مسرحية عطية الإرهابية “كيف استقبلها نقاد التسعينيات في الحكومة والمعارضة”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اختتمت الفنانة سهير البابلي مسيرتها على خشبة المسرح ببطولة مسرحية عطية الإرهابية في يوليو عام 1992 م قبل اعتزالها، وحينها أحدث صخبًا نقديًا، خاصةً وأنها جاءت خلال موجة عنف شهدتها مصر.
فكرة مسرحية عطية الإرهابية
تدور فكرة المسرحية حول عطية بائعة كشك الجرائد المجاور لمبنى مباحث أمن الدولة، وتتعرض لمضايقات من شرطة المرافق تنتهي بصدور قرار يقضي بإزالة الكشك فتضطر للسفر إلى قبرص.
اقرأ أيضًا
سهير البابلي .. الاستثناء الوحيد في تاريخ الكوميديا
تتطور الأحداث بعد ذلك حيث يتم الاشتباه بها بأنها على صلة بمجموعة إرهابية لأن هناك فتاة اسمها صوفيا شبيهة لعطية فجرت مبنى مباحث أمن الدولة، ويتم اتهام عطية بأنها عضو في ذلك التنظيم، وهي بريئة من ذلك إلى أن تعمل لصالح الأمن المصري وتتمكن القبض على العصابة.
مسرحية عطية الإرهابية في مرآة النقد التسعيناتي
لم تتوانى الصحف القومية الحكومية وصحف المعارضة في المتابعة النقدية لمسرحية عطية الإرهابية، فجميعهم وإن كانوا قد اتفقوا على عظمة سهير البابلي، لكنهم عابوا على إبراهيم مسعود مؤلف المسرحية.
الشهيد مدحت أبو بكر: المؤلف لم يكن عند حسن الظن
« وأنت تضحك لا تشغل بالك بالأبعاد الدرامية ومنطقية الأحداث وملامح الشخصيات، ومثل هذه المصطلحات لو راعها المؤلف لشاهدنا مسرحية كوميدية تتحدى الإرهاب بجميع أنواعه، لكن منه لله الأخ بتاع سلم نفس الذي جعل عطية الإرهابية تقاوم الإرهاب بالضحك فقط».
بهذا الحكم اختتم الدكتور مدحت أبو بكر «شهيد حريق بني سويف» نقده للمسرحية بشكل في مقاله على جريدة الوفد يوم 28 فبراير 1983 م، حيث قال اعتقدت أني سأشاهد دراما مسرحية واعية تتحدث عن الأبعاد المختلفة للإرهاب وتناقض أنواعًا أخرى لهذا العدو المجتمع الثقيل، لكن المؤلف إبراهيم مسعود لم يكن عند حسن اعتقادي وخطف الفرحة التي لم تتم وطار، واتضح أن مسألة الأنواع الأخرى للإرهاب ما هي إلا لقطات سريعة مثل الفلاشات التي تختفي قبل أن تظهر، ثم تحولت المسرحية إلى عصابة ومطاردات وانتهت بسلم نفسك انت”.
البناء الدرامي للشخصيات انتقده مدحت أبو بكر حيث ذكر أن المؤلف وضع صراع هزيل وضعيف بين عدة فئات، ففئة الإرهابيين كانوا بدون ملامح أو فكر أو توجه، أما فئة المباحث فكانوا مجموعة كاريكاتيرية مبالغ في تجسيد شخصياتها على نحو كوميدي، وعلة ذلك أن النص فاقد للقدرة على التوجه وتحديد الأهداف، فتم اللجوء إلى التلفيق الدرامي لأن قدراته لا تسعفه على استكمال الفكرة التي كانت في أمس الحاجة إلى مؤلف مسرحي مبدع.
لم ينتقص مدحت أبو بكر من المؤلف إبراهيم مسعود، فقد اعتبره رائدًا من رواد سيناريست الجاسوسية حيث كتب إعدام ميت وبئر الخيانة وهو من الموهبين في كتابة الإثارة والتشويق مثل مفتش المباحث وتوالت الأحداث عاصفةً، لكنه فارس في دنيا الدراما السينمائية والتلفزيونية ولم يتمكن من اقتحام دنيا المسرح، وامتدح مدحت أبو بكر الدكتور نبيل الحلوجي مهندس الديكور وكان موفقًا في إيجاد حلول لتقديم الملامح التشكيلية لأجواء المسرحية وتفاصيل.
أدرك جلال الشرقاوي عيب النص بحسب مدحت أبو بكر، فلجأ إلى تخليق الكوميديا من المواقف والحركة معتمدًا على قدرات 3 من نجوم الكوميديا الفارس والأداء التقائي وهم سهير البابلي بشهرتها الخلاقة في الكوميديا، وحسين الشربيني صاحب خفة الظل والخبرة القوية في عقد صداقة فورية بينه وبين المشاهدين، وأحمد آدم الذي امتلك حضوورًا مشعًا حلال العرض، ويضاف لهم رضا حامد الذي بذل جهدًا لإثبات الذات وسط الممثلين.
هشام السلاموني: المؤلف ناقض نفسه
اتفق هشام السلاموني في جريدة الأهالي عدد 21 إبريل 1993 مع رؤية مدحت أبو بكر حول عيوب النص حيث ذكر بأن الفكرة طموحة لكنها أكبر من إمكانيات النص.
وعبر هشام السلاموني عن ذلك بقوله «المؤلف جعل عطية صديقة صدوقة لضباط ومباحث وجنود ومساجن أمن الدولة، ولم يستطع أن يقنعنا بأن البوليس كان من الممكن أن يطاردها بدلاً من العميلة، كانوا في النص يعرفون عن العملية كل شيء ويعرفون عن عطية كل شيء، فكيف ولماذا اختلطت الأمور ؟»
آمال بكير: سهير البابلي صاحبة النجاح وجلال الشرقاوي غطى النقص
آمال بكير انضمت إلى قافلة ناقدي النص على جريدة الأهرام في 5 مارس 1993 م إذ قالت «النص غير موفق، لكن سهير البابلي بحضورها وخفة ظلها تملأ المسرح بمتعة خاصة لا يملكها غيرها، وهذه خاصيتها حتى وهي بعيدة عن المسرح، أما المخرج جلال الشرقاوي فقد استطاع أن يغطي نقص النص بحركة جيدة على المسرح ليملأه حيوية داخل إطار بديع من ديكورات جيدة موحية لولا خفتها أو عدم تثبيتها بالقوة، وأيضًا استخدم إضاءة جميلة عمقت أكثر من مشهد في العرض»
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال