رئيسة التحرير
رشا الشامي
همتك نعدل الكفة
213   مشاهدة  

مسلسل معاوية.. نتاج سردية شيعة معاوية

شيعة معاوية
  • شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



المقال المرة دي مش هيكون عن مسلسل معاوية قد ما هيكون عن صراع السرديات بين “شيعة علي” و”شيعة معاوية”، و”شيعة معاوية” ده مُصطلح صكيته على أيدي -خلال أول حلقة من سلسلة الدين الموازي– لتفادي التمييز المذهبي بين الطرفين الرئيسيين في أحداث الصراع القرشي-القرشي على عرش الإمبراطورية العربية الصاعدة وقتها، الصراع المعروف في الأدبيات العربية الإسلامية بـ “الفتنة الكبرى”.

شيعة معاوية
سلسلة الدين الموازي على موقع الميزان

شيعة معاوية = أنصار معاوية

(الفتنة الكبرى) هي صراع على السُلطة كان نتيجته انقسام المسلمين لمعسكرين رئيسيين، أنصار علي بن أبي طالب وأنصار معاوية بن أبي سفيان، وبما إن كلمة “شيعة” من مرادفاتها كلمة “أنصار” فنقدر نقول “شيعة علي” و”شيعة معاوية”.

صراع طويل جدًا -شغال بقاله خمستاشر قرن- خلاله كل معسكر كان حريص على دعم نفسه والطعن في الأخر، ولأن العرش المتنازع عليه هو عرش إمبراطورية قايمة على أساس ديني ومُكتسبة شرعية حكمها منه، فالصراع بين الطرفين ماكنش عسكري وبس إنما خد بُعد ديني.. كل فريق لجأ لتجميع روايات وأحاديث منسوبة للنبي تدعم موقفه وتشيطن الفريق الأخر، عشان مع الزمن يتكون عندنا مذهبين مختلفين وكل واحد فيهم بيكفر التاني.. وطبعًا بيأكد إن هو صحيح الإسلام.

وزي كل صراع من النوع ده بقى فيه عركة على مستوى السردية التاريخية، فحصل نفس الانحياز على مستوى التأريخ وكل فريق دون التاريخ والحاضر من وجهة نظره؛ ، كمان يبقى عندنا سرديتين للتاريخ الإسلامي.. سردية خاصة بشيعة علي والتانية خاصة بشيعة معاوية، وكل واحدة بتتهم التانية بالتزييف أو الانحياز وعدم الدقة الحيادية.

شيعة معاوية
معنى كلمة شيعة من لسان العرب لابن منظور

عودة للمسلسل

أهو “مسلسل معاوية” ده بقى هو شكل من أشكال تجليات سردية “شيعة معاوية” للتاريخ، عشان كده مثلا كُتاب السيناريو حاولوا يقدموه في شكل أسطوري ويخلقوا لشخصيته بُعد ديني؛ زي ما شوفنا مع بعض في تحليل الحلقة الأولى. وإزاي تعمدوا تفادي وقائع وأحداث تاريخية مهمة و”معاوية التاريخي” كان طرف فيها.. لإنها هتتعارض مع صورة “معاوية الدرامي” اللي عاملين المسلسل عشان يرسموها؛ زي ما شرحت بالتفصيل في تحليل الحلقة التانية.

تلاعب واضح بالتاريخ تسبب في هجوم كبير على المسلسل وهو لسه ماتعرضش منه غير 3 حلقات بس، هجوم كان نتيجته تصريح من الصحفي/ خالد صلاح “مُشارك في التأليف” يحاول فيه تبرير الموقف.

وبعض المنصات الإعلامية تنشر كلام إن المخرج/ طارق العريان “مخرج العمل” طلب حذف اسمه من تترات المسلسل، والملفت إن اسمه فعلا مش موجود في التتر.

أهمية التصريحات دي إننا نكون واخدين بالنا إن المتفرجين صوتهم وصل لصناع العمل بفضل السوشيال ميديا.. وهي اختراع شديد الحداثة، فلو رجعنا بالزمن عشرين سنة لورا.. ماكنش حد هيسمع صوتهم، ولو رجعنا خمسة وعشرين سنة.. ماكنش هيبقى فيه منصات إعلامية مستقلة تقدر تقدم رؤية مختلفة عن السائد في الإعلام الرسمي، بالتالي نقدر نتخيل شكل عملية كتابة التاريخ/السردية من ألف وخُمسُميت سنة.

الصراع بالوراثة

في الحلقة التامنة من سلسلة قصة الإسلام اللي كسب القضية شرحت بالتفصيل إزاي الصراع القرشي-القرشي (الفتنة الكبرى) عبر تحولات وتطورات زمنية أخد النهارده شكل يناسب الوضع السياسي العالمي الراهن، فبقى عندنا ما يعرف بالصراع العربي-الإيراني.

“شيعة علي” بقوا مذهب ديني اسمه “الشيعة” وانتشر في مناطق الفُرس بعد سقوط دولتهم على أيد العرب/المسلمين.. وحاليا جزء كبير من المناطق ده أتجمع في دولة حديثة اسمها إيران بتتبنى المذهب الشيعي.

و”شيعة معاوية” همه كمان بقوا مذهب ديني لكن اختاروا لنفسهم اسم “أهل السُنة والجماعة”، المُنتصر يختار الاسم اللي يعجبُه، بس الكتلة دي ولإنها أكبر بكتير ماتجمعتش حاليا في دولة واحدة.. إنما في مجموعة دول كلها ناطقة بالعربية (باستثناءات طفيفة).

طيب إيه لزمة الفقرة دي كلها؟ وعلاقتها إيه بموضوع المسلسل؟

المسألة ببساطة إن “مسلسل معاوية” إنتاج دولة من الدول الناطقة بالعربية (أهل السُنة والجماعة) والتنفيذ تم عن طريق فريق عمل برضه من نفس المنطقة؛ ودي دول بتعتبر نفسها امتداد أو ورثة لـ”شيعة معاوية” بالتالي تبقى “الدولة الأموية” هي مرجعية سياسية أو عمق تاريخي لدولهم.

إيران إنطلاقًا من السردية الشيعية بتقدم “معاوية” وأنصاره بوصفهم معسكر الأشرار وإن “الدولة الأموية” مغتصبة للسلطة، وبما إن المذهب الشيعي مش بيحرم ولا بيضيق على تجسيد الشخصيات الدينية فسبق وقدموا أعمال فنية كتيرة باللغة الفارسية بتتبنى رؤيتهم، لكن بعد سقوط العراق ومن بعدها سورية وزيادة النفوذ الإيراني في البلدين.. تم إنتاج المزيد من الأعمال دي لكن المرة دي باللغة العربية.

إقرأ أيضا
مواهب فنية مهدرة

عشان كده تم إنتاج “مسلسل معاوية” بهدف إنه يكون تجلي درامي للسردية السُنية/الأموية في مواجهة التجليات الدرامية للسردية الشيعية/العلوية.

شيعة معاوية
صورة من مسلسل معاوية

غياب الموضوعية

في الواقع الفريقين مفتقدين للموضوعية وكل طرف فيهم بيحاول ينتقي اللي على مزاجه أو حتى يلوي دراع الحقيقة عشان تناسب سرديته؛ وأشهر مثال على ده هو خطبة النبي في حجة الوداع وما ورد فيها من جزء عرف باسم “حديث الثقلين” المختلف على نصه؛ فهل النبي قال: (تَركتُ فِيكم الثَّقلين، ما إن تمسَّكتُم بهما، لن تضلُّوا: كِتابَ اللهِ، وعِترتي أهلَ بيتي) ولا (كتاب الله، وسُنتي).

بعيد عن مين في الروايتين صح.. ولا حتى الروايتين غلط؛ المهم إن كل مسلم سُني حضر صلاة الجمعة في أي جامع حدانا سِمِع الخطيب بيقول الحديث بصيغة (كتاب الله، وسُنتي) بمنتهى الثقة.. لدرجة تخلي الناس تتعامل مع الصياغة دي إنها مفروغ منها ومافيش فيها شك من أي نوع، وده رغم إنها مش موجودة بالصيغة دي في صحيح مسلم والحديث نفسه مش موجود أصلا في صحيح البخاري.

YouTube player

ختام

العركة السرمدية بين المُعسكرين مش بس قسمت المسلمين.. وجعلت الإسلام مذهبين بيكفروا بعض.. وحولت عملية التأريخ لجزء من المنافسة فبقت أغلب الروايات منحازة وغير موضوعية؛ إنما كمان غَطِّت على المظلومية الأكبر في تاريخ دولة العرب-المسلمين.. مظلومية الأنصار، لكن دي قصة تانية ممكن أبقى أحكيها بعدين.

الكاتب

  • شيعة معاوية رامي يحيى

    شاعر عامية وقاص مصري مهتم بالشأن النوبي ونقد الخطاب الديني

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان