مريم البتول.. برأها القرآن من دنس اليهود وأصبحت أطهر نساء العالمين
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يأتي القرآن الكريم بالقول الحق في مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام ، فيرفع عنهما ما جاء من افتراء المنتسبين إليهما الذين انحرفوا عن تعاليمهما وغالوا فيها غلوا شديدًا ، كما دافع القرآن الكريم عن عيسى عليه السلام من ظلم أعدائه من اليهود وغيرهم ممّن رموا أمّه بالفاحشة واتهموه بسوء اْلمنبت.
ماقبل ولادة المسيح عليه السلام
يحدثنا القرآن الكريم عن نشأة مريم البتول وكيف أن الله سبحانه وتعالى اصطفاها على نساء العالمين، إذ توجهت “امرأة عمران” _أي أم مريم عليها السلام _ بالدعاء لربها بعد أن وهبت مافي بطنها إلا الله سبحانه وتعالى، وفي الحقيقة أن هذا النذر الذي نذرته امرأة عمران إنما يدل على ما في قلب هذه المرأة من قوة إيمان فليس بالسهل أن تنذر ما في بطنها خالصا لله محررا من كل قيد ومن كل شرك .
وجاء في النص القرآني قولها في سورة آل عمران “إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ”
ولم تكتفي بهذا النذر بل دعت ربها حد الرجاء أن يتقبل منها ما في بطنها، وكان هذا النذر بالمناسبة على فرض الذكورة كما يبدو من إشارات النصوص القرآنية، لأن النذر للمعابد لم يكن إلا للصبيان ليخدمو الهيكل وينقطعوا للعبادة والتبتل.
ولكن بعد الوضع وجدت أنها أنثى فتجدد عزمها على الوفاء بنذرها وتوجهت بالدعاء أن يحفظها هي وذريتها من الشيطان الرجيم وأن يجعلها من الصالحات القانتات.
فقال تعالى في سورة آل عمران “ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ ۖ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ”
وكان جزاء هذا الإيمان الخالص من قلب الأم أن تقبل الله وليدتها بقبول حسن وانبتها نباتا حسن فسكنتْ في حضانة الطهر والسمو.
قال تعالى “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا”
مريم البتول في كفالة نبي من أنبياء الله
قام على تنشأة مريم البتول نبي من أنبياء الله وهو نبي بني إسرائيل زكريا عليه السلام _عظيمهم الذين يرجعون إليه_ ، إذ وجهها إلى العبادة الصحيحة وتنزيه القلب من كل أدران الشرك و الإثم فنشأت نشأة مباركة .
كما هيئ الله سبحانه وتعالى لمريم البتول من رزقة فيضا عظيما حتى ليعجب كافلها_ زكريا عليه السلام_ من فيض هذا الرزق فيسألها : كيف ومن أين هذا كله ؟ فتقول في خشوع وتواضع « هو من عند الله إن الله…».
فقال تعالى” وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ”
كل هذه التمهيدات إنما لأمر عظيم حيث كانت تُعد لأن تستقبل نفخة الروح وكلمة الله ، وأن تلد عيسى عليه السلام على غير مثال ولادة البشر، ولذلك كانت الملائكه تأتيها فتخبرها باصطفاء الله لها لهذا الأمر،” وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ”
تبشير مريم بعيسى عليه السلام
بعد أن تأهلت البتول مريم بالطهر والتمسك، انتُبذت من أهلها مكانا شرقيا لتبشرها الملائكة بعيسى عليه السلام فقال تعالى” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا”
وفي أثناء وجودها في هذا المكان نزل إليها جبريل عليه السلام في صورة بشر كامل في مكان منعزل وهي وحدها فخافته و ظنت أنه يريدها لنفسه فـ “قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا” ، فقال لها الملك مجيبا لها ومزيلا لما حصل من الخوف فقال ” إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا “
ردت عليه مريم قائلة كيف يكونو لي غلاما ولست بذات زوج ولايتصور مني البغي قَالَتْ” أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا “ فقال لها الملك سنجعله آية للناس أي علامة على قدرة الخالق ” قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا”.
حملت مريم كما تحمل النساء ويقول ابن كثير في تفسيره ” والمشهور والظاهر والله على كل شيء قدير أنهت حملت به كما تحمل النساء بأولادهن ، فلو كانت عادتها في مدة حملها بخلاف عادة النساء لكان ذلك أولى بالذكر” فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا(22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)”
ولما ولدت سيدنا عيسى عليه السلام ذهبت إلى قومها ، وكان ذلك مفاجأة لهم فهم يعرفون نسبها ، ولكن المفاجأة كانت بأمر غريب بينهم بأنها عذراء ليس لها زوج فهذه المفاجأة كانت داعية اللاتهام، خاصة وأنه في هذا الموقف كان الاتهام مبني على قرينة وحجة فقال تعالى “فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) سورة مريم
ورحمها الله سبحانه وتعالى حينما أظهر دليل براءتها في ذلك الموقف وفي ذات اللحظة حينما أنطق رضيعها حينما أشارت إليه أمه قائلًا” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)“
مريم البتول الطاهرة من كل خطيئة و إثم مريم العابدة الناسكة خير نساء العالمين ..كان عيسى آية من ربها كما قال القرآن الكريم، وليس شيء آخر مما افترى به اليهود وغيرهم عنها .
الكاتب
-
مي محمد المرسي
مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال