثنين أمام الأهلي؟ .. ولم يجيب حتى الآن
بدأت الحلقة ثم انتهت .. ضحك صاحب القهوة، وكركع ، وانتهت الحلقة بلا إجابة عن الحلقات ، لكن حققت الحلقة هدفها .. التسلية .. فقط التسلية
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال